دبي
تمر ثورة الياسمين التي دشنت الربيع العربي ببعض المخاضات الطبيعية لسياق التحول الكبير الذي يشهده المجتمع التونسي، فحظر التجول نتيجة القلاقل التي شهدتها عدة مدن أمر لا يعدو كونه إلا أزمة عرضية، فمن حق الجميع في تونس الديمقراطية أن يعبروا عن رأيهم ضمن القوانين التي شرعتها الدولة، ذلك أن الثورة التي دشنت الربيع العربي جاءت تلبية لحاجة أساسية لدى الفرد والمجتمع في أن يجد نفسه مشاركاً في تقرير مصيره ويعبّر عن رأيه.
إن تونس هي ترمومتر وبوصلة الأوضاع في الدول التي تشهد ربيع الديمقراطية، وليس خفياً أن الوضع فيها هو الأفضل من كافة النواحي مقارنة مع الدول العربية التي كللت ربيعها بأنظمة حكم جديدة، ذلك أن بلداً سياحياً لا يمكن له تحقيق المكاسب من هذا القطاع الحيوي والمصيري من دون ثقافة التسامح والانفتاح على الآخر.
وهذا الأمر يدركه التونسيون جيداً، فالديمقراطية تعني في أحد أوجهها أن طرفاً واحدا لا يستطيع احتكار إطلاق الأحكام على المجتمع وتنوعه، واضطراب الحكم وزرع القلاقل لا يستفيد منه سوى المتصيدين في الظلام عن مكاسب فئوية.
حمى الله تونس وشعبها من كل مكروه، وكل التمني أن يكون الحوار والاحتكام للعقل والمصلحة العليا للبلاد هو الإطار العام لحل المشكلات. فالرأي لا يمكن فرضه بالقوة من جانب فئة لها رؤية مغايرة في حدث ما، وثورة الياسمين جاءت لتوسع من مساحة الرأي والرأي الآخر في السياسة والمجتمع. والخير يأتي من التسامح وإفساح المجال أمام ثقافة الحوار لتكون سلاح ثورة الياسمين ورأسمالها أمام الرؤى الإقصائية والأحادية.
آن لشعب قرطاج أن يقطف ثمار حريته التي دفع ثمنها من دمه، وذلك لن يتم بمجرد إجراء انتخابات وتشكيل برلمان وحكومة ونظام رئاسي بصلاحيات محددة، بل إن أعتى الدول الدكتاتورية لديها كل هذه المؤسسات، فعاقبة الأمور هي في سلاسة العلاقة بين مؤسسات الحكم وتلبيتها لتطلعات الشارع المحقة وكيفية حل المشاكل بلغة الحوار. والأمر الذي يدعو للتفاؤل أنه في اللحظات المصيرية عودنا شعب تونس بالوقوف كتفاً لكتف في وجه أي تهديد لمكتسبات ثورة laquo;الياسمينraquo;.