لندن
تقدم الاشتراكيين في انتخابات الجمعية العمومية في فرنسا، وعلاقة الاقتصاد البريطاني باقتصاد الاتحاد الأوروبي، والتشدد في قوانين الهجرة في بريطانيا وحملة الهجوم ضد ألمانيا ومستشارتها في أوروبا... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية.
بداية قوية
في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي، تحت عنوان:quot;فرصة فرانسوا هولاندquot;، رأت quot;الجارديانquot; أن كافة الدلائل تشير إلى أن الرئيس الفرنسي وحزبه الاشتراكي سيكون لهما موقع مهيمن في البنى السياسية الفرنسية، بشكل يفوق كافة التوقعات، حيث أظهرت نتائج الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية، أن الاشتراكيين وحلفاءهم سيحوزون غالبية مقاعد الجمعية بعد انتهاء الجولة الثانية من هذه الانتخابات، والتي تعقد الأسبوع القادم. وتقول الصحيفة إن تلك الأغلبية ستجعل الاشتراكيين قادرين على تنفيذ أجنداتهم دونما حاجة للدخول في مساومات وتفاهمات مع الأحزاب الصغيرة في الجمعية الوطنية رغبة في كسب أصواتها، وخصوصاً تلك المصنفة ضمن أحزاب quot;اليسارquot; المتشدد.
وترى الصحيفة كذلك أن الانتصار الأخير للاشتراكيين يعتبر الحلقة الأخيرة في سلسلة الانتصارات المتوالية التي حققها الاشتراكيون في الانتخابات المحلية والجهوية وانتخابات المدن الكبيرة وانتخابات مجلس quot;الشيوخquot;، والتي توجت بفوزهم بمنصب الرئاسة، وأن الانتصار الأخير هو بمثابة تكليف من الشعب الفرنسي، لأنه يمكن quot;هولاندquot; من القيادة دون معارضة تذكر، بيد أنه يجب أن ينظر إلى القرار على أنه يتيح أمامه فرصة نادرة كي ينفذ سياساته، التي لا بد وأن تراعي مصالح فرنسا ومصالح الشعب الفرنسي في المقام الأول، بل ومصالح القارة الأوروبية، وعليه أن يقبض على تلك الفرصة، ولا يتركها تفلت من يده.
الخيار الصائب
quot;يجب على بريطانيا أن تختار طريقها في ساعة الاتحاد الأوروبي الأكثر قتامةquot;، هكذا عنونت quot;ديلي تلجرافquot;افتتاحيتها يوم الأحد الماضي التي أشارت في بدايتها لمقال كتبه وزير الخزانة البريطاني في quot;الصنداي تلجرافquot; وقال فيهquot; نحن نقترب من لحظة الحقيقة في منطقة اليوروquot;. وترى الصحيفة أن تلك العبارة لاتعبر عن حقيقة الوضع وأنها تنطوي على توصيف مخفف لحد كبير، لأن تلك المنطقة تواجه ليس لحظة حقيقة، وإنما تواجه أزمة وجودية عميقة، تهدد مصيرها ذاته حيث تشير دلائل عديدة على أن هناك احتمالاً كبيراً لخروج اليونان من منطقة quot;اليوروquot;، وإعلان عجزها عن سداد ديونها الخارجية البالغة 300 مليار يورو، وهو ما سيؤدي لخسائر كارثية للدول الدائنة وللبنوك المقرضة. ولن يقتصر الأمر على ذلك حيث يشير الخبراء الماليون إلى أن إسبانيا في حاجة لمقدار مقارب لهذا المبلغ حتى تستطيع التغلب على أزمتها الاقتصادية هي الأخرى، ولكي تجنب بنوكها الكبرى خطر السقوط الوشيك المعرضة له في الوقت الراهن. وترى الصحيفة أن الأموال التي خصصها البنك المركزي الأوروبي لإنقاذ الاقتصادات العليلة في القارة لن تكون كافية لمعالجة أزمات تلك الدول، مما قد يعرض البنك نفسه لخطر نفاد رصيده من الأموال في أمد ليس بالبعيد، وأن الحاجة تستدعي أن تعمل بريطانيا على تحديد موقفها في هذه الساعة القاتمة، وأن تصر في هذا الصدد على مبدأ أن الدول الأعضاء في منظمة العملة الأوروبية الموحدة، يجب أن يتفقوا على اتباع سياسة مالية أكثر تماسكاً، وعلى الدخول في اتحاد سياسي يطلق عليه quot;أوزبورنquot; (الولايات المتحدة لمنطقة اليورو)، ويعتقد أنه سيكون الأمل الوحيد لتلافي حدوث حالات سقوط غير منظم في دول المنظومة، ويمكن أن تؤدي لعواقب كارثية. وترى كذلك أنه يتوجب على بريطانيا كذلك العمل على التصدي للآثار الحالية للأزمة الراهنة، والتي يترتب عليها نتائج بالغة السوء، وهو ما انتبه إليه quot;أوزبورنquot;، كما يدل على ذلك تصريحه القائل quot;إن تعافينا يتعرض للقتل على أيدي الأزمة التي تقف على أعتابناquot;، غير أن المطلوب منه أيضاً الرد على النقاد الذين يتهمون الحكومة بالعجز عن اتباع السياسات، التي تؤدي لتعزيز النمو الاقتصادي، وإثبات أنه كان محقاً لأقصى درجة عندما قال إن اقتصاد بريطانيا لا يمكن أن يسترد صحته في الوقت الذي تعاني فيه منطقة quot;اليوروquot;، التي تستورد نصف الصادرات البريطانية من أزمة طاحنة وشديدة القتامة.
