&المصريون نسوا متعة العمل واستراحوا للفضائيات والنت… ورجال الأعمال يخذلون السيسي&
&أبرز ما تناولته الصحف المصرية الأيام الماضية كان كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمناسبة احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوي الشريف، وتغيير أحد عشر محافظا، واستقباله الفتاة الإيزيدية نادية مراد.
أما الموضوعات الأكثر اجتذابا للاهتمام فكانت قرار الرئيس تشكيل لجنة مكونة من رئيس هيئة الرقابة الإدارية وممثلين عن وزارات العدل والداخلية والمالية والتخطيط، للتحقيق في ما نشرته بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية منسوبا للمستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بأن خسائر الفساد عام 2015 بلغت ستمئة مليار جنيه. واللافت أن قرار الرئيس بتشكيل اللجنة، التي ضم إليها نائب جنينة المستشار هشام بدوي، الذي عين منذ أيام، ونشر أنه على غير وفاق مع هشام، أي أنه لو ثبت أن هشام أدلى فعلا بهذه التصريحات ولم ينكرها، فعلى اللجنة أن تصدر تقريرها، إما بأن ما قاله غير صحيح وبشهادة نائبه هشام بدوي، وبالتالي فإنه سيخضع للحساب من جانب الرئاسة ومجلس النواب، الذي يستعد لعقد جلساته، وإذا ثبت صحة ما قاله فالأمر سيختلف.
ولا تزال اهتمامات الأغلبية مركزة على احتفالات أعياد الميلاد والسنة الميلادية الجديدة، واستعدادات الأمن لتأمينها وصدور تعليمات صريحة لقوات الأمن بقتل كل من يحاول القيام بأي عمل إرهابي. وبدء الحكومة توزيع ثلاثمئة وخمسين سيارة لحفظ المواد التموينية كدفعة أولى على الشباب. وأخبار الاتفاق على الجزء السادس من مسلسل ليالي الحلمية. وإلى بعض مما عندنا.
السيسي: «تنزلوا ليه أنا أمشي
لو كانت دي رغبة الشعب»
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على الخطاب الذي ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء الثلاثاء، في احتفال وزارة الأوقاف بذكرى المولد النبوي الشريف، والذي أثار اهتماما بسبب مسألتين وردتا في الخطاب، الأولى هي الهجوم العنيف الذي شنه من دون مواربة على السلفيين، الذين كرروا ما سبق وقالوه في مناسبات احتفالات أشقائنا المسيحيين في أعياد الميلاد، وهو عدم جواز تهنئتهم بها، وطالب المسلمين أن يهنئوا إخوانهم، لأن الإسلام دين تسامح. وهذا الكلام استمرار لمواقفه السابقة التي وصلت ذروتها في السابع من شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حيث فاجأ البابا تواضروس وكل الموجودين في الكاتدرائية المرقسية للاحتفال بعيد الميلاد للطائفة الأرثوذكسية بالحضور للتهنئة لمدة دقائق، وكان قد جاء من المطار إلى الكنيسة مباشرة لأنه كان في رحلة في الخارج.
أما المسألة الثانية فكانت ردود الأفعال عليها سلبية وأثارت قدرا من عدم الرضا، وهي أنه علق على الدعوات الداعية للقيام بثورة جديدة في ذكرى ثورة يناير، والنزول للميادين، وقال «تنزلوا ليه أنا أمشي لو كانت دي رغبة الشعب»، ومصدر عدم الرضا على كلامه أنه أظهر الدولة بمظهر الخائف من خطر حقيقي وأعطى لأصحاب هذه الدعوات أهمية لا يستحقونها، بل لفت أنظار الناس إلى قضية لا يهتمون بها، وأن الجميع يعلم أن مثل هذه الدعوات التي تكررت من قبل كانت دعائية ولم تنزل الجماهير للميادين أو الشوارع، بل كان هناك تحفز من الناس للاعتداء على أي متظاهرين.
