علي الطراح

خصص منتدى «الاتحاد» السنوي الذي انعقد خلال يومي 20 و21 من شهر أكتوبر الجاري، لمناقشة الحالة اليمنية وجهود التحالف في التصدي للانقلاب الحوثي، وقد شاركت في أعمال المنتدى مجموعة من الكُتاب والمفكرين، وتميز اللقاء بدرجة عالية من الشفافية في طرح مختلف المتغيرات ومقاربة الظروف التي صاحبت انطلاقة حرب التحالف العربي من أجل تحرير اليمن وعودة الشرعية إلى كامل التراب اليمني. ولعل من أهم التساؤلات ذلك المتعلق بالإجماع الخليجي في الحرب اليمنية، فدول الخليج تفاوتت مواقفها ومساهماتها في التحالف العربي، وهو موقف يعتبر البعض أنه يثير تساؤلات حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي. ولاشك أن السعودية والإمارات العربية المتحدة لديهما تصور واضح حول طبيعة الخطر الذي يهدد المنطقة الخليجية بالدرجة الأولى والمتجسد في الشهية الإيرانية في بسط النفوذ ونهَم التوسع والسيطرة، بينما يرى الجانب الآخر في دول المجلس أن تحييد إيران قد يكون سياسة يمكن أن تجنب المنطقة مزيداً من الحروب. إلا أن واقع الحال أن إيران اختارت طريق سياسة فرض النفوذ والسيطرة ولذا فهي غير عابئة بعواقب سياساتها، مما أدى إلى اتخاذ قرار المواجهة الذي لم يكن هناك مفر منه.

وإيران الشاه، كانت لديها بعض التوجهات، إلا أنها كانت منضبطة ولا تشكل تهديداً للإقليم الخليجي، والتغير الجذري جاء بعد ثورة الخميني، حيث ظهر شعار «تصدير الثورة» إلى دول الجوار مما أدى إلى تصاعد التوتر في العلاقة الإيرانية الخليجية، والعربية بصفة عامة. وقد استطاعت إيران أن تتمدد عبر خلق مليشيات موالية لها مثل «حزب الله»، الذي أقام دولته الخاصة داخل الدولة اللبنانية، ودخل في المواجهة العسكرية في سوريا، واختار مساندة النظام السوري وفق الرغبة الإيرانية. وأبدت إيران أيضاً توجه عداءها لمملكة البحرين وأخيراً للكويت عبر دعم خلايا مسلحة تم الكشف عنها مؤخراً. ولا تخفي إيران نشوتها بالسيطرة على بعض من العواصم العربية، وفيها من يعلن أن تحرير القدس يمر من خلال اليمن! مثلما كان صدام حسين في غزوه الغاشم للكويت يزعم أن احتلالها هو من أجل تحرير القدس!

&


وقد اتخذت دول مجلس التعاون من المسار السلمي خياراً أساسياً في تعاملها مع إيران، وحاولت مراراً وتكراراً تجنب الدخول في المواجهات العسكرية، إيماناً منها بأن الحروب لا تقود إلا إلى مزيد من الدمار، إلا أن هذه الرغبة تواجه بمزيد من العداء من الجانب الإيراني وخصوصاً بعد الانفراج الدولي المفترض بعد التوقيع على الاتفاق النووي. فالدولة الإيرانية ماضية في سياستها التوسعية، وممعنة في التمدد، من خلال رفع شعارات مذهبية تهدف إلى اختراق دول الجوار الخليجي والعربي وإشعال فتن طائفية بتكوين مليشيات موالية لها، وهذا ما حدث في اليمن في الحقيقة، حيث إن الحوثيين سعوا لتبني خطوات «حزب الله» اللبناني ورفع قفاز التحدي في وجه الجميع، وهذا ما دفع السعودية إلى اتخاذ قرار المواجهة. ودول الخليج العربي التي تتسم سياساتها عادة بالتأني، وربما أحياناً، في بعض الحالات، بالتردد، كانت هي المستهدفة في نهاية المطاف. وهدف تفكيك المنظومة الخليجية هو الذي تسعى إيران إلى تحقيقه. وهذا ما يؤكد النوايا العدوانية تجاه دول مجلس التعاون، وضرورة التصدي لذلك هي ما أدى إلى انطلاق حرب التحالف العربي لوضع حد لمحاولة بسط النفوذ الإيراني وتمدده الذي صار تحدياً ماثلًا علينا مواجهته. والحرب بكل تأكيد تحتاج جهداً، إلا أنها خيار فُرض على المنطقة، ويتعين أن نصل إلى قناعة خليجية حول مصدر الخطر الذي يهددنا جميعاً، وأن نصل إلى صيغة سلام مستدام تحفظ استقرار المنطقة ككل.