جهاد الخازن

آخذ القارئ اليوم في سياحة تاريخية، واعتراف ديفيد بن غوريون بأن الصهيونيين سرقوا فلسطين من أهلها.

&

ذات مساء سنة 1956 كان ناحوم غولدمان مع بن غوريون في بيت رئيس وزراء إسرائيل، ونقل عنه في كتابه «المعضلة اليهودية» (أو التناقض اليهودي) اعترافاً خطيراً. قال بن غوريون:

&

لا أفهم تفاؤلك. لماذا يَعقِد العرب سلاماً معنا؟ لو كنت زعيماً عربياً يستحيل أن أعقد سلاماً مع إسرائيل. هذا طبيعي فقد أخذنا بلادهم. نعم الله وعدنا بها ولكن ماذا يهمهم من هذا؟ ربنا ليس ربهم. نحن نأتي من إسرائيل، هذا صحيح، ولكن هذا قبل ألفي سنة وماذا يعنيهم منه؟ كانت هناك لاساميّة ونازيون. هتلر. أوشفيتز. ولكن هل كان ذلك خطأ منهم. هم يرون شيئاً واحداً: نحن أتينا هنا وسرقنا بلادهم. لماذا يقبلون هذا؟ ربما نسوا في جيل أو جيلين ولكن الآن لا مجال (أن ينسوا). هكذا الموضوع سهل: يجب علينا أن نبقى أقوياء وأن نحتفظ بجيش قوي. هذه كل سياستنا وإلا فالعرب سيبيدوننا.

&

(غولدمان قال) ذهلتُ من كلام بن غوريون إلا أنه أكمل:

&

سأبلغ السبعين من العمر قريباً. إذا سألتني يا ناحوم هل أموت وأدفَن في دولة يهودية أقول لك نعم خلال عشر سنوات أو 15 سنة ستكون هناك دولة يهودية. ولكن اسألني إذا كان ابني اموس الذي سيبلغ الخمسين في نهاية هذه السنة لديه فرصة أن يموت ويُدفَن في دولة يهودية أقول لك 50 في المئة.

&

غولدمان سأله: «كيف تنام وهذا الاحتمال في رأسك وأنت رئيس وزراء إسرائيل؟» رد بن غوريون: مَنْ قال لك إنني أنام؟

&

غولدمان مكملاً: هكذا كان بن غوريون، هو أخبرني ما في قلبه إن إسرائيل لا تستطيع العيش من دون سلام مع العرب... هو أعلن أن كل الأراضي المحتلة يجب أن تعود إلى العرب ما عدا القدس. وفي هذه النقطة أنا على اتفاق معه. إسرائيل يجب أن تحتفظ بالقدس.

&

هما صهيونيان يحكيان ما في قلبيهما. وناحوم غولدمان كان رئيس المؤتمر اليهودي وأيضاً المنظمة الصهيونية العالمية، ولعب دوراً بارزاً في تحقيق حلم الصهيونيين باحتلال فلسطين.

&

مقدمة كتابه تُغني عن شرح فهو يتحدث عن «دياسبورا» اليهود أو تشريدهم في العالم ألفي سنة بعيداً عن فلسطين ويتحدث عن الأرض الموعودة وتدمير الهيكل الأول ثم بناء الهيكل الثاني.

&

كله خرافة، وقد قلت مرة بعد مرة وأقول اليوم إن لا آثار لممالك أو ملوك يهود في بلادنا. لا آثار على الإطلاق لهيكل أول أو ثانٍ، فالمكان هو الحرم الشريف وتاريخه معروف وآثاره قائمة حتى اليوم، فيه المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، ولا شيء يهودياً على الإطلاق فوقه أو تحته أو حوله.

&

كان هناك يهود فلا يجوز إنكار وجودهم، ولكن لا ممالك إطلاقاً وهم لم يتركوا آثاراً لمعابد أو قصور ملكية أو ميادين أو تماثيل أو غير ذلك من آثار الممالك.

&

كتاب ناحوم غولدمان لم تُعَد طباعته، واشتريتُ نسخة مستعملة منه على الإنترنت، والمؤلف وبن غوريون من أصل روسي، وأعتقد أن غولدمان بعد الجنسية الروسية حمل الأميركية ثم الإسرائيلية، وأن بن غوريون حمل جنسية روسية ثم عثمانية وبعدها بريطانية والأخيرة إسرائيلية.

&

هما يذكراني باليهودي التائه، والمشكلة معهما أنهما لم يجدا بلداً يستقران فيه سوى فلسطين، واعتراف بن غوريون بأنهم سرقوا بلاداً من أهلها يكفي ويزيد، فهو كان بين اللصوص الذين منهم الآن بنيامين نتانياهو وأعضاء حكومته.
&