&

&جاسر عبدالعزيز الجاسر&&


منذ أن أعلن عن عقد القمة الخليجية الأمريكية في كامب ديفيد والأحاديث والتحليلات وحتى الدراسات عن هذه القمة لم تتوقف، فبالإضافة إلى الدول الخليجية الست انهمك الباحثون الأمريكيون المهتمون بقضايا الخليج العربي والشرق الأوسط في دراسة الملفات التي ستبحث في هذه القمة.

في البدء تعد ملفات التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية وبالذات دول الخليج العربية ومحاولات تمدد النظام الإيراني في المنطقة العربية وإصراره على تخريب الأمن والاستقرار في الدول المجاورة، وهو ما يفتح الباب للنقاش في أوضاع اليمن وسوريا والعراق ولبنان، ومسؤولية الإدارة الأمريكية في عدم انضباط النظام الإيراني وتجاوزه لكل الأعراف والاتفاقيات الدولية، إذ اعتقد الإيرانيون وأذرعهم الإرهابية في الدول العربية الأربعة التي يزعمون أنهم أصحاب النفوذ الأعلى، أن الإدارة الأمريكية مقتنعة بأن مصالحها ستكون أفضل بالتفاهم معهم وبالذات في مواجهة إرهاب داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.

هذا الفهم الخاطئ من قبل نظام إيران دفعهم إلى المضي في تجاوز العديد من الضوابط الدولية والأعراف التي تضبط العلاقات مع الدول، مما جعلهم يرتكبون أخطاء جمة وبالذات في اليمن والعراق، تمثل في دفع أذرعهم الإرهابية في اليمن على تنفيذ انقلاب عسكري بالتعاون مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهو ما أتاح للمليشيات الحوثية التمدد والسيطرة على معظم الأراضي اليمنية، وهو ما يهدد الأمن القومي العربي ويشكل خرقاً استراتيجياً لأمن دول الخليج العربية وبالذات المملكة العربية السعودية، وقد تأكد هذا الفهم بعد قيام المليشيات الحوثية بقصف المدن السعودية في نجران وجازان.

الفهم الخاطئ للنظام الإيراني وتساهل بل وحتى تواطؤ الإدارة الأمريكية، جعل دول الخليج العربية بقيادة المملكة العربية السعودية إلى تمزيق شرنقة الصبر التي كانت تمنع القيادات الخليجية من التعامل مع الخروقات الإيرانية وممارسة الحكمة، في ما تقوم به طهران ومليشياتها الإرهابية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، إلاّ أن الصبر مهما طال والحكمة مهما تجذّرت، لابد أن يتخلي عنها من يلتزم بها عندما يبلغ الخطر مداه، ولهذا ولمواجهة خرق الأمن الخليجي والسعودي بالذات عبر اليمن لا يمكن السكوت عنه والصبر عليه، فاتخذ قرار هبوب عاصفة الحزم التي فاجأت الأمريكيين (الحلفاء) قبل الإيرانيين (الأعداء)، والتي كان مجرد البدء بها قد أحدث تغيراً كبيراً في الاستراتيجيات التي تعززت بما حققته من نتائج، والتي رغم أن عاصفة الحزم لم يظهر منها سوى غارات الطيران الحربي وتنفيذ حظر بحري على الموانئ والسواحل اليمنية، إلا أن ما تحقق جعل الإيرانيين يراجعون مخططاتهم، بموازاة تفهُّم الأمريكيين بما حصل، والذي وإن لم يتطابق تماماً مع ما يريده الأمريكيون، إلا أنه يتوافق مع المفهوم الاستراتيجي والأمني الذي يسير عليه الرئيس أوباما منذ الأشهر الأولى من فترة رئاسته الأولى، بالتخلي عن إرسال قوات أمريكية إلى مناطق القتال والاعتماد على القوة الذاتية للقوى الإقليمية، وأن يقتصر الدعم الأمريكي على التسليح وتقديم الخدمات اللوجستية والاستخباراتية والتدريب.

وهكذا وفي ضوء ما أحدثته عاصفة الحزم من متغيرات سياسية واستراتيجية ولتنظيم أفضل للعلاقة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، تم الاتفاق على عقد قمة خليجية أمريكية في كامب ديفيد وهو المنتجع الرئاسي الذي يعقد فيه الرؤساء الأمريكيون الاجتماعات المطلوبة والتي تتطلب تركيزاً وتفرغاً لاتخاذ أو رسم سياسة جديدة.

وبالإضافة إلى ملف تدخلات النظام الإيراني في الشؤون الداخلية لدول الخليج المجاورة، والذي بدأنا به كونه الهم الأكبر لدى أهالي الخليج، سوف نتحدث عن الملف الثاني الذي يختص بالملف النووي الإيراني.
&