وهو ما دفع زميلتنا الجميلة أمينة النقاش رئيسة تحرير جريدة الأهالي، لأن تقول يوم السبت في مقالها الأسبوعي في «الوفد»: «أخذ هذه الترهات بجدية من قبل الرئيس والبناء عليها بالتعهد بعدم البقاء في الحكم ثانية واحدة ضد إرادة الشعب.. «أنتم لستم في حاجة إلى أن تنزلوا لو أرادتم أن أمشي سأمشي» يمنح قائليها الاعتقاد بنجاحهم في إرباك المشهد السياسي، ويعطي لهم مادة لمواصلة نشر تفسيراتهم التافهة والمغرضة كقولهم، أن الخطاب يعكس تخوف الرئيس مما يسمونه الموجة الثورية في 25 يناير/كانون الثاني، وأنه يهدد شعبه بالتشرد واللجوء، إذا ما تظاهر في هذه الذكرى. مع أن الرئيس شرط تعهده بأن يكون مطلبا لكل الشعب المصري، وليس بدعوات مجموعة تنطبق عليها تعجبه من بعض الذين يخونون الوطن ويمارسون الإرهاب والعمالة لمصلحة دول تستخدمهم من أجل تفكيك الوطن تحت مسميات ودعوات عدة».
إعلام يثير المعارك
الوهمية وآخر من «المطبلاتية»
وتناول الخطاب نفس في يوم السبت ذاته زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي عن قضايا أخرى أثارها الرئيس: «الرئيس عبد الفتاح السيسي يحلم لمصر بأن تكون أم الدنيا، وقد الدنيا، وأن تنهض من عثرتها لتستعيد مكانتها.. وأن يقدم لشعبها الرخاء بعد طول معاناة والرئيس لا يتوقف عن العمل.. وطرق كل الأبواب من أجل تحريك عجلة الاقتصاد وبناء مصر الجديدة. ولكن الرئيس على ما يبدو شعر بأنه في الميدان وحده، وأن هناك عدم تقدير من البعض لما يبذله من جهد أو تقدير ومراعاة لحجم ما يواجهه من تحديات. وحديث الرئيس في خطابه في المولد النبوي الشريف كانت فيه مسحة من الحزن ممتزجة بلمحة يأس بدأت في التسرب إليه. والواقع أن الرئيس من حقه أن يشعر بالمرارة وأن ينتابه إحساس بالتعجب مما يجري حوله. فالرئيس لا يواجه فقط مشاكل مصر المتراكمة والمتفاقمة، ولكنه يواجه أيضاً صراعات النخبة المثقفة التي لا تنتهي، والتي تهدد بإفساد وإفشال المسار الديمقراطي. ويواجه إعلاما يثير الكثير من المعارك الوهمية، وإعلاما آخر من «المطبلاتية»، الذين يخوضون معاركهم بسيف الرئيس، ويسيئون إليه، ثم يواجه بعد ذلك أجهزة تنفيذية بطيئة الحركة، تعطل أي إنجازات ببيروقراطية متأصلة وعميقة الجذور، والرئيس أيضاً في يده الحل، فالرئيس الذي منحناه ثقتنا وفوضناه في أمرنا يمكنه أن يقود ثورة التغيير الإداري، وأن يطلق إشارة التطهير الإعلامي، وأن يدعم مكتبه بمساعدين وخبرات تجيد قراءة المشهد وتبحث وتفرز أفضل العناصر القيادية ولا تترك أمر الاختيارات والتعيينات «للشلل» وأصحاب المصالح».
