هدى الحسيني
مع التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، بعد تأكيد سابق بأنها لا تفكر في إغلاقه، ومع المؤتمرات التي تعقد في طهران، مرة من أجل فلسطين ومرة من أجل سوريا، ومع العروض المغرية بإيصال الكهرباء إلى لبنان، حتى مجانا، تخفي القيادة الإيرانية قلقا من الأزمة المالية التي يعانيها قطاع الطاقة.
منذ الأول من هذا الشهر، زاد هذا القلق المتعلق بالاستقرار النفطي الإيراني. حظرت أوروبا النفط الإيراني، فحاولت إيران أن تضغط على الشركات في الشرق الأقصى لتكثيف طلباتها، لكن كانت كوريا الجنوبية، الاقتصاد الآسيوي الرئيسي الأول الذي يوقف واردات النفط الإيراني، ويسيطر بالرعب على القادة الإيرانيين، كونت دولا آسيوية أخرى تستورد النفط من إيران، وسوف تلجأ إلى اتخاذ تدابير لضمان الشحنات. اليابان أقدمت على ذلك، وطلبت الهند من إيران ترتيب الشحن والتأمين على صادراتها إلى الهند، كما أن الصين طلبت من إيران ترتيب الشحنات إليها. يضاف إلى هذا، قلق الشركات الدولية بخصوص الاستقرار في قطاع الطاقة الإيراني وعلاقة الحرس الثوري بالنفط.
في أواخر شهر أبريل (نيسان) الماضي، نقل رستم قاسمي وزير النفط الإيراني، إلى الرئيس محمود أحمدي نجاد حالة القلق المتزايد لدى مديري شركات النفط والغاز في إيران بشأن قطع العلاقات التجارية مع الشركات الأجنبية في جميع أنحاء العالم. كان هذا بسبب عدد من الاستفسارات قدمها إلى شركات النفط الإيرانية شركاؤهم في التجارة، طلبوا توضيحات بشأن المسائل التالية: المتانة المالية في مواجهة العقوبات الدولية، علاقة الشركات مع الحرس الثوري، التخوف من احتمال انتهاك المعاهدات البيئية الدولية، والتقارير المثيرة للقلق حول هجمات على أنظمة الكومبيوتر، وأيضا التخوف من عدم قدرة الإيرانيين على الوفاء بالتزاماتهم.
بعد سماع أحمدي نجاد التفاصيل التي أدت بقاسمي إلى الطلب منه زيادة كبيرة في ميزانيات الشركات الإيرانية، كان رده: بسبب المصاعب الاقتصادية، وفي ظل المناخ السياسي الراهن سيكون الأمر في منتهى الصعوبة.
في الثلاثين من أبريل الماضي، عقد اجتماع تنفيذي في مكتب الرئيس الإيراني لبحث مشكلة قطاع الطاقة، ضم إلى جانب أحمدي نجاد، وزير النفط قاسمي، ووزير الشؤون الاقتصادية شمس الدين حسيني، وحاكم البنك المركزي محمود بهماني. أبلغ قاسمي المجتمعين بما جرى معه قبل أسبوع أثناء لقائه مديري شركات النفط والغاز الرئيسية: شركة النفط الوطنية الإيرانية، شركة ناقلات النفط، شركة الغاز الوطنية، الشركة الوطنية للبتروكيماويات، شركة نفط وغاز بارس، وشركة سيبانير التي يملكها الحرس الثوري بالكامل.
حذره هؤلاء من العدد المتزايد من الاستفسارات التي تلقوها حديثا من كبار المسؤولين في الشركات العالمية، ومنها شركات في اليابان، وتركيا، والهند.
وزع قاسمي نسخة من أحد هذه الاستفسارات التي تلقتها الشركات وكانت تركز على مسائل كثيرة أبرزها: أن الشركات الأجنبية قلقة لأن شركاءها في إيران يترنحون على حافة الانهيار الاقتصادي، لعجزهم عن الحصول على الأموال بسبب العقوبات الدولية، وفصل البنوك الإيرانية عن نظام الـlaquo;سويفتraquo;، مما يحرم الشركات من تسوية المليارات من الدولارات من الديون المستحقة على شركة النفط الوطنية الإيرانية. وكانت وكالة laquo;رويترزraquo; أشارت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى أن إيران تجد صعوبة في تسديد قروضها، بعد قرار البنك الفرنسي laquo;بي إن بي باريباraquo; إلغاء مبلغ مليار دولار من القروض التي سبق تمديدها لإيران.
الاستفسارات أعربت عن قلقها بشأن الاستقرار المالي لشركة الناقلات الإيرانية، بسبب مشاكل التأمين التي تجبرها على إضافة بند laquo;القوة القاهرةraquo; في العقود، وهذا يتعلق بحدث خارج إدارة الدولة أو الشركة. وأوضح قاسمي للرئيس، أن هذه إشارة إلى القيود التي تجعل من الصعب على الشركة تأمين ناقلاتها، ونتيجة لهذا فإن أسطول الناقلات ليس بقادر على الرسو في الكثير من الموانئ (وكانت شركة التأمين الصينية laquo;تشاينا بي آند آيraquo; أعلنت مؤخرا أنها ستوقف تأمين الناقلات الإيرانية ابتداء من الأول من شهر يوليو (تموز)، لذلك ألغت عدة شركات نفط طلباتها.
