&مستشار الجامعة العربية: رصدنا استغاثة من إرهابيين بدول إقليمية


الرياض - ياسر الشاذلي


{ كشف مستشار الأمين العام للجامعة العربية للشؤون العسكرية اللواء محمود خليفة، عن رصد «نداءات استغاثة من جماعات إرهابية في المنطقة بعد تحرك الجيوش العربية في اليمن وسيناء والصومال، وبؤر صراعات أخرى على الساحة العربية»، مضيفاً: «لدينا تسجيلات موثقة بهذه النداءات، التي يستغيث فيها الإرهابيون بدول إقليمية، ما يؤكد استهداف الأمن القومي العربي إجمالاً، وليس دولة من دون أخرى».
وأكد خليفة أن تشكيل قوة عربية مشتركة «لا يلزم بالضرورة موافقة الدول العربية كافة على المشروع»، مشيراً إلى أن الجامعة العربية ككيان «تأسس بسبع دول فقط، ويضم الآن 22 دولة». وقال لـ«الحياة» أمس: «إن مشروع القوة العربية سيتم استئناف البحث فيه قريباً جداً، بغض النظر عن عدد الدول التي ستوقع على بروتوكوله»، لافتاً إلى أنه «أحد القرارات المهمة لقمة آذار (مارس) 2015 في شرم الشيخ التي حضرها وأقر نتائجها الملوك والرؤساء العرب».
وأوضح المسؤول العربي أن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، «لا بد أن يرفع إلى قمة الرباط المقبلة في 2016 نتائج قرارات القمة السابقة، وهو ما يعني ضرورة بحث هذا الملف والوصول إلى قرار بشأنه»، مشيراً إلى أن القوة العربية المشتركة هي قوات لتنفيذ «مهمات قتالية ذات طبيعة خاصة، ولا بد أن يكون هناك تقدير لكل دولة بشأن حجم مشاركتها، ومدى حاجتها لهذه القوة».


لا خلاف سعودياً - مصرياً


< وحول ما يتردد عن وجود خلافات عربية - عربية، حول تشكيل هذه القوة لناحية العدد والمقر والترتيب والآلية، قال خليفة: «هذه تحليلات إعلامية وليس واقعاً، وما يقال عن وجود خلافات عربية - عربية، وتحديداً سعودية - مصرية، في الاتفاق على بروتكول هذه القوة غير صحيح إطلاقاً، فالعلاقات السعودية - المصرية في أفضل حالاتها، والرئيس المصري أعلن تأييد بلاده المملكة أمام محاولة البعض الإساءة إلى حكومة الرياض بعد حادثة التدافع في مشعر منى. وجدد التأكيد أنه لا يمكن لدولة أخرى غير السعودية أن تشرف على موسم الحج، فهذه الدولة تاريخياً بعيداً عن المسميات عمرها أكثر من ألف عام، وتنظم هذه الشعيرة المقدسة منذ ذلك التاريخ، ولن يأتي اليوم الذي يملي فيها علينا من ينظم أو لا ينظم شعائرنا، ولا نقبل تحت أي منطلق التشكيك في الدور السعودي».
وأضاف: «أنا كمسؤول عسكري في الجامعة العربية، أؤكد أن مصر تقدر تماماً الدولة التي وقفت بجوارها، ولا يمكن للدولة المصرية أن تنتقي مواقف تأييدها للسعودية أو عدم تأييده، بل هناك تقدير كامل نلمسه في الإدارة المصرية للدور السعودي».
ورداً على سؤال حول طلب السعودية تأجيل اجتماع بشأن الاتفاق النهائي لتشكيل القوة العسكرية العربية إلى «أجل غير مسمى»، قال خليفة: «لكل دولة الحق السيادي في تقدير موقفها ودراسة الموضوع من جوانبه كافة، ولا يعني طلب التأجيل عدم الموافقة».
وأشار إلى أن الموضوع تم عرضه أمام الملوك والرؤساء العرب، وهو إجراء على مستوى الدول العربية كافة، وليس قاصراً على دولتين عضوين في الجامعة، والدول العربية كافة أرسلت رؤساء أركان قواتها المسلحة في اجتماعين عقدا في القاهرة حول هذا الأمر، ومن بينهما رئيسا الأركان المصري والسعودي، «وأنا هنا لا أميل إلى تحليل النوايا، بل المواقف الرسمية فقط، لأن هناك فارقاً كبيراً بين خبر يصدر بشكل رسمي، وآخر يصدر بناء على مقال أو تحليل قد يصيب وقد يخطأ. والخطورة أن بعض هذه التحليلات أو المقالات تقود إلى مشكلات لا يمكن تصور أبعادها، وبالتالي فإن مصائر الدول لا تترك للمحللين، وكل فرد لا يمثل بلاده، ويدعي أنه يمتلك الحقيقة في هذا الموضوع، فإن كلامه يكون خارج السياق».

