القدس المحتلة

ستُعلم هوية رئيس مصر القادم خلال الايام القريبة فقط، لكن أصبح من الممكن الآن ان نشير الى نتيجة مهمة واحدة للجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات وهي ان الجماهير في مصر لم تحتشد في الشوارع للتظاهر لأنهم 'يسرقون الثورة منها'.
ولم يخرجوا ايضا للاحتجاج على ان مقرب مبارك احمد شفيق الذي تولى آخر رئاسة وزراء للرئيس المخلوع، ينافس في الانتخابات. بل تدفقوا زرافات زرافات الى صناديق الاقتراع للاقتراع والتأثير ومنحوا الانتخابات بذلك الشرعية، وهي التي ربما تتوج شفيق رئيسا لمصر.
في يوم الخميس الاخير ألقت المحكمة الدستورية في مصر قنبلة سياسية كما تذكرون، فقد أجازت لشفيق ان ينافس في انتخابات الرئاسة وألغت في مقابل ذلك انتخابات مجلس الشعب التي منحت الحركات الاسلامية أكثرية ساحقة، وبذلك دعمت شفيق ومؤيديه الذين يريدون إبقاء الوضع الراهن في مصر على حاله في نضالهم لمؤيدي الحركات الاسلامية الذين يريدون 'ان يصبغوا مصر بالاسلام'.
في أعقاب حكم المحكمة اتجهت العيون الى ميدان التحرير. هل ستحتشد فيه ملايين للاحتجاج على الحكم كما حدث عدة مرات خلال السنة الاخيرة؟ بيد انه تبين ان الجماهير في مصر فضلت ان تمضي الى صناديق الاقتراع لا الى ميدان التحرير، وتبين ان مؤيدي الحركات الاسلامية قد أحجموا ساعة الحسم عن مجابهة معلنة لمؤسسات الدولة والجيش وفضلوا الخضوع.
بيد ان المعركة على مصر ما تزال بعيدة عن النهاية. ان استطلاعات الرأي تمنح محمد مرسي تفوقا، وهو رجل الاخوان المسلمين. واذا انتخب مرسي فسيبدأ نضاله للجيش في مسألة من الذي يسيطر على الدولة حقا ومن يملك القرار في مسائل السياسة الخارجية والامنية.
وفي المقابل فان فوز شفيق يعني ان الشارع المصري قد انعقد عزمه على انهاء الثورة واعادة الحياة في مصر مسارها الطبيعي.
وسيكون هناك تفسير محتمل آخر لهذا الفوز هو نشاط الجيش واجهزة الدولة من وراء الستار مع تأييد جماهيري واسع للافضاء الى فوز المرشح الذي يريحهم.
مهما كانت النتيجة فان الانتخابات ليست نهاية الامر بل هي مرحلة اخرى في طريق طويل ينتظر مصر الى ان يعود فيها الاستقرار والى ان ينشأ فيها نظام مركزي قوي ومستقر يتمتع بالشرعية والتأييد.

اسرائيل اليوم