الرياض
مضى أكثر من 15 شهرا على بداية الأزمة السورية، ولا يزال الوضع يزداد دموية وتعقيدا، برغم كل الجهود الدولية والعربية لاحتواء الأزمة ووضع حد لإراقة الدماء. ورغم أن مشاهد المجازر الوحشية لمدنيين أبرياء، بما في ذلك أطفال ونساء، أثارت الرأي العام العالمي بسبب بشاعتها ووحشية مرتكبيها، إلا أن تعقيد الوضع في سورية وموقعها الجيوسياسي منع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام من القيام بأي خطوة عملية على الأرض، خاصة أن روسيا والصين استخدمتا الفيتو لإجهاض أي قرار دولي يسمح باستخدام القوة على غرار ما حدث في ليبيا.
لكن المبادرة الروسية الأخيرة لإيجاد حل للوضع في سورية أعادت بعض الأمل، ولو كان بعيدا، بإمكانية الوصول إلى حل سلمي. التحدي الأهم في هذه المرحلة أن تتمكن موسكو من استضافة جميع الدول المؤثرة على الأرض، فغياب أي دولة من الدول يترك فراغا لا يملؤه الآخرون، ويشكل نقطة ضعف وخلل قد تهدد بهدم أي بناء تتوصل إليه الأطراف الأخرى. وبغض النظر عن الخطوات العملية التي يمكن أن يعتمدها أي منتدى للوصول إلى السلام في الداخل السوري، فإن الغاية الأهم التي يجب أن تتحقق في النهاية هو نقل سورية من مجرد تجمع جغرافي يحوي عددا من الأقليات القبلية والدينية والعرقية والإثنية، إلى دولة عصرية تكون فيها المواطنة هي الأساس، بعيدا عن كل أشكال الطائفية والعنصرية.
إن ما يحدث في سورية يتحول كل يوم باتجاه حرب أهلية طائفية بشعة، وربما تكون تلك المرحلة قد بدأت فعلا ووصلت الأمور إلى نقطة تصعب العودة منها، لذلك ربما يكون من الحكمة إعادة النظر في المسار السلمي السياسي الذي وضع أطره العامة كوفي عنان لحل الأزمة في سورية قبل فوات الأوان.
إن المنطق يدعو إلى إيجاد حل عملي لمسألة المشاركين في المؤتمر بغية الإسراع في إيجاد حل مقبول، شرط ألا يكون على حسب العدالة وإهدار حقوق وتضحيات الشعب السوري. إن على روسيا، إذا كانت جادة في طرحها لمؤتمر السلام، أن تعلن صراحة عن تأييدها لقرار دولي ملزم يجبر النظام السوري على الالتزام بمقررات مثل هذا المؤتمر الدولي.
لقد تعبت حناجر السوريين من الصراخ وآن للمجتمع الدولي أن يسمعها ويساعد على وقف معاناتهم.
التعليقات