آراء المحللين والإعلاميين
وقال خليفة: «تابعنا جميعاً الموقف السعودي والإماراتي والبحريني في لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ70 في نيويورك، الذي اتفق على أهمية الموقف المصري، ولقاءات وزيري خارجية مصر والسعودية على هامش هذه الاجتماعات، ما يدحض حجج من يحاولون الإيحاء بوجود اختلاف بين الدولتين».
وأكد مستشار الأمين العام للجامعة العربية للشؤون العسكرية أن «العلاقات بين الدول لا تقوم على أهواء المحللين والإعلاميين، والمتابع للقاءات اجتماعات نيويورك يدرك حقيقة هذه العلاقات، وليس أبلغ من تأكيد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، حينما قال: (نتقاسم العيش مع الشعب المصري).
وهي عبارة قوية توحي بالاتفاق الخليجي - المصري، ودعم الجيش والشعب المصري، ولها دلالات حول وجود أفكار كثيرة مشتركة تتلاقى بين الجانبين، خصوصاً أن الإمارات من بين الدول التي طالبت بتأجيل اجتماعات الاتفاق على بروتكول نهائي للقوة العسكرية العربية المشتركة. كما نلمس جميعاً كمسؤولين تقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والقيادة السعودية لمصر وشعبها ولا خلافات بين البلدين».

القوات العربية لم تنتهك حقوق المدنيين


وعن تفسيره كمستشار عسكري للجامعة العربية لطلب تأجيل اجتماع الاتفاق النهائي على بروتكول القوة العربية المشتركة، قال خليفة: «جميع القوات العربية تخوض الآن مهمات قتالية في أرض العمليات، لمكافحة الإرهاب وحماية أراضيها، وهناك فرق بين مناقشة موضوع وهذه القوات في حال ثبات، ومناقشته والقوات مشتبكة تدافع عن أوطانها ومواطنيها، وهناك عمليات مشتركة في اليمن تقودها السعودية، وتشارك فيها قوات بحرية وجوية مصرية، بالتنسيق المشترك بين البلدين، وتأمين باب المندب بقوات بحرية مشتركة، إذ هناك تنسيق في شكل من أشكال القوات المشتركة، ومصر تتابع قواتها الآن القيام بعمليات (حق الشهيد) في سيناء ونتائجها ملموسة، وهذه التحركات العربية دفعت بالإرهابيين إلى طلب مساعدات دولية وإقليمية من البعض، لإنقاذهم وإغاثتهم، ولدينا تسجيلات التقطناها تثبت هذه النداءات والاستغاثات».
ورفض خليفة اتهام البعض بأن القوات العربية في أرض العمليات المختلفة ترتكب انتهاكات إنسانية بحق مدنيين، قائلاً: «هؤلاء الذين تقتلهم القوات العربية بيدهم أسلحة، وليسوا مدنيين وهناك دول تدعمهم بها، بل إن بعض الجماعات الإرهابية تمتلك أسلحة متطورة توازي ما تمتلكه الجيوش النظامية، إن لم يكن أكثر تفوقاً من بعضها، وبالتالي فإن قتل هؤلاء واجب لحماية المواطنين والأوطان».
وأكد اللواء محمود خليفة أن «القوات السعودية والمصرية والإماراتية تمارس مهمات قتالية خارج الحدود، وتشارك القوات الإماراتية في مهمات قتالية لحماية الصومال والشعب الصومالي من الإرهاب، واستشهد عدد من الجنود الإماراتيين قبل نحو شهر فوق الأراضي الصومالية، وهذا فقط للإشارة إلى أن القوات العربية مشتبكة، وتنفذ مهمات قتالية خارجية، ولا يمكن لأحد أن يدعي وجود خلافات عربية - عربية في الشأن العسكري، والجامعة العربية تدعم بقوة هذه العمليات، وتجري على التوازي دراسات عسكرية لتعزيز هذه التعاون، ولا صحة لما يقال عن وجود خلافات».