رجال مال
يتسيدون الساحة السياسية
ومن «الجمهورية» إلى «أخبار اليوم» وزميلنا صابر شوكت وقوله: «يبدو أن صبر الرئيس نفد، قالها على الهواء منذ أسبوع «أنا ما ليش شلة». ربما ملايين المصريين البسطاء لم يفهموا الرسالة.. الرئيس السيسي كان حياؤه يمنعه من تأنيب هؤلاء السذج الذين تخيلوا أنهم يستطيعون أن يفعلوا معه ما كانوا يفعلونه أيام مبارك، كانوا يعلقون صور لقائهم بمبارك في لقاءات عابرة ولكنهم ارتدوها «عباية رئاسية» كجواز مرور لتحقيق مصالحهم الخاصة، بعضهم تقرب أكثر للرئاسة أيام مبارك ومعهم ملفات ضد خصوم.. استخدموها لابتزازهم عند عدم تحقيق مصالحهم.. وبعضهم حفظها في بئر الأيام عند الحاجة، وكان مبارك يفرح بهذه الملفات، ويجيد لعبة الابتزاز، وتبعه جيش من الأتباع ورموز رجال مال وسياسة عادوا يتسيدون الساحة السياسية الآن بفضائيات فضائح. هؤلاء للأسف بعد ثورتين عظيمتين حتى الآن لم يرتقوا إلى دم شهداء الوطن، الذين يتساقطون حتى الآن من أبنائنا في الجيش والشرطة، في الحرب المقدسة على الإرهاب، حولوا إرث الابتزاز إلى ثقافة مجتمع مثل فسادهم.. وخرجوا جميعاً على الهواء بتعليمات ومباركة من بعض «حكماء الدولة العميقة» يعرضون بضائع الابتزاز لمن يريدون ذبحه بالحق أو بالباطل لا يهم. وعاش المصريون في ذهول يتابعون مباريات الابتزاز بين الجميع، والعالم الخارجي يتابع على الشبكة العنكبوتية فضائح الجميع في مسلسل الابتزاز بين جميع من ارتدوا «العباية الرئاسية» من أول صاحب الصندوق الأسود وكارثته الفضيحة، وحتى فضائح إعلامية الخير وإعلامي عرض فيديو المخرج النائب.. وغيرهم. وللأسف جميعهم كانوا قد التقوا بالرئيس وخرجوا يهيئون للملايين أنهم رجال الرئيس! بدليل أنه، رغم فسادهم المعلن، يصحبهم معه في رحلاته للخارج في فرق إعلامية تسانده.. والرئيس بريء من ذلك.. ولم يطلب أحداً منهم.. وأخيراً فرغ صبره وأعلنها قائلاً «أنا ما ليش شلة»، وهو ما يؤكد ما قاله لهم من قبل «لا توجد عليّ فواتير لأحد» فلم يفهموا، بقي للرئيس شيء واحد يفعله حتى يفهموا، وهو أن يتخلص من عبء تحملهم وحسابه عليه بحرمانهم من اصطحابهم في رحلاته الرئاسية لدول العالم».
فاروق جويدة: نطالب السيسي
بفريق عمل قادر ونزيه
أما في «الأهرام» فقال زميلنا الشاعر فاروق جويدة يوم السبت في عموده اليومي «هوامش حرة»: «.. الرئيس يعاتب المصريين بحب شديد وهو يطلب منهم العمل والإنتاج والصبر فليس أمامنا غير أن ننجح. وهو يعلم ونحن أيضا نعلم أن أمام مصر فرصة تاريخية لأن تنطلق وتخرج من كل هذه الأزمات والمؤامرات، وهي ستخرج أن شاء الله لتبدأ عصراً جديدا.. أن الرئيس السيسي يتردد في أن يتحدث عن لغة الحوار في حياة المصريين، وهذا الكم الرهيب من البذاءات وقلة الأدب والانحطاط في السلوك والأخلاق، ولنا أن نتصور بماذا يشعر الرئيس السيسي وهو يجلس مع أسرته ويشاهد المعارك والصراعات على الفضائيات المصرية، وهي تواجه المصريين كل ليلة بهذا الحشد الرهيب من الكراهية والتجريح».
وفي اليوم التالي الأحد تابع جويدة كلامه قائلاً: «الرجل يتعفف أن يتحدث عن التجريف الذي حدث للعقل المصري، وكل الناس وأنا منهم نطالبه بفريق عمل قادر ونزيه ليكون شريكه في معركة البناء والمسؤولية. أن الرجل يترفع عن أن يخوض في موقف رجال الأعمال الذين خذلوا وطنهم وشعبهم قبل أن يخذلوه، لقد اخذوا من مصر كل ما كان لديها في ظل عصابة حاكمة لم تخش الله في وطنها، والآن يبخلون على هذا الوطن بالقليل. إننا نعرف أننا شعب نسي متعة العمل واستراح للفضائيات والمخدرات والنت والفوضى، وكل واحد يريد أن يكون مليونيرا من دون جهد أو عمل، بعد أن استوعب الدرس من عصابات سرقت ولم يحاسبها أحد. باختصار شديد لقد أراد الرئيس السيسي أن يشكو المصريين لأنفسهم ويحرك ضمائرهم وما بقى فيهم من نوازع الخير والصدق والأمانة انه خائف على الوطن وأنا والملايين يصدقون خوفه».
