تركي الدخيل

لم تكن الفتاوى التي تحرم كرة القدم جديدة على الساحة. الكثير من رموز المشهد الإعلامي الصحوي الحاليين كانوا يحرمون كرة القدم ولهم كتب في تحريم البلوت ومشاهدة التلفاز واستخدام الفيديو ومتابعة الرياضات بأنواعها من كرة القدم إلى المصارعة الحرة. كانت بالفعل مرحلة هوس بالتحريم، ولم يخطئ الكاتب عبدالله بن بخيت حين قال في لقاء فضائي إن تلك المرحلة كانت أضخم مرحلة فتاوى في تاريخ السعودية وأنك لو جئت بحجر لقيل لك ما حكمه؟ وكيف نستطيع أن نحوله للدعوة؟! كل شيء كان ينذر بالكوارث. الفتاوى التي تتداول الآن حول كرة القدم هي فتاوى ضد الحياة وضد العصر وضد الزمن.

لنقرأ هذه الفتوى لأحدهم:quot; كرة القدم ماسونية. الهدف منها صد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم، أما اللاعبون فهم من الفساق والمنحرفين، كون الإنسان ينظر إلى الكرة والعياذ بالله فهو ينظر إلى فساق منحرفين ولو كانوا من المسلمين، أو إلى كفار فجرة، هناك أمر عظيم في الكرة وهو التحاكم إلى غير الله من القوانين الوضعية، فلو أن اللاعب تعمد وتقصد الزحلقة على اللاعب وكسر قدمه هل يمكن للآخر أن يطلب حقه من الشرع؟ إذاً هذا حكم بغير ما أنزل الله، تجد من الحماس في قلبه والتعظيم والتجاوب مع هذا الفاسق الضال المنحرف والمحبة وأيضاً النكد لو قدر وسجل عليه هدف كل هذه أشياء منكرات وموجودة في هؤلاءquot;!

هذه الفتوى جاءت بسبب وضع كل شيء في موضع الفتوى، تنطلق أمثال هذه الفتاوى من أن كل شيء محرم حتى تثبت إباحته مخالفة القاعدة الشرعية لدى أهل أصول الفقه ومقاصد الشريعة التي تبني الأحكام على أصالة الإباحة لا على أصالة التحريم. تفسيق اللاعبين وتكفيرهم أو شتمهم بهذا الأسلوب ينبئ عن ضيق في الأفق وعقليات مازالت تحاول أن تجذب الناس إلى الانكفاء والعزلة عن العصر والحياة. ثم إن هذه الفتوى لم تأتِ من مؤسسة دينية للإفتاء معترف بفضل أهلها وعلمهم بل هي نثار فتاوى في بيوت ومجالس بتحريض من بعض التلاميذ.

بآخر السطر؛ فإن الحياة أكبر من هذه العقول التي تريد للأبناء والأجيال أن تنكفئ في دهاليز التطرف وأنفاق الإرهاب، فلا تلتفتوا إلى هذه الفتاوى فالدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.