كما أبلغ قاسمي المجتمعين، بأن الكثير من الشركات طلبت إضافة بند laquo;القوة القاهرةraquo; على أي عقود مستقبلية مع إيران، بسبب العقوبات والقيود المختلفة وحتى تتجنب الاضطرار إلى أن تدفع تعويضات لإيران في حال وقوع اضطرابات.
ما يقلق الشركات الأجنبية أن تتهم بأنها تتحايل على العقوبات المفروضة على إيران، بسبب ما تقوم به الناقلات الإيرانية في عرض البحر لتجاوز العقوبات، كما أنها قلقة من علاقة الشركات الإيرانية بالحرس الثوري الذي تم تعيين ضباطه في مناصب إدارية عليا في قطاع الطاقة خلال رئاسة أحمدي نجاد، وعلى سبيل المثال، في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي تم تعيين ضابط الحرس الثوري رستم قاسمي وزيرا للنفط، وأدى هذا إلى سلسلة من التعيينات لمساعديه من laquo;خاتم الأنبياءraquo;، ذراع البناء في الحرس الثوري، في مناصب عليا.
وجود الحرس الثوري يجعل من الصعب على الشركات الإيرانية أن توقع عقودا مع شركات دولية.
قال الوزير إن ما يثير مخاوف الشركات الأجنبية أن تتهم من قبل هيئات دولية، بإقامة علاقات مع الحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي يعرضها لمخاطر اقتصادية متزايدة.
وعندما سئل وزير النفط من قبل المجتمعين، عما تقوم به الناقلات الإيرانية لتجاوز العقوبات في البحر، كان الجواب أنها توقف نظم التعرف الآلي، فلا يسجلها الرادار.
استفسارات الشركات تضمنت مزاعم أن شركة النفط الوطنية وشركة الناقلات تنتهكان المعاهدات الدولية، وأشارت الاستفسارات إلى حادثة محددة، حيث إن ناقلة إيرانية فرغت النفط في ناقلات في البحر، عندما منعت بسبب العقوبات، من دخول الموانئ في جنوب شرقي آسيا. وقال الوزير إن الملاحظات التي أبدتها الشركات الأجنبية، تفيد بأن الناقلات الإيرانية كانت تعمل كما القراصنة، وقد وصلت شكاوى إلى هيئات تطبيق المعاهدات لحماية البيئة في المحيطات والبحار.
كما أن الشركات الدولية سألت عما إذا كان باستطاعة الشركات النفطية الإيرانية مواصلة العمل بشكل طبيعي وتلبية كل شروط عقودها، إثر هجمات قراصنة الكومبيوتر أخيرا والإخفاقات الخطيرة في أنظمة أجهزة الكومبيوتر الخاصة بها.
وحسب وزير النفط قاسمي شكا مديرو الشركات الإيرانية من قيود الميزانية بسبب الافتقار للاستثمار الأجنبي، والمشاكل في العمليات التجارية بسبب العقوبات، وقال إنهم غير قادرين على جلب رؤوس أموال عن طريق إصدار سندات للجمهور. وقال إن مديري الشركات وجهوا انتقادات لاذعة للحكومة وlaquo;وعودها الفارغةraquo; عن خطط للاستثمار بالملايين من الدولارات في قطاع النفط. وقالوا، إن الفجوة الواسعة بين القول والفعل تضاعف من اعتماد إيران على الشركات الأجنبية في قطاع النفط laquo;على الرغم من قرن من الخبرة في هذا المجالraquo;. ونقل الوزير اتهامات المديرين حول التأخير في تطوير مشروع laquo;جنوب بارسraquo; مما يحرم الاقتصاد الإيراني من 50 مليون دولار يوميا. وطلبوا بالتالي من الوزير اتخاذ إجراءات فورية لزيادة كبيرة في ميزانية قطاع الطاقة. وخلاف ذلك - كما حذروا - فإن الشركات قد تنهار مع ما يترك هذا من آثار مدمرة على الاقتصاد الإيراني كله.
الرئيس أحمدي نجاد رفض أن يضمن أن حكومته قد تزيد من ميزانية قطاع الطاقة. وقال للمجتمعين، إن حكومته تجد صعوبة في تمرير ميزانية البلاد للعام المقبل، بسبب معارضة مجلس الشورى الجديد أي زيادة في الميزانية، ولهذا السبب فإنه يمتنع هو نفسه عن الموافقة على الزيادات التي تطلبها شركات النفط الإيرانية.
الآن بدأت تسمع أصوات من قبل مديري شركات النفط، لضرورة إشراك مكتب المرشد الأعلى في عملية صنع القرار لإنقاذ laquo;شريان الحياةraquo; للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ويتحدثون عن الاستعدادات الكاملة للحرب!
التعليقات