البلد يحتاج لتغيير الأمور أكثر من التسيير
ونظل مع الرئيس السيسي، ولكن يصحبنا إليه هذه المرة أستاذنا محمد حسنين هيكل وما قاله مساء الجمعة في حديثه مع زميلتنا الإعلامية الجميلة لميس الحديدي على قناة «سي. بي. سي» وأبرزه قوله: «الرئيس السيسي، ربنا يكون في عونه، في أوقات كثيرة أتعجب كيف ينام الرئيس وهو قد قال لي منذ يومين، أنا لا أنام إلا ساعتين ليلا، القلق أقل بكثير ما نوصف به المخاطر. وهذا البلد إذا لم يتنبه أخشى أن يكون في طريقه للخروج من التاريخ؟ وأنا أخشى باستمرار أن يغلب عليه جانب الحذر، ومن ثم التفاؤل والرجل بطبعه متفائل، وهذا جيد ولكن أخشى أن لا يتم تقليل الفجوة بين التفاؤل والحقائق، ولا أتصور أن مصر وحدها قادرة على الخروج للمستقبل. وهي تحتاج لقوى حقيقية واحتياطات كافية. والاحتياطي الكافي هو العالم العربي وقوتكِ الذاتية هي قوى الاقتناع العام بما تفعلينه، ومن ثم نحتاج لمراجعة ولا أظن أن مجمل السياسات المطروحة على الساحة تكفي لإقناع الناس بأن هناك مستقبلا مُرضيا ومقبولا. الفريق المعاون للرئيس يحتاج أن يكبر جداً وأن يكون ممثلا لشيء والفريق المعاون للرئيس في أحسن الأحوال ناس لديهم نوايا طيبة، ولكن ما حوله بيروقراطية وهي لتسيير الأمور وليس للتغيير، وهذا البلد يحتاج لتغيير الأمور أكثر من التسيير، ونحن في لحظة خطرة والتغيير ليس رفع الخيام، لكن يجب أن يكون هناك مقصد واضح وخريطة لما نريد أن نذهب إليه، ويحدد هذا حوار بين كل قوى الوطن وهذا غير حاصل.
وبداية الحوار الحقيقي هي تجهيز ممثلين حقيقيين للشعب، وأن نطرح عليهم الحقائق والاحتمالات، ثم نستمع لما يقال، ومن ثم بلورة رؤية من نوع ما لمستقبل هذا البلد. أتمنى جداً على الرئيس السيسي بمساعدة آخرين، أن يضع خريطة للأمل، حيث أنني أعتقد أن مهمتنا سنة 2016 هي وضع خريطة لأمل حقيقي وخريطة يبدو منها ماذا أفعل في الداخل؟ كيف أصنع نموذجا لمكافح ونموذجا لمهتم بما حوله وطرف في قضايا العالم ويتحمل مسؤوليته، مع احترامي لكل النوايا الحسنة، يجب أن يقول الرئيس للمواطن المصري البسيط الحقيقة، أن لا نمنحه أملا زائفا، وأن يكون الأمل مصحوبا بخطة عمل، لأن الأمل من دون خطة عمل بلا أجنحة».
ومن الواضح أن الرئيس قابل هيـــكل يوم الأربعـــاء الماضي وأنه على اتصال مستمر معه ويلبي مشورته، وأعتقد أن هذا ما يتم أيضا مع عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية السابق.
«بورك لأمتي في بكورها»
ويبدو أن رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين تابع برنامج الجميلة لميس الحديدي في لقائها مع الكاتب محمد حسنين هيكل فكتب مقاله يوم السبت من وحي اللقاء قائلا: «في حواره المتميز والعميق دائما مع الإعلامية لميس الحديدي على فضائية «سي بي سي»، قال الكاتب الأستاذ محمد حسنين هيكل، مساء الجمعة إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أخبره أنه لا ينام إلا ساعتين فقط كل يوم.
الانطباع الأول الذي سيصل لأذهان الناس هو التعاطف مع الرئيس، باعتباره يبذل جهدا استثنائيا، بسبب تراكم المشاكل. لكن الانطباع الأخير الذي سيترسخ في الأذهان أن هذا أمر خطر وفوق احتمال البشر، ولا يمكن لإنسان عادي أن يستمر هكذا، لأنه لن يتمكن من اتخاذ القرارات الصحيحة كما ينبغي لها أن تكون.
