مشاري الذايدي
كل ما هو متصور في الأذهان فهو حادث في الأعيان.
هكذا تقول قوانين المنطق عند الألمان. لكن عند laquo;كثيرraquo; من المسلمين والعربان، يحصل دوما ما لم يكن في الحسبان، وكان ياما كان..
قبل أيام. حسب وكالة (مهر) الإيرانية للأنباء. تحدث مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية (آية الله سيد علي خامنئي) أثناء لقائه مع السلطان قابوس، سلطان عمان، عن هموم المنطقة، وكان مما طلع به المرشد أن من أكبر أسباب التوتر لدينا هو: laquo;إقحام القضايا الدينية والمذهبية والطائفية في الخلافات السياسية بين الدولraquo;.
كلام جميل، ونصح طيب، ليته اقترن بالعمل!
لا ريب في أننا نعاني في هذه المنطقة من توترات حادة، يستخدم فيها، من أجل إدامتها، سلاح الدين، وغيره من الأسلحة، لكن هو الأهم.
الدعاية الدينية لحرق الخصم السياسي هي أخطر الأسلحة، وأقطعها لحبال المودة، وأفتكها بنسيج المجتمع. بالنسبة للجانب السني، الذي هو أكثرية أمة الإسلام، لدينا عشرات الأمثلة من هذا الابتذال في استخدام الدعاية الدينية ضد الخصوم في سوق السياسة، وكل حين من الدهر تخرج لنا دعاية جديدة، بثوب جديد، وآخر ذلك دعاية تنظيمات القاعدة الجهادية، ودعايات جماعات الإخوان المسلمين، ومن تأثر بثقافتهم.
حصل الكلام حولها سابقا، وسيحصل لاحقا، لكن ماذا عن أثر الدعاية الدينية بنسختها الشيعية laquo;الخمينيةraquo; بمنطقتنا؟
أليست إيران، بخطابها الأصولي السياسي، بغرض التحشيد، هي ينبوع كبير من ينابيع فكر التوتير الديني عندنا؟
من أوجد لنا حسن نصر الله وحزبه: السياسي - الطائفي - الأصولي - المسلح؟
أليس الالتزام بنظرية laquo;ولاية الفقيهraquo; هو شرط الصعود السياسي في إيران؟ أليس خامنئي نفسه من ترجم كتب سيد قطب للفارسية؟ وسيد قطب كما نعلم هو عراب العنف الأصولي، ومن كنف خطابه خرج لنا الظواهري وغيره، كما يقول الظواهري نفسه.
أليس أحمدي نجاد، هو الذي قال في خريف 2005، أثناء خطابه في الأمم المتحدة إنه محاط بهالة من نور وأنه يتخاطب مع المهدي المنتظر؟! أليس حسن نصر الله، الذي يدين بولاية الفقيه ويتبع laquo;مرجعيةraquo; خامنئي، هو من قال بالصوت الجهير في خطبة يوم القدس، أخيرا: laquo;نحن شيعة علي بن أبي طالب في العالم؟raquo;.المدهش أنه كان يخطب مهاجما الطائفية!
الحق أن المرشد، وكل من يدور في فلكه، إنما يجأرون بالشكوى من الجماعات التكفيرية هذه الأيام، ويذمون التعصب الطائفي، فقط حينما حدثت اشتباكات صريحة بينهم وبين هذه الجماعات. خصوصا في سوريا ولبنان. وإلا فوجودها وشرها، أعني جماعات التكفير، ليس وليد اليوم.
كلنا يعلم أن إيران منذ أكثر من 10 سنوات كانت - وربما ما زالت - محطة إقامة وعبور أو تنسيق، لكثير من قيادات laquo;القاعدةraquo;، ومنهم سيف العدل، وسعد بن لادن، وصالح القرعاوي.. وغيرهم كثير.
شكوى المرشد ليست من التعصب الطائفي، من حيث المبدأ، بل بقدر ما يلحقه بالمصالح الإيرانية من ضرر. هذه شكوى طهران.
التعليقات