هشام ملحم

يستخدم المسؤولون الاميركيون عبارة "النجاح الكارثي" لوصف احتمال اطاحة الفصائل الاسلامية في سوريا نظام الاسد واقامة نظام اسلامي بدلاً منه. ومنذ النجاحات التي حققها بعض هذه الفصائل وخصوصاً "جبهة النصرة" في منطقة ادلب، كثفت واشنطن مشاوراتها مع روسيا ومع حلفائها مثل الاردن والسعودية واسرائيل وتركيا للتعامل مع احتمال كهذا. ويمكن وضع زيارات الوزير جون كيري ووزير الدفاع السعودي الامير محمد بن سلمان ووزير الخارجية السوري وليد المعلم لروسيا في ايار وحزيران وتموز، وكذلك الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس باراك أوباما في حزيران الماضي في هذا السياق.

ويأمل المسؤولون الاميركيون في اقناع موسكو بالاضطلاع بدور أكبر مع ايران لدفع الاسد الى التنحي ومغادرة سوريا مع مجموعة صغيرة من اعوانه، وبدء مفاوضات تضع البلاد في مرحلة انتقالية تؤدي الى قيام نظام يمثل الفئات الرئيسة في البلاد ويوفر ضمانات لحقوق الاقليات. ومن الواضح من مواقف المسؤولين في واشنطن وموسكو ان هناك اتفاقاً قوياً على ان الخطر الاساسي الذي يجب التصدي له الآن هو خطر تنظيمات مثل "داعش" و"النصرة"، وان الاميركيين يحاولون اقناع موسكو بأن التخلص من الاسد قد يسهل توحيد الصفوف ضد الاسلاميين المتطرفين.

والتحركات الاميركية مبنية على الافتراض أن المفاوضات النووية بين مجموعة 5+1 مع ايران ستؤدي الى اتفاق، الامر الذي سيفتح الباب – نظريا على الاقل – لوضع العلاقات الاميركية – الايرانية على طريق جديد قد يؤدي الى تعاون في القضايا الاقليمية وابرزها مكافحة التيارات الاسلامية المتطرفة. ويقول المسؤولون الاميركيون إنّه اذا ادركت ايران ان سقوط النظام السوري صار حتمياً، واذا ارادت تفادي التورط اكثر لانقاذه، فانها يمكن ان تقبل بالمشاركة في عملية التعجيل في رحيل الاسد وتفادي الانهيار الشامل للدولة السورية وما تبقى من مؤسساتها، على أمل الحفاظ على بعض نفوذها، وخصوصا اذا شاركت في تسهيل العملية الانتقالية. هذا لن يكون خياراً سهلاً لطهران، لكنه يمكن ان يصير الخيار المقبول اذا استمر التراجع الراهن لنظام الاسد.

البيان الروسي عن لقاء بوتين والمعلم كان لافتاً وصارخاً، اذ حضّ بوتين سوريا على ان تبذل قصارى جهودها لاجراء "حوار بناء" مع تركيا والاردن والسعودية لمكافحة "الشرّ الذي تمثله الدولة الاسلامية". ولم تثن احتجاجات المعلم بان هذه الدول "تدعم الارهابيين" بوتين عن الرد بانه يدرك ان هذه المهمة ستكون صعبة، والقول إنه اذا قامت سوريا بمثل هذه الجهود فان موسكو ستساعدها في هذا المجال. الحقيقة هي ان مصير نظام الاسد هو في يد ايران التي ستضطرها التطورات الميدانية قريبا الى حسم موقفها.