أتمنى أن يبادر الرئيس السيسي إلى وقف هذه العادة فورا، لأنه لا يمكن لشخص أن يواصل حياته بمثل هذا المعدل من ساعات النوم. من الصحي جدا أن يستيقظ الإنسان في الخامسة، «بورك لأمتي في بكورها»، ويبدأ عمله بعد صلاة الفجر، ونتذكر مطالبة الرئيس للوزارات والهيئات بأن تبدأ أعمالها في السابعة صباحا، لكن لكي ينجح ذلك فالمطلوب أن يحصل الإنسان على قسط من الراحة، وأن ينام مبكرا أيضا. نطالب الرئيس بتغيير هذه العادة فورا، لأنه يفترض أن يكون في كامل لياقته الصحية والذهنية والبدنية وهو يتخذ قراراته، والنوم ساعتين فقط لن يوفر له ذلك إطلاقا.
نشاهد كل رؤساء أمريكا وهم يعلنون أنهم ينامون جيدا، ويستمتعون بحياتهم جيدا، ويحصلون على إجازاتهم في المنتجعات المختلفة. وقبل أيام قرأنا أن الرئيس باراك أوباما ذهب في عطلته بعد أن ألقى الخطاب السنوي.
قبل شهور صدرت دراسات من كبريات المستشفيات العالمية طالبت فيها رؤساء الشركات بضرورة النوم ثماني ساعات حتى يكونوا على أعلى درجة من اللياقة والصحة، بل ويكونوا في مستوى يمكنهم من الإبداع ليتخذوا القرارات الصحيحة.
هذا الأمر ينطبق على رئيس الشركة والعامل في الشركة ورئيس الجمهورية وقائد الجيش وأي مسؤول في أي موقع. ونقرأ دائما أن النظريات العلمية تقول إن متوسط عدد ساعات النوم التي يفترض أن يحصل عليها الشخص العادي هو ثماني ساعات يوميا، ولم نقرأ أبدا أنها يمكن أن تصل إلى ساعتين، وإلا كانت هناك خطورة حقيقية على الشخص الذى يفعل ذلك، خصوصا إذا كان مسؤولا وفي مكان حساس.. يحتاج الرئيس ــ كما قال بصدق الأستاذ هيكل ــ إلى أن يزيد عدد الفريق المساعد حوله. أعرف بعضا من هؤلاء المساعدين وهم يبذلون جهودا جبارة، لكن كلما زاد العدد وصار هناك خبراء ومستشارون في كل المجالات، صار الرئيس قادرا على وضع الرؤية السليمة، بدلا من أن يجد نفسه غارقا في العديد من التفاصيل الدقيقة التي هي ليست مهمته بكل تأكيد. هناك طاقة لكل إنسان وقدرة على الاحتمال. من مصلحة مصر أن يتمتع رئيسها بأفضل حالة صحية ممكنة، وهذا لن يتأتى بالنوم ساعتين فقط يوميا».
لماذا يروع السيسي المواطنين
دائما بخطورة غيابه؟
أما في «المصريون» فكان مقال رئيس مجلس إدارتها ورئيس تحريرها جمال سلطان عن خطاب السيسي ذاته ومما جاء فيه: «انتهى عصر الحاكم الذي يختزل الوطن في شخصه، الرئيس هو مواطن اختاره مواطنون آخرون لينوب عنهم في اتخاذ القرارات والسياسات التي تحمي الوطن وتكفل لهم العيش الكريم وتحقق العدالة والقانون وتنشر الأمن والأمان، فإذا أصاب وأدى أداء جيدا ونهض الوطن به ، فبها ونعمت، وغالبا سيجدد له مواطنوه التفويض في انتخابات جديدة. أما إذا فشل أو عجز أو أخطأت سياساته، فكل ما هنالك أنه سيرحل ليخلي مكانه لقيادة جديدة تحاول إصلاح ما أفسده أو النهوض بما أبطأ هو فيه. وفي المنظومة الديمقراطية يرحل الحاكم بسهولة ونبل وإجراءات روتينية تضمن سلام المجتمع والدولة، كما يحدث في العالم «المتحضر». وفي المنظومة غير الديمقراطية يرحل