&سميح صعب&


& لم تكن مصادفة ان يحيي الاتراك الذكرى الـ562 لسقوط القسطنطينية عاصمة الامبراطورية البيزنطية، بكل هذه الضخامة عشية انتخابات نيابية ستشكل مفصلاً كبيراً في الحياة السياسية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان وفي مستقبل تركيا وربما المنطقة عموماً!

فأردوغان لا يرى نفسه أقل من السلطان محمد الثاني الذي هدم اسوار القسطنطينية في 29 أيار 1453. ولا يرى الرجل نفسه أقل من السلطان سليم الأول الذي انتصر على المماليك في معركة مرج دابق عام 1516 ليتسنى للعثمانيين احتلال المشرق العربي والوصول الى مصر والمغرب العربي وشبه الجزيرة العربية والبقاء فيها نحو 400 سنة. ولا يرى اردوغان نفسه أقل من السلطان سليمان القانوني الذي حاصر فيينا عام 1683 واحتل أجزاء واسعة من اوروبا الشرقية قروناً عدة.
يستدل من هالة العظمة التي يحيط اردوغان نفسه بها ومن الطريقة التي يعامل بها خصومه في الداخل والخارج، ان الرجل يتقمص شخصيات اجداده السلاطين ويحاول ان يكون سلطاناً حقيقياً. فقد انقلب على أقرب حلفائه، فتح الله غولن، الذي كان له الفضل في ايصاله الى الحكم اعتباراً من 2002. وحجّم المؤسسة العسكرية وجعلها مطواعة بين يديه. وقيّد احزاب المعارضة العلمانية وصورها انها عدو للديموقراطية وانه الديموقراطي الوحيد الذي يحكم باسم الشعب. وأعاد بث النفس الطائفي بين مكونات المجتمع التركي. ووعد الاكراد بسلام مزعوم لم يجد طريقه الى أرض الواقع. وتركيا في عهده فيها أكبر عدد من الصحافيين في السجون.
وعلى مستوى الاقليم، يتصرف اردوغان بصفته الوصي على سوريا ومصر، ويعمل منذ 2011 على تمكين "الاخوان المسلمين" من الوصول الى الحكم في هذين البلدين. يحقد على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنه اسقط حكم "الاخوان"، ويكره الرئيس السوري بشار الاسد لأنه لم يتنحّ كي يحكم سوريا الاسلام السياسي المنسجم مع مشروعه للهيمنة على المنطقة. ويدعم التنظيمات الجهادية وخصوصاً "داعش" و"جبهة النصرة"، ويفتح حدوده أمام تدفق الجهاديين الى سوريا والعراق غير مكترث بالتحذيرات الغربية.
غداً يذهب الأتراك الى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد. لكن هذه المرة تختلف اختلافاً جوهرياً عن أي انتخابات سابقة، فإذا حصل أردوغان على غالبية الثلثين، فتركيا مرشحة لأن تتغير هويتها جذرياً. فهذه المرة سيدفن اردوغان اتاتورك مرة واحدة والى الأبد. وسيترتب على ذلك تتويج اردوغان سلطاناً ليس على تركيا فحسب، بل ان طموحات الرجل لا تقف عند حدود تركيا وحدها.
في 3 أذار 1924، ابلغ اتاتورك عبد المجيد الثاني قراره انهاء الخلافة. كل شيء يوحي بان أردوغان سيلغي غداً هذا القرار.
&