... ويتحفظ على مهمات الجيش السوري الحر


وإذا ما كان يفهم من ردوده السابقة رفض المستشار العسكري للجامعة العربية مهمات «الجيش السوري الحر»، قال اللواء محمود خليفة: «لا يوجد شيء اسمه المعارضة المعتدلة المسلحة، وهذا اختراع أميركي، فالمعارضة معروفة عالمياً بأنها معارضة بالرأي، والاعتصام في الشوارع والميادين، أو أياً كانت وسيلة الاعتصام أو التظاهر، حتى لو حدثت خسائر بين هؤلاء المتظاهرين. وأنا أؤيد هذه الخسائر مثلما حدث بين المتظاهرين في مصر في فترة من الفترات. ولكن عندما يتم رفع السلاح من المعارضة في وجه جيش الدولة، ففي هذه الحالة سيسقط الجيش وستسقط الدولة معاً، وبالتالي نؤيد الحل السياسي، ونتمنى أن يتفق كل السوريين بجميع أطيافهم للجلوس على مائدة المفاوضات والاتفاق على المرحلة المقبلة، كما يشاءون».
وحول موقف الجامعة العربية من التهديدات الإيرانية وتلويحها بالمواجهة العسكرية مع بعض دول الخليج، قال خليفة: «أنا أتكلم عن الناحية العسكرية فقط، ولكن إجمالاً لكل دولة عربية الحق كيفما تشاء في اتخاذ القرار السياسي أو السيادي بما يخدم مصالحها.
ونحن نحترم ذلك، كل دولة حرة في قرارها طبقاً لمصالحها وطبقاً لرؤيتها للحفاظ على الأمن القومي لكل دولة عربية».
وعن الموقف الإيراني، أوضح أن هذا الأمر «يترك للمختصين في كل دولة، وأنا لا أعلق على أمر ليس لي دخل به، لكن من المؤكد أننا نحترم كل قرار سياسي تتخذه الدول العربية، بما يحفظ مصالحه وأمنها القومي».



التدخل الروسي في سورية أوجد بنوداً جديدة للتفاوض

< عن مواقف الجامعة العربية من التدخل الروسي في سورية وشن غارات جوية فوق الأراضي السورية قال مستشار الأمين العام للجامعة العربية للشؤون العسكرية اللواء محمود خليفة: «نتابع المعلومات من سورية عبر الإعلام فقط، فنحن لا نتواصل مع القيادة السورية، وهناك أنباء تتوارد عن تغير في مواقف بعض الدول الخليجية، وهو تطور إيجابي يدل على توازن حدث بالموافقة على بقاء الأسد خلال فترة انتقالية، ومن دون صلاحيات، وأنا كرأي شخصي لست مع أو ضد بشار الأسد، أنا مع أن تظل سورية متماسكة، لأن سورية دولة عربية قوية، وجيشها كان مصنفاً ضمن أقوى الجيوش العربية، مع الجيش العراقي، وبالتالي حينما نقول: هل التفاوض في ظل وجود سلطة موجودة يتم الاتفاق عليها من السوريين أمر جيد أم سيئ؟ فبالتأكيد أنه أمر جيد، لأن وجود قيادة يؤدي حتماً إلى تماسك أركان الدولة، والسوريون جميعهم متفقون على هذا المبدأ.


وأتصور أن هذه الرؤية هي الأفضل، والموقف السعودي موقف محترم، وأعتقد أن هناك الآن توافقاً في الرؤى على أن يكون الحل في سورية سياسياً، وأرى أن التدخل الروسي أظهر معطيات جديدة للتفاوض، وأنا شخصياً أؤيد جيش الدولة السورية، لأنه بمنتهى البساطة لا يمكن لأية دولة الموافقة على أن يرفع السلاح في وجه جيشها النظامي. ونحن لا نرضاها لغيرنا».