بالدم والنار، مما يعرض الوطن للخطر والدولة للتفكك. فالمشكلة تكون عادة فيه هو، الحاكم، وليس في الوطن، كما رأينا في سوريا كنموذج صارخ، حيث عرض بشار الأسد بلاده للدماء والخراب والانقسام والتفتت واستنبات تنظيمات إرهابية وحشية وشلال دم وحرب أهلية خمس سنوات متتالية، من أجل أن يبقى هو وعائلته على كرسي الحكم، وكان يمكنه تفادي تلك الكارثة وحماية وطنه بسهولة لو أنه قرر ـ منذ البداية ـ الاستجابة لأشواق شعبه مع ربيع الحرية وقدم استقالته ودعا مواطنيه لانتخاب قيادة بديلة، لكنه ـ ككل طاغية استبد به جنون العظمة ـ كان يعتقد أنه هو الأهم وليس شعبه، وأنه لا سوريا بدونه. أرجو أن تنتهي تلك التلميحات من خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي المقبلة، لا يصح أن يروعنا بأنه إذا غاب ـ لسبب أو آخر ـ فإن البلد ستكون في كارثة والدنيا خرابا ويبابا والوطن يصبح حريقا أو مزقا مشتتة، عليه أن يركز على أداء دوره وواجباته كرئيس للدولة، فإن شعر أنه ـ لسبب أو لآخر ـ عاجز عن أداء دوره، أو أن الحمل أثقل من قدراته، فكل ما عليه أن يخلي السبيل أمام غيره لكي يتولى القيادة، وسنشكر له ذلك ونقدره، لأن هذا السلوك النبيل والديمقراطي هو وحده الذي يحمي وطنه ووحدته وأمنه وأمانه، وليكن على ثقة بوطنه وببلاده وقدراتها، بأن يوقن أن بلاده ولاّدة، ووطنه غني بأبنائه النجباء والقادرين، فلم يكن أول حاكم يمر على هذا البلد ولن يكون الأخير» .
التخبط المستمر هو سيد الموقف
ونبقى في «المصريون» ومع الكاتب طه خليفة ومقاله عن الوطن الجديد يقول: «… الحلول في أيدي السلطة، وهي لا تكلف شيئا، بل تفيد في إخراج البلاد من أزماتها، وتوفر أرضية لتنفيذ مشروعها في التنمية. لماذا تتلكأ السلطة في التصدي بجسارة للأزمات، اللهم إلا إذا كانت لا ترى وجودها، أو لا تعترف بها، أو تتعامى عنها، مثلا يخرج علينا لواء كبير في وزارة الداخلية، ويقول بشأن وفاة محتجز في قسم شرطة إنها حادثة فردية، ثم تتكرر الحادثة لتصير حوادث، حتى تبلغ ثلاثة في أسبوع واحد، إنكار أن هناك مشكلة فعلية وخطيرة تتعلق بحقوق أساسية عالمية، وهو الحق في الحياة، والكرامة الإنسانية، يساهم في استمرار تكرارها وبأشكال مختلفة، هل ستتوقف الإهانات ومصرع محتجزين في الأقسام؟ لن تتوقف، طالما ليست هناك شجاعة الاعتراف، ثم شجاعة التصحيح والتطهير، ثم يقولون أن الإخوان يستغلون تلك الحوادث في تشويه صورة الداخلية، وماذا تنتظرون منهم؟، هل تتوقعون أن يصمتوا، أم يدافعوا؟ أنتم من تمنحونهم مادة البقاء على الحياة، وأمل مواصلة لعبة الصراع، وتوفرون لهم أسبابا جديدة لاستعادة بعض التعاطف وتأكيد المظلوميات، مثلما فعلت صور رئيس البرلمان السابق الدكتور سعد الكتاتني ومن معه في القفص، وهم في وضع مزر، ومثلما يفعل حديث مع القاضي الذي يتصدى لقضايا الإخوان، والذي بكلامه يثير بنفسه الشكوك في أحكامه وفي العدالة، وقبله حديث وكيل المخابرات الأسبق الذي تقمص ثوب البطولة والعلم، وزعم أن المخابرات لم تتعاون مع مرسي، فجعل من يقولون أن الأجهزة تواطأت عليه تستشهد بذلك الكلام، وهلم جرا، وحالة سد النهضة كقضية حيوية للمصريين جميعا، وأداء السلطة فيها غير المقبول واستئساد إثيوبيا على مصر وعلى حقوقها في مياه نهر النيل يستدعي المقارنة بين حالتي مرسي والسيسي، لتجد أن التخبط المستمر هو سيد الموقف. ماذا يكلف السلطة أن تتوقف عن القبض على الصحافيين وأصحاب الرأي ومن يختلفون معها؟ أو ألا تضيق عليهم، وألا توسع دوائر الاشتباه، وألا تقبض على أي شخص إلا إذا كانت هناك اتهامات حقيقية وصادقه بحقه؟ ولماذا لا يتوقف ذلك السلوك الأمني العتيق الذي لا وجود له إلا في أنظمة الرعب وهو الهجوم على البيوت ليلا وترويع من فيها وإهانة أصحابها وبعثرة محتوياتها؟ هل يقول لي أحد أن أجهزة الأمن تعجز عن الوصول لأي شخص تريده نهارا؟ أظن أن الأمن عبر أذرعه الرسمية وغير الرسمية متغلغل في كل شارع وحارة وقرية ومدينة. وهل يصعب على النظام أن يوجه بتوفير حياة آدمية تتماشي مع حقوق الإنسان للمسجونين والمحتجزين ومعاملة أسرهم خلال زياراتهم المعاملة اللائقة؟ استغرب أن يصر على إتاحة الفرصة داخليا وخارجيا لمن يريد تشويه صورته وبسهولة شديدة ومن دون جهد، صورة مشوهة في الإعلام الدولي وفي تقارير المنظمات الحقوقية ولدى الرأي العام العالمي، سيقولون إنه تآمر على مصر 30 يونيو/حزيران، اكشفوا التآمر، أو أزيلوا أسباب الانتهاكات، هل هذا صعب؟ أم الهدف الإذلال؟ رموز نظام مبارك كانوا إذن في فنادق، وليس زنازين، مقارنة بما نراه في الصور ونقرأه ونسمعه اليوم عما يحدث في السجون، أكدوا بالإقناع أنها أكاذيب».
دليل النائب لدعم الدولة
وننتقل من «المصريون» إلى «المصري اليوم» عدد يوم السبت ومقال الكاتب عبد المنعم سعيد عن دليل النائب الذكي إلى دعم الدولة قائلا: «أصبح لدينا الآن برلمان منتخب، تم إنجاز خريطة الطريق. خالص التهاني مع التمنيات المخلصة بالنجاح الذي تعريفُه أن تصبح مصر أفضل مما هي عليه الآن. المسألة صعبة، ليس فقط لأن هناك من يريد هدم ما تحقق من اقتراب ديمقراطي، وبدلاً من تجاوز الماضي فإنه يستدعيه لكي يكون حاضراً بالطريقة نفسها، من البهلوانيات السياسية.. ما علينا، ففي الفم ماء كثير، فحتى الانتخابات البرلمانية كان الشعب المصري ينتظر ما سوف يفعله أولاً الرئيس عبدالفتاح السيسي، وثانياً، وفي مكانة متأخرة، فإنه سوف ينتظر ماذا تفعل الحكومة. الآن أصبح لدينا مجلس للنواب، وسوف ينتظر المواطنون منه تحقيق الهدف الأسمى الذي تمت الإشارة له عاليه. وعلينا أن نعترف بأن نائب البرلمان سوف يواجه معضلة كبرى، فهو من ناحية ممثل للأمة، ولكن الأمة مريضة، ومشاكلها لا تعد ولا تحصى. وهو من ناحية أخرى ممثل لدائرته، ومن انتخبوه فعلوا ذلك لأنهم يعتقدون أنه يستطيع حل مشاكل الدائرة. لن يعفيه القول إنه جاء إلى المجلس الموقر لكي يمثل مصر كلها، ويحل مشاكلها بالتشريع والمراقبة، فتلك سوف تكون الوصفة التي تجعل هذه الدورة البرلمانية آخر الدورات التي يشارك فيها.
