& أيمـن الـحـمـاد


حدث وأن "وافقت" الصين على القرار الذي تقدمت به المجموعة الخليجية بشأن الأزمة في اليمن. شكل ذلك تغيراً كبيراً في الدبلوماسية الصينية التي تبدو أكثر اتقاداً وفهماً لطبيعة الصراع في الشرق الأوسط، فالصين التي صوتت بالفيتو في (2011) ضد مشروع يدين نظام الأسد ليست هي ذاتها اليوم، ماذا حدث وما الذي اختلف في المشهدين؟ هل نحن اليوم أمام مقاربة صينية جديدة تتجه معها بكين لتحديد دقيق لتوجّهها الاستراتيجي في الشرق الأوسط.. وهي التي لطالما اتخذت من الحياد سياسة في وقت لا يبدو الحياد مجدياً أمام تقاطع المصالح الذي يسوم العلاقات الخارجية بسمات لا تخطئه عينٌ صينية عرفت أنها ثاقبة؟

لم يكن اتخاذ الصين قرار الموافقة على القرار (2216) اعتباطياً أو أتى في سياق مجاملة تجاه المملكة التي تبرز أكثر فأكثر كحليف مثالي يمكن الوثوق به في ظل خلط الأوراق الذي تعيشه المنطقة برمتها - التي تعاني مرحلة من الاضطراب الشديد - وهي الأكثر حيوية وأهمية في السياسة الصينية، وبالتالي كان لا بد من التصرف تجاه الأزمة بما يوجب عليها أن تقوم به لا أن تتخذ وضعية المتفرج.

عندما سألت السفيرة الأردنية في مجلس الأمن عن أي معترض على القرار الأممي لم ترتفع يد أيٍ من المندوبين الخمسة، وعندما سألت عمّن يمتنع، برزت يد السفير الروسي فيتالي تشوريكن. لقد كان الموقف الصيني من القرار والأزمة داعماً لعاصفة الحزم، لماذا؟ لأن القرار جاء عربياً ولم يكن غربياً، كما في الحالة السورية، فالصين دائماً تنظر إلى الغرب بعين الريبة والشك، فلديها عقدة تدخل الأجنبي منذ زمن طويل، ولا ترغب في إعطاء مبررات غربية تتيح استخدام القوة في حل الأزمات السياسية. السبب الآخر أن الصين قد تجد نفسها في صراع مماثل في منطقة المحيط الهادئ (الباسفيك)، وقد رأينا كيف تتصرف الصين تجاه سيادتها وأمن حدودها نحو اليابان عندما حاولت الأخيرة استفزازها بتحركات عسكرية وأخرى مدنية حول ما تسميه بكين جزر (دياويو) وتطلق عليها طوكيو جزر (سينكاكو).

من جانب آخر ترى الصين أن المنطقة التي تدور فيها الأزمة هي منطقة مصالح بالنسبة لها، فمنطقة باب المندب منطقة إستراتيجية، وقد رأينا كيف أرسلت الصين ثلاث سفن حربية في (2009) لمرافقة السفن الصينية التجارية في منطقة خليج عدن خشية أعمال القرصنة، كما أن منطقة القرن الأفريقي تعتبر أكثر المناطق التي تشهد تحركاً صينياً على المستوى العسكري والتجاري، فالصين بصدد بناء قاعدة عسكرية في جيبوتي، ولديها أنشطة تجارية ضخمة في أثيوبيا، إضافة إلى أنشطتها المتشعبة في القارة الأفريقية، ولا ترغب في رؤية هذه المنطقة تغص في الفوضى أو حكم الميليشيات أو التنظيمات المتطرفة.
&