بغداد - حيدر الحاج

لا يبدو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، آبه لمحاولات مناوئيه الحثيثة التي يسعون من خلالها إلى الإطاحة به من كرسي الحكم، لاسيما وان المعطيات تشير إلى انه تمكن من تخطي laquo;مرحلة الخطرraquo; بعد موقف رئيس الجمهورية جلال طالباني الداعم له، وتفتت جبهة خصومه على صخرة انشقاقاتهم الداخلية.
علامات الثقة والتفاؤل من فشل مشروع إقصائه عن سدة رئاسة الحكم الذي حمله معارضوه منذ أشهر، برزت واضحة في كلام وملامح المالكي عندما كان يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك عقده ليل أمس الأول مع إبراهيم الجعفري رئيس laquo;التحالف الوطنيraquo; أكبر كتلة برلمانية في المجلس التشريعي والتي ينتمي إليها المالكي نفسه.
إذ قال وبلغة قاطعة ردا على استعدادات خصومه لاستجوابه تحت قبة البرلمان تمهيدا لسحب الثقة عنه، إنه laquo;لا استجواب ولا قضية سحب ثقة إلا حينما نصحح وضع المؤسسة التشريعيةraquo;، محذراً من أن أي خطوة في هذا الاتجاه لأنها laquo;ستجعل البلد يدفع الثمنraquo;، على حد قوله.
المالكي الذي يوصف من قبل دوائر مراقبة دولية بـ laquo;رجل العراق القويraquo;، بدا وكأنه يريد فرض شروطه في إطار مساعي حلحلة الأزمة السياسية الناشبة في البلاد، بقوله إنه laquo;لم يبقَ هناك أي حل للأطراف المعارضة سوى القبول بالحوار والدستور والجلوس إلى طاولة المفاوضاتraquo;.
لكن يبدو أن شروطه هذه لن يذعن لها أي من الخصوم، لاسيما وان الجهود المحلية والمبادرات التي أطلقت بهدف فك شيفرة التعقيد التي أحاطت بالمشهد السياسي منذ ديسمبر المنصرم، وما رافقها من وساطة إيرانية - أميركية على صعيد احتواء الأزمة ولو موقتا، قد باءت جميعها بالفشل، وخير دليل على ذلك فشل عقد القمة الزعاماتية التي دعا إليها طالباني منذ نهاية العام الماضي والتي ذهبت فيها الجهود الرئاسية الحثيثة أدراج الرياح.
ومن الدلائل الأخرى التي تفيد بصعوبة التئام طاولة الحوار السياسي، هي توقعات المالكي التي رجح فيها رفض معسكر مناوئيه الجلوس على طاولة واحدة، قائلا laquo;هم يرفضون الحوار قطعاً ويخافون أن يشاركوا فيه، لأن من يأتي للحوار يجب أن يكون سليم الملف حتى لا يواجهraquo;.
المعلومات التي حصلت عليها laquo;الرايraquo; من مصادر سياسية متطابقة، تشير إلى إن أطراف الأزمة وتحديدا ائتلاف laquo;دولة القانونraquo; بزعامة المالكي وكتلة laquo;العراقيةraquo; البرلمانية التي يقودها غريمه التقليدي إياد علاوي، لا يحبذان الجلوس وجها لوجه على طاولة واحدة، لاسيما وأن كل منهما متمسك بشروطه وسقف مطالبه المرتفع.
والى ابعد من الشروط والتوقعات تلك، هدد المالكي شركاءه في حال رفضهم خيار الحوار، باللجوء إلى خيار حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما اتضح في كلامه عندما قال laquo;أمامنا خياران لا ثالث لهما إما الحوار والانفتاح على كل المشاكل وإما أن نذهب باتجاه آخر وانتخابات مبكرة، خصوصاً أن القضية لا تتحمل استمرار سلطة تشريعية مختطفةraquo;.
فريق المناوئين لم يلتزم الصمت تجاه تصريحات خصمهم اللدود، بل جاءت الردود سريعا من أطراف هذا الفريق المتعددة، إذ وصف النائب حمزة الكرطاني احد أعضاء قائمة علاوي، المالكي بـ laquo;المختطف للحكومة والمتجاوز لكافة الصلاحيات بتفرده بالسلطة وتهميشه للآخرينraquo;.
فيما اعتبر الأكراد حديث المالكي الذي رفض فيه الخضوع لأي استجواب أو سحب ثقة منه قبل أن يتم تصحيح وضع البرلمان، بـ laquo;الأمر المستغربraquo;، مؤكدين أن رئيس الوزراء laquo;يتحدى بهذا الحديث الدستور والدولة والديموقراطيةraquo;.
وفي خضم المناوشات الكلامية الدائرة ضمنا وعلنا منذ فترة بينه وبين رئيس البرلمان أسامة النجيفي - الذي يعتبر احد عرابي مشروع حجب الثقة - وجه المالكي تساؤلات صوب غريمه الجديد laquo;أين البرلمان من المخالفات التي تحصل كانتهاك الدستور في أكثر منطقة من العراق سواء كان في موضوع النفط، أو موضوع الحدود، أو موضوع العلاقات الخارجية؟raquo;. وهنا يشير إلى التقارير والمعلومات التي تتحدث عن إبرام الحكومة المحلية في محافظة نينوى الشمالية التي يسطير عليها حزب النجيفي صفقات نفطية مع شركة laquo;اكسون موبيلraquo; الأميركية بعيدا عن رقابة الحكومة المركزية في بغداد، والتي يقال إنها تمت بتشجيع من حكومة الإدارة الإقليمية في المنطقة الكردية التي لديها ملفات خلافية مماثلة مع حكومة المالكي.
رئيس الحكومة الذي يتهمه مناوئيه بانتهاك الدستور والتفرد بإدارة دفة الحكم في البلاد، رد عليهم بنفس أسلوبهم إذ اتهمهم بـ laquo;انتهاك الدستور بشكل صريح وواضح، لا مجرد ارتكاب مخالفات فقطraquo;، مؤكدا ان laquo;انتهاكات خصومه تهدف إلى عرقلة عمل الحكومة والعملية السياسيةraquo;.
وبعبارات شديدة اللهجة، فهم انه يغمز فيها من قناة خصومه وتحديدا النجيفي، اعتبر المالكي ان laquo;صاحب الصوت العالي هو أكثر الناس انتهاكاً للدستورraquo;، لافتا إلى laquo;وجود عدد من النواب متهمين بقضايا تتعلق بالإرهاب والتزوير.. لكن يبدو أن البرلمان لا يستطيع أن يصحح وضعه وينظف صفوفه من هؤلاءraquo;.
ويمضي بالقول: laquo;من يريد أن يستدعينا لاستجوابنا في البرلمان أو طرح قضية أخرى، عليه أولاً أن يصحح وضعه القانوني التشريعي، وأن يتصدى للمخالفات الموجودة داخل مجلس النواب وفي داخل الكتل التي يتشكل منها البرلمانraquo;.
هذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مناوشات كلامية بين المالكي والنجيفي، فسبق وتبادل الرجلان في مناسبات عدة laquo;اتهامات ورسائل كلامية مبطنةraquo; حيال الصراع القائم بين التيارين السياسيين اللذين ينتميان إليهما، كما صعدا خطاباتهما الانتقادية تجاه بعضهم البعض رغم المبادرات والمساعي المبذولة من قبل طالباني تحديدا لإيقاف هذا laquo;التناطحraquo; الكلامي.