سمير عطا الله

قبل عشرين عامًا (4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1995) ذهب رئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين لحضور مهرجان للسلام. اتُّخذت جميع الاحتياطات، خوفًا من أن يتعرض لعملية اغتيال يقوم بها استشهادي فلسطيني. الذي اغتال رابين ذلك النهار كان طالب حقوق، وابن مهاجرين يمنيين، يدعى بيغال عمير.


في المساء، عندما تأكدت وفاة رابين، طلب عمير من حارس السجن كأسًا من الجعة لكي يشرب نخب موت «خائن اليهود». و«بكى» ياسر عرفات، مدركًا أنه لن يعثر بعد ذلك على سياسي إسرائيلي يشاركه العمل من أجل السلام وقيام دولتين. وعندما طلب بنيامين نتنياهو الإذن لتقديم التعازي، قالت له الأرملة ليا رابين، إياك أن تقترب من هذا المنزل.


منذ 20 عامًا انتخب الإسرائيليون نتنياهو أربع دورات. وكان عدد المستوطنين في الضفة الغربية 130 ألفا، فأصبح 400 ألف. وكانت الدولة الفلسطينية في متناول اليد، فأصبحت بعيدة عن النظر. واختفت في إسرائيل تيارات اليسار المؤيّدة للحل، وقامت مكانها موجات التوحش الاستيطاني، التي فجرت حرب القدس.


سبق خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة كلام كثير عن «قنبلة» يريد تفجيرها. وحلل كثيرون ذلك بأنه سوف يُعلن استقالته من خلف المنبر الدولي. ولكن ذوي المسؤوليات يتحملونها حتى اللحظة الأخيرة، ولا يفجرونها في قنابل صوتية لا يدوم صداها أكثر من مدى التفجير.


من سوء حظ الرئيس عباس أنه ظهر قبالته في إسرائيل نتنياهو، وفي واشنطن أوباما، وفي العالم العربي خراب العالم العربي وغياب هيبته، وتحولت المأساة الفلسطينية إلى كارثة صغيرة بالمقارنة مع الكوارث العربية الضاربة في كل مكان. إن الحروب الطائفية تمهيد لأن يعلن نتنياهو الدولة اليهودية في إسرائيل. وكل صراع مذهبي تبرير له أمام العالم لجعل الدولة العنصرية نظامًا له أسبابه، في شرق أوسط قائم على الولاء للمذاهب والنزاعات الطائفية.


وهناك أمر آخر في حظوظ أبو مازن: موقف حماس، الذي لا يكف عن الوعد بالمصالحة، ولا يقدم سوى العداء، لقد قامت «الدولتان».. في غزة والضفة.
&