&هيا عبد العزيز المنيع
&
&&& بين فترة وأخرى تصدر فتاوى غريبة وشاذة بالمفهوم الديني.. في السابق كانت تلك الفتاوى تصدر بين وقت وآخر، بمعنى أنها تأخذ دورتها الزمنية لضعف قنوات التوصيل، ومع اتساع شبكات التواصل الاجتماعي وسهولة تناقلها باتت تأتينا بشكل يومي تقريبا فتاوى لا تستقيم مع ضوابط الفتوى ولا المقصد منها.. فتاوى تنافس تغريدات المتفرغين لتويتر..
&
بعض تلك الفتاوى تشعرك أن قائلها لا يعرف ابجديات الفتوى.. فما بالك بفقه الواقع.. ابسط ابجديات الافتاء يفترض إدراك المفتي لضرورة الاستناد للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأن يتخلص من اهوائه ورغباته الشخصية.
&
بداية لابد من اعادة النظر في تلك الاحكام والفتاوى التي باتت تتسرب من افواه البعض بطريقة غير موضوعية، ولابد أن يتذكر هؤلاء أنهم ينطلقون من بلاد الحرمين ما يضاعف من مسؤوليتهم أمام المجتمعات الاسلامية على وجه العموم.
&
على المفتي أن تكون فتواه خالصة لله عز وجل ولا تخضع للأهواء الشخصية او التفكير الرغبوي وان تأخذ بزمام مقاصد الشريعة الاسلامية وخاصة تحقيق المنفعة ورفع الضرر وحماية الكليات الخمس (الدين، النسل، النفس، المال، العرض).
&
قدرة المفتي على استيعاب المتغيرات والتعامل معها برؤية اسلامية واعية ومعاصرة لا تخل بثوابت الدين الاسلامي..
&
حين تأتي فتوى تحرم ميكي ماوس واخرى تشير الى ان الرجل عورة كله الا وجهه ويديه.. وآخر يذكرنا أن الاختلاط في المقابر بين الأموات محرم.. وفتوى أخرى تؤكد أن الميت في بلاد الكفار مآله النار، وآخر يبيح للمبتعثين الزواج بنية الطلاق.. وخلافه من فتاوي لا يمكن اعتبارها مناسبة أو مرتكزة على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.. ما يعني أننا أمام حالة من فقدان الوعي لمعنى وأهمية الفتوى التي هي اهم ادوات الاجتهاد الذي من خلاله تتحقق ديمومة الاسلام وصلاحه لكل زمان ومكان.
&
الفتاوى سابقا كانت تموت في مجلس وحلقة قائلها ولا تزيد دائرتها على مئات الاشخاص ممن حضروا حلقة الذكر أو المحاضرة.. اليوم باتت تنطلق بسرعة الصاروخ في العالم وتتناقلها وكالات الانباء العالمية بل إنها باتت تشكل حيزا مهما من صورتنا عالميا.. وهي بتلك الفتاوى صورة غير ايجابية خاصة تلك الطروحات المتشددة او المسفهة للعلوم المثبتة بقوانين ونظريات متفق عليها، ومنتج مادي نافع للإنسانية عامة..
&
في الوقت الذي تقود فيه المملكة العربية السعودية تحالفا اسلاميا لمحاربة الارهاب فكريا وعسكريا نجد للأسف بعض علمائنا يؤكدون أن هؤلاء الدواعش إخوة بغوا علينا..!
&
والخطير أن بعض تلك الفتاوى تحمل فكرا متشددا يتوافق مع ثقافة العنف والكراهية والاقصاء.. مع ملاحظة أن اغلب تلك الفتاوى الشاذة تأخذ بناصية التحريم وخاصة في الشأن النسائي ما جعل بعضهم يبالغ في تكريس ثقافة اقصاء النساء حيث اعتبر دخولها المجلس البلدي محرما وعملها في مهنة المحاسبات في الأسواق العامة مكروها، بينما لم يجد هؤلاء حرجا من وقوفها متسولة عند اشارات المرور..! مع ان ديننا يؤكد ان المؤمن القوي خير من الضعيف والعمل والاكتفاء قوة، واليد العليا خير من اليد السفلى..
&
الشاهد في كل ذلك ضرورة تطوير آليات واساليب عمل هيئة كبار العلماء وسرعة مواجهتها لهذا التدفق في الفتوى والمسيئ للإسلام وسماحته وقدرته على استيعاب المتغيرات.
التعليقات