شملان يوسف العيسى

نفذ تنظيم «داعش» عملية إجرامية جبانة في مسجد للشيعة في الكويت راح ضحيتها 27 شهيداً وسقط أكثر من 200 جريح، وتعتبر هذه العملية من أكبر الجرائم الإرهابية في الكويت، وهي تهدف لزعزعة الأمن وخلق فتنة طائفية في المجتمع الواحد الصغير والمسالم.

والسؤال هو: لماذا الكويت؟ ولماذا الآن؟ وهل التفجيرات في المنطقة عمليات فردية أو عمليات مبرمجة ومخطط لها؟

&


لا يفيد في هذه المرحلة بعد سقوط العشرات، بل المئات من الشهداء في الخليج، نتيجة الإرهاب، إصدار بيانات التعاون والتعاضد والإدانة للعمليات الإرهابية. علينا في هذه المرحلة أن ندرس الأسباب والدوافع التي دفعت أشخاصاً في الخليج إلى تفجير أنفسهم وقتل الأبرياء والمقيمين في بلدانهم.. ويتطور الأمر إلى القيام بعمليات إرهابية جبانة في بيوت الله.. في المساجد، وفي أيام الشهير الفضيل.

خطورة الأمر تكمن في حقيقة أن جماعات الإسلام السياسي، من السنّة والشيعة، تستغل الدين للترويج لبرامجها الطائفية، لكسب لرأي العام لمصالحها السياسية الرخيصة على حساب الفئات الأخرى في المجتمع. إننا لا نبالغ عندما نقول بأن الديمقراطية الكويتية وأجواء الحريات أفرزت لنا مفاهيم خاطئة بعيدة جداً عن الروح الديمقراطية في الغرب، إذا لم تفرز مجتمعاً تعددياً ديمقراطياً يحترم القانون ومدنية الدولة والرأي الآخر.. بل ما نشهده اليوم هو فرز طائفي وديني وقبلي على حساب المفاهيم الوطنية التي تعزز الوحدة الوطنية والولاء الوطني بعيداً عن الدين، أو الطائفة أو القبيلة.

إننا لا نذيع سراً عندما نقول، إن بعض نواب مجلس الأمة المنتمين للإسلام السياسي، سواء كانوا من السنة أو الشيعة، وصلوا إلى كرسي المجلس عن طريق طرح قضايا المذهب والدين والفزعة الطائفية أو القبلية.. ما يؤكد أن في مجتمعنا لا تزال قضية الدين والمذهب والولاء القبلي والعائلي.. راسخة فيه رغم مرور أكثر من نصف قرن على الممارسة الديمقراطية في الكويت.

الطائفية التي يشهدها الوطن العربي والخليج هي ردة حضارية منطلقها السعي إلى إقامة دولة دينية في مجتمعاتنا متعددة الأديان والطوائف والقوميات.. هذه الدعوة حتماً تشتت ولا تجمع وتمزق ولا توحد، وتفرق ولا توحد.. والدليل على ذلك ما يحدث اليوم من حروب طائفية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان. كل هذا التمزق في أمة العرب برز بعد أفول المد العروبي والقومي، بعد الهزيمة العربية عام 1967 والغزو العراقي للكويت عام 1990.. فانهيار التيار القومي العربي مهّد الطريق لبروز التيارات الدينية المختلفة التي تدعو إلى إقامة دول إسلامية، مثل دولة الخلافة التي تمثلها «داعش»، أو العمل على تعزيز مفهوم ولاية الفقيه والدولة الشيعية التي يدافع عنها «حزب الله» اللبناني، و«حزب الدعوة» العراقي، وغيرهما من التنظيمات الإسلامية الشيعية.

ما حدث في الكويت وتونس وفرنسا من إرهاب مخطط له، وهو استهداف لدول الاعتزال والوسطية العربية، ومحاولة رخيصة لتمزيق المجتمعات العربية.. المطلوب اليوم تعزيز مفهوم الدولة المدنية التي عمادها الدستور والقانون والمواطنة، وتحقيق مفهوم المساواة والعدالة للجميع.
&