التفاهمات المكتومة بين عمان ودمشق تترنح بسبب مناورات الاسد المتأهب 2 والولايات المتحدة لا تريد الذهاب لجنيف مجددا بشروط معركة lsquo;القصيرrsquo;


بسام البدارين


تترنح التفاهمات غير المكتوبة بين عمان ودمشق على ترشيد الخصام السياسي بين العاصمتين على وقع التداعيات التي أنتجتها مناورات الأسد المتأهب الثانية في الأردن والتي تضمنت الإعلان عن منظومة جديدة للدفاع الجوي ستوضع على الحدود الأردنية السورية.
تلك التفاهمات كانت قد صمدت لعامين على أساس تثبيت الأردن في موقفه العلني من عدم التدخل بمنطقة درعا التي يتوقع أن تشهد جولات من محاولات الحسم العسكري قريبا مع الإحتفاظ بسياسة إستقطاب اللاجئين السوريين والبقاء على lsquo;إتصال إستخباراتيrsquo; مع النظام السوري قدر الإمكان بسبب وجود خصم مشترك هو جبهة النصرة.
هذه التفاهمات التي كانت بمثابة قانون سري بين العاصمتين تعرضت لضرر كبير مؤخرا على أكثر من صعيد وبدأت تتفكك وتنهار تحديدا عندما أصر وزير الخارجية الأردني ناصر جودة على إستضافة لقاء أصدقاء سورية برعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
وحجم الضرر تضاعف مع إعلان واشنطن عن منظومة الدفاع الجوي الجديدة التي ستعزز القدرات الأردنية في وجه إحتمالات تفوق قدرات حزب الله في الجانب السوري.
لذلك تعرض lsquo;التفاهم السريrsquo; بين عمان لعدة أخطار مؤخرا والتعبير الأبرز عن ذلك يمكن تلمسه من إنفعالات السفير السوري في عمان الجنرال بهجت سليمان الذي تجاوز بسرعة قياسية التقاليد الدبلوماسية حتى أصبح هدفا لدعوات الطرد من قبل شخصيات بارزة في البرلمان الأردني.
إنفعالات سفير دمشق بدأت مع إنتقاد علني للقاء أصدقاء عمان برعاية كيري ونمت بعد إشادته العلنية برئيس مجلس النواب الأردني الأسبق عبد الكريم الدغمي معتبرا أنه يمثل ضمير الشعب الأردني بسبب معارضته لأي عمل أو تدخل بالشأن السوري.
لاحقا فجر سليمان عاصفة جدل عندما سخر من النظام الدفاعي الأمريكي الجديد وأطلق تصريحات lsquo;إستفزازيةrsquo; بحق الأردن على حد وصف نائب رئيس مجلس النواب خليل عطية الذي قال لـrsquo;القدس العربيrsquo; بأن هذا الإستفزاز لابد من الرد عليه.
لذلك تعكس دبلوماسية التصعيد التي يتبعها سفير دمشق حقائق المشهد الأردني السوري الجديدة والتي تشير بوضوح لان التفاهمات الباطينة مع نظام دمشق ترنحت كما يؤشر الناشط السياسي محمد خلف الحديد وهو يؤكد بان مصلحة الأردن الحيوية تتطلب مناصرة الشعب السوري ضد الطغيان.
ويبدو ان هذه التطورات حصلت بمجرد الإعلان عن مناورات الأسد المتأهب في حلقتها الثانية والتي قال وزير الإتصال الأردني محمد مومني أنها معزولة عن السياق السوري ولا علاقة لها بالملف السوري في الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء عبدلله النسور شخصيا مجددا لـrsquo;القدس العربيrsquo; بأن سياسة بلاده تجاه الموضوع السوري والقائمة على lsquo;عدم التدخلrsquo; لم تتغير ولا يوجد مبرر لتغيرها.
لكن بوضوح زادت جرعات الإنتقاد السوري للأردن في الأونة الأخيرة.


وكرس هذا الإنطباع وزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما صرح بأن سياسات عمان تدعو للحيرة.
وهو تصريح ينطوي على رسالة سياسية ملموسة عبر عنها السفير سليمان بطريقة lsquo;خشنةrsquo; خلال اليومين الماضيين تكرس القناعة بان قوانين اللعبة تبدلت عندما تغيرت معطيات الإطار الدفاعي على الحدود الأردنية السورية التي يتواجد عليها الأمريكيون عسكريا علنا تحت غطاء مراقبة lsquo;الكيماويrsquo;.
الإنطباع الذي يثيره دبلوماسيون غربيون في العاصمة الأردنية عمان بعد التطورات الميدانية الأخيرة بمعركة lsquo;القصيرrsquo; وتداعياتها السياسية وتأثيراتها المحتملة على مفاوضات وتمهيدات التسوية في جنيف 2 يؤشر بوضوح على أن الإدارة الأمريكية ومن خلفها حلفاء غربيون لا تبدو مستعدة تماما للدخول بجولة جنيف 2 وفقا لشروط الطاولة التي يفرضها ما حصل في القصير تحديدا.
السبب حسب الدبلوماسيين أنفسهم أن ذلك يضعف إسرائيل والأردن ويعزز النفوذ الإيراني مما يتطلب lsquo;إستدراكاتrsquo; من الواضح انها لم تتحدد بعد ومن بينها الإيحاء بوجود جاهزية عسكرية على الحدود مع الأردن، الأمر الذي يضايق دمشق ويدفعها للتلويح بتهديد عمان عمليا عندما تحذرها من مصير آردوغان الذي لم يوفر له الباتريوت الأمريكي الحماية اللازمة. لذلك ترى أوساط متابعة يتحدث الفرنسيون بكثافة في الساعات الأخيرة الماضية عن lsquo;أدلةrsquo; على إستخدام الغاز الكيماوي في سورية ويصر الأمريكيون على وضع إحتياطات دفاعية إستراتيجية على الحدود مع الأردن بعد أن إهتمت عمان بطلب ذلك