تشتيت الشمل
يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان quot;حزب المحافظين يتحول إلى حزب رديء بشأن الهجرةquot;، كتب quot;إيان بيريلquot; مقالاً فيquot;الأوبزرفرquot;، مشيراً إلى أن حزب quot;المحافظينquot; البريطاني كان يكرر دائماً في أدبياته أن الحزبquot; سيعمل على جعل بريطانيا الدولة الأكثر صداقة للعائلة في أوروبا، وأنها في حاجة ماسة للعائلات المتماسكة الطيبة لمساعدة المجتمع البريطاني على العمل بصورة جيدة، وأن الدولة ستبذل قصارى جهدها على جعل أفراد العائلات تعيش مع بعضهاquot;. الكلام جيد للغاية كما يقول الكاتب، ولكنه يتناقض تماماً مع ما يقوم به الحزب على أرض الواقع حيث يسعى لتشتيت شمل الأسر في بريطانيا، وعلى وجه الخصوص الأسر الفقيرة والمهاجرة. بدليل ما صرحت به quot;تيريزا مايquot; وزيرة الداخلية البريطانية الأسبوع الماضي عندما قالتquot; إن أي بريطاني- أو بريطانية- يفكر في الوقوع في الحب مع أي أحد من خارج دول الاتحاد الأوروبي، عليه أن يدرك أنه لن يكون قادراً على إحضاره لبريطانيا، إلا إذا كان دخله يصل إلى 18,600 جنيه استرليني في العام، وبعد توافر الشرط سيخضع الشخص الذي يحضره للإقامة في بريطانيا لفترة تجربة لن تقل عن خمس سنوات قبل أن يتم البدء في التفكير في منحه الإقامة- بدلًا من فترة العامين الحالية- وإذا ما كان هذا الشخص غبياً لدرجة تجعله يفكر في الإنجاب فإن عليه أن يدرك أن مبلغ الحد الأدنى للدخل المطلوب سيتزايد ساعتها بدرجة كبيرة.
يرى الكاتب أن هذا القانون سييء وغير إنساني لأنه أولًا: سيؤدي لتشتيت شمل 15 ألف أسرة في بريطانيا، وثانيًا: لأنه يستهدف الفقراء الذين لا يستطيع معظمهم أن يتحصل على الحد الأدنى من الدخل السنوي المحدد أعلاه. وثالثاً، أنه يمكن أن يحرم بريطانيا من أفراد متفوقين وموهوبين من أقليات عرقية معينة متماسكة يمكن أن يساهموا في إثراء المجتمع البريطاني، وهي كلها اعتبارات تتطلب من الحكومة البريطانية أن تعمل على إعادة النظر في هذا القانون واستبداله بقانون آخر أكثر إنسانية.
حملة ظالمة
quot;نحن نعزل ألمانيا ونحملها فوق طاقتها برغم ما يحمله ذلك من مخاطر عليناquot;، تحت هذا العنوان كتبquot;جايدون راتشمانquot; يوم الاثنين الماضي مقالًا في الـquot;فاينانشيال تايمزquot; أشار فيه إلى انتقادات عنيفة تتعرض لها ألمانيا وتتعرض لها مستشارتها أنجيلا ميركل بسبب إصرارها على السياسات التقشفية التي يجب أن تتبعها الدول المثقلة بالديون مثل اليونان وإسبانيا على وجه الخصوص وبسبب تحفظها الأخير على الاقتراحات التي طرحها البعض للخروج من الأزمة مثل طرح سندات باليورو أو تطبيق ما يعرف بالوديعة التأمينية، وهو تحفظ يقوم على أساس أن أي خطوات تتخذ في هذا الصدد يجب أن تكون جزءاً من مشروع أكبر وأكثر تكاملاً مثل تكوين اتحاد سياسي على سبيل المثال، لأنه دون ذلك سيكون الأمر هو أن ألمانيا تمنح دول جنوب أوروبا بطاقة ائتمان تسحب بها من البنوك ما تريد وتشتري بها ما تشاء من دون وضع حدود على ذلك الائتمان. ويحذر الكاتب من خطورة عزل ألمانيا من خلال النظر إليها على أنها تقف في الجانب المضاد لأوروبا بأسرها، وأن ينتبه الاقتصاديون والساسة إلى أن ما يطلبونه من ألمانيا يفوق قدرتها على التحمل، كما قد يعرض حكومتها لهزات كبيرة وأن يعملوا على توجيه الشكر والاعتراف بالجميل لها بدلاً من شن حملات ظالمة عليها.
إعداد: سعيد كامل
التعليقات