عمر عدس وصباح كنعان


شقت الأحزاب الأوروبية اليمينية، التي كانت تعتبر فاشية فيما مضى، طريقها نحو النجاح، بالسعي إلى الاندماج في التيار السائد، وتحسين سمعتها بين الجماهير .
في موقع الترنت، ( 14-7-2014) كتب اوين جيننغز . . من 22 إلى 25 مايو/أيار هذا العام، جرت انتخابات برلمانية اوروبية في جميع أنحاء أوروبا، وعادت الأسئلة المقلقة ذاتها لتحتلّ الصدارة . فقد ازدهرت في أنحاء اوروبا أحزاب اليمين ذات السياسات القومية المناوئة للهجرة، والمناهضة لأوروبا .


بعض هذه الأحزاب، له صِلات مباشرة بالحزب النازي، وكثير غيرها يستخدم نفس التصورات .
فقد فاز حزب الجبهة الوطنية (الفرنسي)، وحزب الشعب الدنماركي، بأكبر حصة من الأصوات، من خلال السعي إلى تقديم نفسيهما على أنهما يمثلان التيار السائد .
وهذا الاندماج في التيار السائد، له ما يناظره في الولايات المتحدة، من المنظمات والأفراد الذين يحملون وجهات نظر تنطوي على عنصرية، وتمييز بين الجنسين، وما إلى ذلك، ويسعون غالباً الى اكتساب صِدقية ضمن التيار السائد .
وبفضل القيادة الجديدة، لمارين لوبان (ابنة الزعيم السابق لحزب الجبهة الوطنية، جان ماري لوبان)، نجح هذا الحزب في التخلص من بعض المتاعب في السياسة الفرنسية . وأتاح انتقال القيادة من الأب إلى ابنته، للحزب أن ينأى بنفسه عن الآراء المثيرة للجدل، التي يعتنقها جان ماري، وهو الرجل المعروف بإنكاره للمحرقة اليهودية، ومعاداته للسامية، والذي اقترح في الآونة الأخيرة، إمكانية أن يكون فيروس ايبولا، الحل الأمثل للتحكم بعدد السكان، والسيطرة على مسألة الهجرة إلى أوروبا .


وعلى الرغم من كل ذلك، يطرح الحزب نفسه الآن، باعتباره حزباً معتدلاً، وأنه خضع لعملية "نزع السمّ" من فكره (جلبت مارين لوبان أحد خصومها السياسيين الى المحكمة لأنه وصفها بأنها فاشية) . . وسوف يعزز نجاح حزب الجبهة الوطنية في الانتخابات، تحَركه باتجاه التيّار السائد . فهو الآن، بعد أن فاز ب 25% من الأصوات، أكبر حزب فرنسي في البرلمان الأوروبي .
وفي الدنمارك، أصبح حزب الشعب الدنماركي، بعد أن ازدادت نسبة الأصوات التي حصل عليها، أكبر حزب دنماركي في الاتحاد الأوروبي، حيث ضاعف عدد مقاعده . وقد اعتمدت حملته على مناهضته لسياسات الهجرة، وعلى التصريحات العنصرية، الموجهة ضدّ المسلمين . وقد جادل مرشحو الحزب ضد هجرة المسلمين تحديداً، وذهبوا إلى حدّ اقتراح حظر على الهجرة من الدول الإسلامية . ويبرُز من بين الأحزاب الأوروبية الأخرى، حزبا "الفجر الذهبي"، و"جوبِك" (في اليونان والمجر على التوالي)، كمثالين على صعود اليمين المتطرف في اوروبا . وعلى الرغم من أن حزب الفجر الذهبي، لم يحقق النجاح الانتخابي الذي حققته بعض الأحزاب الأخرى، فإن صعوده بوجه خاص، يدل على أنه، حتى الرمزية المستلهمة من النازية، يمكن أن تكسب أصواتاً .
ولم يحصل حزب الفجر الذهبي، إلاّ على 4 .9% من الأصوات، ولكنه الآن ثالث أكبر الأحزاب اليونانية في البرلمان الأوروبي .
وثمة حزب مشابه في المجر يُدعى "جوبِك"، لم يكسب مقاعد جديدة في الانتخابات، ولكنه بحصوله على 7 .14% من الأصوات، يبرهن بصورة حاسمة، على أنه ليس في انحدار . والحزب مُعادٍ للسامية بصورة مكشوفة، وهو مناوئ للغجر (الروما)، واقترح حشرهم في مخيمات، ربما مدى الحياة . وهنالك العديد من الأحزاب الأخرى في اليمين المتطرف، التي أحرزت أول مقاعدها ومنها الحزب الديمقراطي الوطني في المانيا، وهو حزب ينتمي إلى النازية الجديدة . وتُنسب إلى ممثله الجديد في البرلمان الأوروبي، قائمة من التصريحات العدائية، ومنها وصفه هتلر بأنه رجل عظيم .
وفي الولايات المتحدة، حال نظام الحزبين إلى حد ما، من دون اكتساب الجماعات اليمينية المتطرفة، أي جاذبية . ومع ذلك، توجد روابط بين اليمين المتطرف في أوروبا، وبين منظمات يمينية متطرفة في الولايات المتحدة .
ويقول الكاتب، إن اليمين المتطرف في أوروبا، رسخ أقدامه في العديد من الدول، وحل محل أحزاب راسخة، بهامش واسع . فالأحزاب التي كانت تعتبَر فاشية في السابق، إضافة الى أحزاب أحدث، ذات سياسات مناهضة للمسلمين، وتنظر الى الهجرة من منظار عنصري، شقت طريقها نحو النجاح، بالسعي إلى نشر سمعتها من خلال الاتجاه السائد، إن لم يكن نشر جوهر عقيدتها .