سركيس نعوم


أخصام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بل اعداؤها من عرب وأجانب لا يصدّقون انها تسعى وبكل جدية لإيجاد حل للأزمة السورية، وخصوصاً بعد تحوّلها حرباً مذهبية رغم رفض اطرافها كلهم وداعميهم الاعتراف بهذه الحقيقة رسمياً، ربما لأنها مخجلة للجميع. فَتقرُّبها من جماعة quot;الاخوان المسلمينquot; في لبنان وهي تناصر فريق 8 آذار في مواجهته فريق 14 آذار كان هدفه، كما ذكرنا في هذه الزاوية سابقاً، مد جسور مع quot;اخوانquot; سوريا المنتفضين على الحاكم العربي الوحيد المتحالف مع ايران اي الرئيس السوري بشار الاسد، وذلك بغية اقناعهم بمشروعها الاقليمي الذي تشكّل سوريا جزءاً أساسياً منه. وفي حال نجحت ايران في ذلك فإنها ستستعمل كل نفوذها داخل سوريا لإنهاء الأزمة، محاولة في البداية أن يكون بعض نظام الاسد جزءاً من التسوية. وإذا تعذّر ذلك فإنها تُسهِّل المرحلة الانتقالية الى سوريا الجديدة ولكن فقط بعد إتمام الصفقة. وتَقرُّب من quot;الاخوانquot; المصريين فرضه ايضاً تمسكها بمشروعها الاقليمي. فالمملكة العربية السعودية تقود تحالفاً واسعاً من الدول العربية ضده. وشعوب هذه الدول معها لأسباب معروفة. وغالبية المجتمع الدولي، باستثناء روسيا والصين، تدعمها في مهمتها السورية. وهي ما كانت لتمارس هذا الدور لولا غياب مصر المُزمِن عن ريادتها بل قيادتها الطبيعية للعرب من زمان، جراء وزنها الديموغرافي والعسكري وتضحياتها الجسيمة في مواجهة اسرائيل. والطريقة الوحيدة لازاحتها عن سدة الريادة هي إعادة مصر اليها، وذلك ممكن كون حاكمها الجديد quot;اخوانياًquot;، كما كون quot;اخوانهquot; الأكثر تنظيماً في مصر من زمان والأكثر تأثيراً حالياً.

وما ترحيب ايران باقتراح الرئيس المصري quot;الاخوانيquot; محمد مرسي قيام مجموعة من اربع دول اقليمية مهمة، هي مصر والسعودية وتركيا وايران، مهمتها البحث في وضع سوريا بغية حل أزمتها ووقف الحرب الاهلية فيها إلا الدليل الساطع على رغبتها في توظيف مصر لإنجاح مشروعها الاقليمي نفسه، انطلاقاً من quot;الإسلاميةquot; المشتركة بينهما. علماً ان الفروقات والتناقضات بينهما كبيرة جداً. ولا أحد يعرف إذا كانت ازالتها ممكنة. طبعاً هناك إشارات اخرى تدل على النية المبيّتة عند ايران، في نظر اخصامها والاعداء، عن تقرّبها من مصر وquot;الاخوان المسلمينquot; عموماً. منها استقبالها الرئيس مرسي في قمة عدم الانحياز، وعدم اثارتها موضوع سوريا معه وفي القمة رغم موقفه السلبي من الاسد الذي أعلنه داخلها. وايعازها في الوقت نفسه الى المترجمين بإحلال البحرين بدلاً من سوريا في اثناء الترجمة الفورية لخطابه. وهذا يدل على خوف ايران من شارعها كما يدل على سوء نية. ومنها ايضاً محاولتها ادخال تعديل على تركيبة اللجنة الرباعية تضم حليفين لها اليها هما فنزويلا شافيز وعراق المالكي. والاولى لا علاقة لها بأزمة سوريا ولا دور جراء ضعف دورها الدولي رغم تمرد زعيمها على العالم. ولو كانت جدية في ترحيبها بمبادرة مرسي لكانت أصرت على ضم دول مجاورة عربية الى اللجنة باعتبار انها معنية بالموضوع ومنها العراق والاردن ولبنان. علماً ان المعلومات التي توافرت سابقاً عن هذا الامر اشارت الى ان الاضافة الايرانية لإعضاء الى لجنة مرسي كانت ستشمل دول الجوار العربية الثلاث المذكورة.

في اي حال لا يزال البحث في مبادرة مرسي في بداياته. لذلك لا بد من التريث في الحكم على تعاطي ايران معها، يقول اخصامها بل الاعداء. لكنهم يجزمون بأنها غير جدية انطلاقاً من معلومات موثوق بها وصلتهم تشير الى ان المسؤولين المعنيين في طهران اجروا اتفاقاً مع تنظيم quot;القاعدةquot; أو مع اجنحة لها، وعلاقاتهم به قديمة ومعروفة، قوامه امتناع اعضائها عن استهداف النظام السوري بتفجيرات انتحارية أو غير انتحارية، وذلك في مقابل تسهيل انتقالهم الى دول الخليج التي يعتبرها تنظيمهم العدو الاول له، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية. واتفاق كهذا يعني ان مواجهة ايران مع السعودية ومحورها الاقليمي وجناحها الدولي مستمرة. بل يعني انها لا تزال متمسكة بمشروعها وهو الحفاظ على quot;محورهاquot; في قلب الأمة العربية المؤلف من سوريا آل الاسد والعراق ولبنان quot;حزب اللهquot; وفلسطينيي quot;الجهادquot;، بعدما خسرت quot;حماسquot; أو صارت قاب قوسين أو أدنى من خسارتها. وهو ايضاً التحوّل دولة نووية سلماً وسلاحاً. وهو اخيراً التحوّل دولة عظمى وحيدة في المنطقة... الى جانب اسرائيل طبعاً.