أيمـن الـحـمـاد


في سبتمبر 2010 أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن مهمة القوات الأميركية في العراق انتهت، وفي أغسطس 2014 ظهر الرئيس ليخبر الشعب الأميركي أنه قرر بدء ضربات جوية على تنظيم "داعش" في العراق، ليبدأ الحديث بعدها في واشنطن حول فعالية استراتيجية البيت الأبيض في هذه العمليات العسكرية.

عاد جدل استراتيجية الحرب على "داعش" إلى طاولة اجتماع باريس الأخير، والذي حاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلاله إلقاء اللوم في محاربة "التنظيم" على التحالف الدولي، معتبراً أن تقدم "داعش" على الارض فشل للعالم.

وفي واقع الأمر أن الاستراتيجية الخارجية التي انتهجها الرئيس أوباما بتقليص التواجد الأميركي العسكري خارج الحدود خصوصاً في الشرق الأوسط لم تنجح، بل إن ما يحدث الآن هو عودة إلى ماقبل 2010، بالرغم من استبعاد هيلاري كلينتون لذلك، إلا أن تصاعد التطرف في المنطقة وازدياد التنظيمات الإرهابية؛ قد يدفعان دول التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى عمليات عسكرية برية عاجلاً أم آجلاً، وما قد يقوي فرضية التدخل هو النجاح الذي حققته عملية "المارينز" التي أدت إلى مقتل "أبوسياف" المسؤول المالي للتنظيم والتأثير المعنوي والعملياتي الذي يعول عليه من خلال عمليات نوعية مشابهة.

كما أن قناعة قد بلغت حدها بأن الاعتماد بشكل كامل على الجيش والقوات العراقية هو ضرب من المبالغة وثقة في غير محلها، في ظل اعتراف من القيادات السياسية في بغداد بضعف يعتري المؤسسة الأمنية والدفاعية لديها، وانتقاد قاسٍ وجهه أشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي مؤخراً بحق الجيش العراقي بافتقاده القدرة والارادة على قتال "داعش".

يتأكد ذلك مرة تلو أخرى بشكل جليّ ونحن نرى انسحاب القوات العراقية أمام هجمات "التنظيم" مايقوض جهود التحالف ويجعلها كمن يدور في حلقة مفرغة، وعلى الرغم من توفر رغبة أميركية بتزويد العراق بعتاد متقدم وتدريب مكثف إلا أن سرعة المجريات على الاراضي العراقية والسورية من جهة عمليات "داعش" وسيطرته على بعض المواقع لاسيما في سوريا تلقيان بظلالهما بشكل ايجابي على أتباعه في العراق، ما يجعل التوازي في مسارات التفوق بين التنظيم والقوات العراقية مفقوداً ويميل لصالح الأول.

إن محاربة التنظيم تستلزم القضاء على أسباب وجوده التي يتمثل أحدها في استمرار نظام الأسد الذي يرى في تواجد "داعش" سبيلاً لاستمراريته باعتباره الضامن الرئيسي لمنع انهيار المؤسسات الحكومية السورية ووقوع دمشق في قبضة التنظيمات المتحاربة على مشارف العاصمة، وكذلك إصلاح النظام الأمني- السياسي العراقي والعسكري الذي يبدو في حالة غير واضحة باعتماده على قوات "الحشد" ذات الطابع المليشياوي في تحقيق النصر ما يعمق من الأزمة ويحيلها إلى أزمة أشد وأعمق.
&