راجح الخوري
&
عندما تسلّم الملك سلمان الحكم وهندس الخطوة الأولى لترتيب بيت السلطة في الدولة السعودية، قال السفير الأميركي السابق في الرياض جيفري سميث "إنّ القرارات والتعيينات التي أتخذها الملك سلمان تُبلِغ السعوديين ان كل شيء سيكون مستقراً على مدى السنوات الـ٣٠ المقبلة وان لا داعي للقلق في شأن إنتقال الحكم".
&
والقرارات التي إتخذتها حكمة سلمان أمس تُبلِغ السعوديين والعالم ان الإستقرار والإستمرار من طبيعة الحياة نفسها في المملكة، فها هو جيل الأحفاد الاقوياء يتسلم ولاية العهد، ممثلاً بالأمير محمد بن نايف الذي قال عنه برنارد هيكل المتخصص بالشؤون السعودية في جامعة برنستون "إنه الأمير الأقوى، هو الرجل القوي في النظام، هو المحور"، وممثلاً أيضاً بالأمير محمد بن سلمان الذي صار ولياً لولي العهد بعدما تولى وزارة الدفاع وكانت باكورته المشاركة في قيادة "عاصفة الحزم".
&
ترتيب بيت الحكم في خطوتيه يشكّل عاصفة من نوع آخر ترسّخ السلطة على قاعدة قلب واحد وقبضة واحدة، ذلك ان الدور القيادي للمملكة على المستويين العربي والدولي وإعادة ترتيب شؤون الإقليم، في ضوء الضرورات التي إستدعت قيام "عاصفة الحزم"، يفرضان إرساء القيادة السعودية على جناحي حكمة سلمان وعزم أمراء شباب يتولون ملفات الأمن والسياسة والإقتصاد والتعليم والتنمية.
&
ولي العهد محمد بن نايف يُنظر اليه في الغرب على انه أهم وزير للداخلية في آسيا، وعندما قال ديفيد كاميرون في ٢ شباط الماضي إن السعودية قدّمت معلومات إستخبارية لمكافحة الإرهاب حفظت مئات الارواح في بريطانيا، كان يشير الى الأمير محمد الذي يشرف على ملف مكافحة الإرهاب ووضع له برنامجاً إعتبره باراك أوباما الأنجح في العالم، ولعل من المصادفات ان يصير ولياً للعهد في حين أعلن عن إعتقال تسع مجموعات من ارهابيي "القاعدة" خططوا لأعمال اجرامية في السعودية.
&
واذا كان جيفري سميث قد قال "إن الأمير محمد بن نايف هو أكثر مسؤول حكومي يعمل بجدٍ رأيته في حياتي"، فإن من الضروري التأمل ملياً في تصريح لريتشارد هولبروك عام ٢٠٠٨، قال فيه: "يملك الأمير محمد بن نايف رؤية فلسفية عميقة، فهو يقول "ان الإرهابيين سرقوا أهم أشيائنا، أخذوا إيماننا وأولادنا وإستخدموهم لمهاجمتنا". أما ولي ولي العهد فيتربع على سيرة ذاتية مليئة بالخبرات والتفوّق أهّلته ليكون المستشار الخاص للملك سلمان ولتولي وزارة الدفاع.
&
كان الأمير سعود الفيصل الذي سيبقى وزيراً في الحكومة ومشرفاً على السياسة الخارجية أحد أبرز وزراء الخارجية العرب والعالميين، فقد قاد الديبلوماسية السعودية بكفاية مشهودة منذ 40 عاماً وكان نجماً على مسرح العلاقات الدولية، لكن خلفه السفير عادل الجبير هو أيضاً من أبرز الديبلوماسيين في الامم المتحدة ولهذا خطط الإيرانيون لإغتياله.