& علي حماده
&مع اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما عن ادخال تعديلات على برنامج التدريب والدعم لبعص فصائل المعارضة السورية، فإن الخطوة الاميركية تبقى متخلفة جدا قياسا لما تتعرض له المعارضة السورية من حرب مفتوحة على جبهتي النظام والايرانيين والروس من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة اخرى. هذه الخطوة اقل من خجولة، انها من الناحية العملية خطوة تؤكد مرة جديدة التواطؤ الاميركي ضد الثورة السورية. تواطؤ دلت عليه السياسة الاميركية في جانبها العملي، اذ ان دعم الثورة لاسقاط بشار وكسر الجسر الايراني في سوريا ما كان يوما على اجندة باراك اوباما. وبعدما شارف بشار على الانهيار، وفشل الايرانيون وميليشياتهم اللبنانية والعراقية والباكستانية والافغانية فشلا ذريعا في قلب المعادلة على ارض المعركة، و وصل الثوار الى مشارف منطقة الساحل، معقل بشار، بالتوازي مع تقدمهم الكبير على جبهة الجنوب، تدخل القوة العظمى الثانية عسكريا بعد الولايات المتحدة في المعركة في محاولة لكسر الثورة، وتدمير الفصائل المقاتلة، وتشن حربها "المقدسة" وسط انكفاء اميركي يرقى الى تواطؤ ضمني مع روسيا لجهة النتائج العملية المترتبة عليه.
ان ادارة الرئيس باراك اوباما بإخلائها المسرح الشرق اوسطي بهذا الشكل، انما تدعو روسيا وايران الى ملء الفراغ، من دون ان تطرح بدائل في اطار الصيغة التحالفية مع اصدقائها في المنطقة، وبالتالي فإنها تعرض حلفاءها التاريخيين لافدح الاخطار. هذا الواقع ينطبق على المملكة العربية السعودية وتركيا اللتين تمثلان الثقل الاكبر في موازنة السياسة التوسعية الايرانية على كامل مسرح الشرق الاوسط، وهما تواجهان اليوم العدوان الروسي في سوريا الذي يهدد التوازنات في المنطقة بشكل مباشر، ولا يقل خطورة بنتائجه عن حدث قيام اسرائيل عام ١٩٤٨. ان الحرب الروسية على سوريا هي حرب على كل العرب، و تخطىء مصر بقيادتها الحالية بإتخاذها موقفا مؤيدا للعدوان الروسي اليوم، مثلما اخطأت قبلا حين أيدت ضمنا وعمليا بشار قاتل الاطفال السوريين، فالعداء للاخوان المسلمين في مصر لا يمكن ان يكون مبررا ومقبولا للوقوف مع قاتل الاطفال بشار الاسد ولا فلاديمير بوتين وحربه "المقدسة" في سوريا.
ان الحرب التي تشنها موسكو لا تخيف الثوار في سوريا، فلا روسيا بوتين اقوى من الاتحاد السوفياتي ايام ليونيد بريجنيف ويوري اندروبوف، والثورة السورية لا تقل قدرة على المقاومة الفاعلة مما كانت عليه فصائل المقاومة الافغانية في تلك المرحلة. اما دول الاقليم الكبرى مثل السعودية وتركيا فليست اقل قدرة مما كانت عليه الدول الداعمة للمجاهدين الافغان. ان الثوار ملزمون المقاومة والاهم ان يوحدوا صفوفهم، فهم يواجهون اكبر تحالف دولي اقليمي. وهم ملزمون بحشد الدعم من كل مكان لمواجهة العدوان الروسي.
لا بد من المعركة، ولا بد من جبهة مواجهة اقليمية من الرياض الى انقرة، لان المطروح اليوم على الطاولة هو مصير المنطقة بأسرها من عدن الى اسطنبول.
التعليقات