علي حماده


قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان المعارضة السورية لن تتمكن من حسم المعركة ضد بشار الاسد على الارض. وقال ايضا ان الاسد ابلغ الى المبعوث الدولي الاخضر الابرهمي انه لن يتنحى عن السلطة. وانطلاقا من ذلك استنتج لا فروف ان الحل الوحيد المتبقي امام المعارضة السورية هو الجلوس الى طاولة المفاوضات مع الاسد والبحث في تطبيق خطة جنيف التي تنص في بنودها على تشكيل حكومة ائتلاف وطني بمن فيهم النظام، وبقاء الاسد في سدة الرئاسة، على ان تكون الحكومة صاحبة صلاحيات موسعة تعمل على تنظيم مرحلة انتقالية يجري فيها الاعداد لانتخابات، ثم لدستور جديد، وصولا الى انتخابات ٢٠١٤ الرئاسية. كان الاخضر الابرهيمي واضحا بقوله ان التغيير يجب ان يكون حقيقيا لا تجميليا. ولكن ما لم يقله هو ان تحركه الاخير انما جاء استنادا الى معطيات استجدت على الارض، واهمها ان النظام يفقد يوما بعد يوم زمام المبادرة، ويتراجع تقريبا في كل مكان، وصولا الى محيط العاصمة دمشق حيث يتم التحضير لمعركة كبرى يتوقعها الخبراء العسكريون في نهاية شباط المقبل او منتصف آذار على الابعد. اكثر من ذلك، بدأت ملامح افتراق في تقويم المرحلة بين موسكو وطهران: الاولى ترى انه حان الوقت للجلوس الى طاولة مفاوضات وتقديم تنازلات مؤلمة، ولو تضمنت خروج بشار الاسد ومعه مجموعة من المقربين الى منفى، في حين تعتبر طهران ان مرحلة التنازلات لم تحن، وبالتالي فإن الحوار يجب ان يكون شكليا لأن المعركة لم تحسم بعد، ولأن تقديرات الايرانيين على الارض تشير الى انه لو تمكن النظام من الصمود طوال السنة المقبلة بدعم مكثف من روسيا وايران، فإنه سيجبر الجميع على الجلوس معه الى طاولة المفاوضات للتوصل الى صيغة وسط يتم فيها تقاسم السلطة، على ان تنقذ ماكينة النظام الامنية والعسكرية من التفكيك.
في المقابل لا ترى المعارضة ضرورة للجلوس الى طاولة المفاوضات مع النظام اليوم، وهي لم تجلس معه في مرحلة سابقة، وتراهن على الارض، وعلى الحسم العسكري.
عندما نشير الى افتراق بين موسكو وطهران في تقويم المرحلة، لا نعني ان ثمة خلافا على المآل النهائي : الطرفان يريدان المحافظة على النواة الصلبة للنظام، وان معدلة، بمعنى انه اذا اقتضت الضرورة خروج الاسد وعائلته الاقرب، يمكن التعويل على صف ثان من اركان التركيبة الامنية والسياسية قادرة بدعم روسي - ايراني على ولوج مرحلة تقاسم للسلطة مع المعارضة المنقسمة في ما بينها والابقاء على ارجحية واضحة في الحكم الفعلي.
يتبين مما تقدم ان روسيا تبدو أكثر تشكيكا في قدرة بشار على الصمود لامد طويل، بينما تظهر ايران بمظهر الطرف الذي يقاتل في دمشق دفاعا عن طهران نفسها. هنا الفارق الواضح.
على الارض تبدو الحقائق مختلفة: سوريا متجهة نحو صراع مسلح واسع ستتورط فيه طهران اما مباشرة واما عبر quot;حزب اللهquot; مما سيزيد هشاشة الوضع في لبنان.