حسن علي كرم

أغلب المتحمسين لها مأخوذون بالوضع الراهن وما يقال ويزعم عن التدخلات الإيرانية

سارع نشطاء وجمعيات اهلية سياسية في كل من البحرين والكويت الى اصدار بيان موحد حيث نددوا فيه بتصديق مجلس النواب البحريني للاتفاقية الامنية الخليجية، واصفين الاتفاقية (تنقيص للسيادة الوطنية وتدخل في الشؤون الداخلية..).
واما هنا في الكويت، فلقد كانت الاتفاقية (الخلافية) قاب قوسين او ادنى من التصويت عليها في مجلس الامة، لولا شاءت الاقدار صدور حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الامة، ولكن يبدو ان الحكومة مصممة على تمرير الاتفاقية من خلال مرسوم ضرورة حسبما ورد في جريدة laquo;الوطنraquo; التي نقلت عن مصدر حكومي قوله laquo;ان اللجنة القانونية الوزارية اوصت مجلس الوزراء بضرورة اقرار مرسوم ضرورة لإصدار الاتفاقية الامنية الخليجية والتي تحمل صفة الاستعجال، ولا يمكن تأجيلها، لافتا الى ان هذه الاتفاقية من اولويات الحكومة ولابد من اقرارها في اسرع وقت ممكن(!!!).
والسؤال هنا ما هي موجبات الضرورة المزعومة كي تلجأ الحكومة لمرسوم الضرورة وتفرض الاتفاقية (الخلافية) على انفاس الناس، هل شعرت الحكومة فجأة ان امن البلاد الداخلي مهدد حتى تلجأ للتصديق على الاتفاقية..؟!!
ام هل امننا الداخلي بهذا القدر من الهشاشة حتى نستعين بالآخرين لحمايتنا وممن؟ هل هناك اعداء موهومون او اعداء حقيقيون يتآمرون على البلاد وتفويض امنها؟ وهل كون القمة الخليجية القادمة مكانها الكويت تلزمنا لكي نتورط في اتفاقية ظاهرها الامن وخفاياها سياسية صرفة..؟!!
نحن لا نشك في ان هناك مؤيدين كثيرين لتنفيذ هذه الاتفاقية، ولكن الامر الموكد ان المعارضين اكثر، فالاتفاقية ليست امنية بالمعنى الاحترافي، وانما يغلب عليها الطابع السياسي، والذين كتبوا بنودها كتبوها بأسلوب شيطاني حتى تخدم اجندات معينة لا شأن للكويت بالضرورة بهاhellip;!!
تنص الفقرة الاخيرة من المادة (70) من دستور دولة الكويت على التالي (ولا يجوز في اي حال ان تتضمن المعاهدة شروطا سرية تناقض شروطها العلنية..) وهنا بيت القصيد، فهل الاتفاقية الامنية محصورة بالبنود المعلنة ام ثمة بنود سرية لم يتم الكشف عنها..؟!
لذلك، فعندما نقلق من تمرير الاتفاقية الامنية نقلق على وطننا الكويت ونقلق من تنقيص سيادتها فالاتفاقية لا تحمي الكويت من اي عدوان خارجي ولا تحمي الكويت اذا استهدف امنها الداخلي، ولا ضمانة اذا وضعت الاتفاقية على ارض الواقع ان تكون العين الساهرة على امن الكويت.
اغلب الظن ان المتحمسين للاتفاقية مأخوذون بالوضع الامني الراهن وبخاصة ما يقال ويزعم عن التدخلات الايرانية في البلدان الخليجية فإذا صحت تلك التدخلات، فلا نخال ان بمقدور الاتفاقية الامنية قطع دابرها وانما نظن ثمة وسائل اخرى اكثر نجاعة لوقف التدخلات الايرانية المستفزة، ولكن لا بفرض الاتفاقية على الشعوب الخليجية وتكميم الافواه وتنقيص سيادات الدول..!!
لعلنا نجزم ان الازمات الطارئة لا تعالج بالعواطف الجياشة والعصبية العمياء وانما باختبار العقل والرؤية الحصيفة، وعليه يفيد القول هنا ان العلاقة الخليجية الايرانية ينبغي ان تظل في سياق الجيرة والاحترام المتبادل وبعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبتبادل المنافع ولعل البلدان الخليجية وايران جاران وجواران، ولا ثمة مخرج لقطع هذا الجوار الا بالمزيد من التقارب والتعاون والتعايش السلمي، ولقد ظلت علاقة الكويت بالجارة ايران علاقة متميزة ولم تتأثر بالاحداث الداخلية الاخيرة ولعل هناك انباء عن زيارة ميمونة لصاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الى ايران، وعليه فلا شيء يجعلنا ان نريب من ايران.
نعود مجددا لنقول ان الاتفاقية الامنية الخليجية لن تكون الدرع الواقي الذي يحمي امن البلدان الخليجية وتحديدا الذي يهمنا الكويت كما يرى بعض الطيبين والمتحمسين، وانما هناك سر غامض ومريب يكمن خلف الاصرار على تنفيذ الاتفاقية المملوءة بنودها بالغموض والالتباس، ولعلنا نحذر حكومة الشيخ جابر المبارك من مغبة التفرد وتمرير الاتفاقية التي كثر الخلاف حولها بذريعة التحضير للقمة الخليجية القادمة..!!
وأخيرا نتساءل عن مبررات الاتفاقية الامنية الموحدة طالما هناك اتفاقيات امنية خليجية ثنائية..؟!!