دليل النائب الذكي للعمل في مجلس النواب هو أن تكون لديه أولويات، التي هي وسيلة للنزول بالمعضلات الوطنية من دائرة الأحلام والكوابيس، إلى دائرة الإمكانية العقلية للتفكير. سوف أقترح على النائب المحترم- الذي يهتم بالموضوع بالطبع- ثلاث أولويات، أو أهداف ربما تُخرجه من هذه الحيرة المروعة. الأول: تحقيق التقدم لمصر، أي يكون غدها أفضل من حاضرها، وبالتأكيد أفضل من ماضيها، القريب على الأقل. الثاني: تحقيق التوازن الاقتصادي والمالي للدولة المصرية. الثالث: تحقيق زيادة ملموسة في مستوى المعيشة للمصريين. هذه ثلاثة عناوين يمكن تجميع كل المشكلات والمعضلات، وأحياناً المصائب المصرية تحتها، وبالنسبة للنائب فإن باستطاعته أن يضع قضايا دائرته تحتها. الأمر كله بالطبع يحتاج تفاصيل كثيرة…. رفع مستويات المعيشة سوف يكون منطقياً من كل ما سبق، ولكن شرائح اجتماعية ربما لن يصيبها من الطيب نصيب، وهنا وجب على الحكومة التدخل ليس بالدعم أو بمشروعات القرى الفقيرة وإنما بالدعم النقدي المباشر كما فعلت مؤخراً بإعطاء الفلاح الذي يتجاوز سن القدرة على العمل 500 جنيه. هناك ما هو أكثر للقول، وإنما هي بداية، والتفاصيل يمكن استنتاجها».
«المواطن مسرف.. والحكومة ملاك»!
ومن «المصري اليوم» إلى «الوطن» ومقال الكاتب د. محمود خليل الذي عنونه بـ«الحكومة في قميص النوم» ومما جاء فيه: «أنفقنا 194 مليون دولار لاستيراد قمصان النوم والبيجامات الحريمي خلال عام 2015. كذلك قال جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي. الجنيه في محنة كما تعلمون، والدولار أصبح شحيحاً كما تدركون، والبنك المركزي قام بتخفيض سعر الصعب أمام السهل، حتى يحمي الجنيه، لكن الكثير من المستوردين ومَن لديهم حاجة إلى الدولار يشتكون أنه غير موجود. الاقتصاديون أدرى بالتفاصيل المتعلقة بأزمة الدولار وأوْلى بها، لكنني أريد أن أتوقف أمام مسألة «قمصان النوم».. ذكّرني هذا التصريح بحوار ماري منيب مع يوسف فخر الدين في فيلم «حماتي ملاك» وهى تقدم له قميص نوم هدية: «ما هو حاكم الرجالة أمزجة»!. وهو قادر على منحنا مؤشراً على ثلاث آفات تدمغ الشخصية المصرية، بدءًا من المواطن، ونهاية بالحكومة «حماته»!. أولاها آفة «الاستهلاك».. .. والآفة الثانية تتعلق بقاعدة «اللي ييجى م الغرب يسر القلب»… والحديث عن السلطة ينقلنا إلى الآفة الثالثة التي تختص بالسلطة نفسها، والمتمثلة في «تعليق الطوق في رقبة الشعب»، أو بعبارة أخرى إلقاء المسؤولية عليه، والاستناد إلى أساليبه في الحياة كـ«شماعة» لتعليق الفشل الحكومي عليها. فأمام كل مشكلة تجد مسؤولاً يخرج لمعايرة الشعب، وهو نوع من الأداء القديم الذي يعود إلى حكومة أحمد نظيف الذي خرج مرة ليعاير الشعب بالتزاحم على «السوبر ماركتات»، والتكييفات التي تنتشر في البيوت. كبار البنك المركزي، هم الآخرون لا يجدون مندوحة في معايرة الشعب بـ«قمصان النوم»، في مدار الحديث عن أزمة الدولار. الكلام ظاهره صواب، لكنه يخفي في باطنه حكومة تريد أن تظهر نفسها في صورة الملاك، حكومة تريد أن تقول: «المواطن مسرف.. والحكومة ملاك»!.
«معادك في الجدول بكرة»
أخيرا إلى زميلنا الرسام في مجلة «روز اليوسف» (قومية) التي تصدر كل يوم سبت حيث أخبرنا أنه توجه لمجلس النواب لرؤية ما يقال عن أعضاء ائتلاف «دعم الدولة» على الطبيعة بعيدا عن الإشاعات فشاهد اثنين يتقاتلان على الكلام وأحدهما يضرب الثاني ويقول له:
- وسع وشك ياللا أنا اللي هتكلم باسم الدولة النهاردة أنت معادك في الجدول بكرة.
التعليقات