بيروت - الرأي: يتّجه لبنان بعد إجازة العيد نحو مشاورات سياسية هدفها الفعلي إجراء «صيانة» لعملية «التطبيع الآمن» للواقع المتأرجح بين رغبات بعض الداخل بـ«تعليق» الاستحقاقات السياسية الدستورية وفي مقدّمها انتخاب رئيس للجمهورية في انتظار ما ستؤول اليه تطورات المنطقة، وبين تداعيات العاصفة الاقليمية التي تطلّ برأسها بين الحين والآخر على الداخل اللبناني عبر اضطرابات أمنية متنقّلة.
&
وتشكّل حركة الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط الأخيرة حجر الزاوية في تلك المشاورات التي من المتوقع ان تتدحرج في أكثر من اتجاه تحت عناوين علنية كالتفاهم على هنْدسة بعض المخارج لملفات اقتصادية ومالية، ومضمرة تتناول جس النبض في شأن تسويات محتملة للملف الرئاسي وإنضاج تفاهمات من النوع الذي يتيح إمرار سيناريو التمديد للبرلمان الحالي لمرّة ثانية.
&
وأوحت حركة جنبلاط في اتجاه الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري وقبله الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله والتي جاءت في غمرة ترميمه جسور التواصل بين «تيار المستقبل» (بقيادة الرئيس سعد الحريري) وبري، بمحاولة نقل الملف الرئيسي من مرحلة الى أخرى بعدما أخفق البيت المسيحي في التوصل الى تفاهم على مرشح ينهي الشغور المستمر منذ 25 مايو الماضي وذلك نتيجة تمسك زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بترشيحه ورفض البحث في اي بديل رئاسي.
&
ورغم طغيان عنوان الانتخابات الرئاسية على حركة جنبلاط التي جاءت بعد «خريطة الطريق» التي رسمها الحريري واعتبر فيها ان انتخاب رئيس جديد اولوية على اي استحقاق آخر وتحديداً الانتخابات النيابية وان مرحلة جديدة من المشاورات مع الحلفاء في 14 آذار والقوى الأخرى ستبدأ، فان الاوساط السياسية المطلعة تستبعد اي اختراق كبير في الملف الرئاسي نتيجة استمرار «ربط النزاع» بين لبنان والواقع الاقليمي الملتهب.
&
وتبعاً لذلك، يبدو واضحاً ان الدينامية الجديدة التي يشكّل جنبلاط محورها والتي يحاول عبرها أيضاً تحريك المياه الراكدة في العلاقة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، تسعى الى ملء الوقت المستقطع الفاصل عن حلول ساعة التسوية الرئاسية بـ «مظلة داخلية» تلاقي الحرص الدولي على استقرار لبنان امنياً وترسي تفاهمات الحد الأدنى التي تتيح عدم تمدُّد الفراغ الرئاسي الى مؤسستيْ مجلس النواب ومجلس الوزراء وتوفّر الأرضية الملائمة للتمديد لمجلس النواب الذي تنتهي ولايته في نوفمبر المقبل انطلاقاً من عنوان «الانتخابات الرئاسية اولاً».
&
وكان لافتاً ما نُقل عن ان جنبلاط الذي حصل اتصال بينه وبين الحريري غداة لقائه السيد نصر الله، كان يسعى الى التمهيد للقاء بين «حزب الله» والمستقبل» الا ان هذا الأمر قوبل بعدم حماسة من الرئيس الحريري الذي أبلغ الى الزعيم الدرزي، بحسب محطة «ام.تي.في» اللبنانية، ان التواصل مع الحزب قائم داخل الحكومة «فما الجدوى من الجلوس معاً في هذه المرحلة ما دمنا نتحدث داخل مجلس الوزراء؟».
&
وفيما يغيب مجلس الوزراء عن الانعقاد هذا الاسبوع وسط تسليم بأن جلسة 12 اغسطس لانتخاب رئيس الجمهورية لن تحمل اي جديد على صعيد تأمين نصابها وتالياً إنهاء مرحلة الشغور التي دخلت شهرها الثالث، يشهد لبنان يوم غد سابقة لمناسبة عيد الجيش وتتمثل في تخريج المئات من تلامذة الضباط في الكلية الحربية في الفياضية من دون ان يتسلموا سيوفهم مثل أقرانهم من رئيس الجمهورية اضافة الى غياب المسؤولين عن هذا الحدث، علماً ان تقارير اشارت الى ان هذه ستكون اول دورة من دون وجود رئيس للجمهورية منذ العام 1943 الى اليوم، وانه سبق لدورة 1985 التي اصبح ضباطها في رتبة عميد اليوم انهم لم يتسلموا سيوفهم من الرئيس الاسبق امين الجميل آنذاك بسبب سوء الاوضاع الامنية وتدهورها.
&