تركي عبدالله السديري


في زيارة قديمة للولايات المتحدة جمعني الزميل أحمد اليامي بأحد كبار ممثلي البعثة السعودية في هيئة الأمم المتحدة حيث استمعت إلى حديث عن واقع الذكريات في نيويورك في عصر الستينيات وكان المتحدث يتذكر طالباً سعودياً يدرس هناك في ذلك الوقت اسمه سعود الفيصل والذي كان يجتمع معه بين فترة وأخرى جميل البارودي مندوب المملكة وقت ذاك في نيويورك وفي أحد لقاءاتهم طلب الطالب سعود الفيصل من السفير مبلغاً صغيراً يفوق راتبه فتساءل البارودي عن السبب فأجاب من أجل شراء حذاء جديد لأن حذاءه القديم تمزق.. صمت البارودي ثم رفض أن يعطيه المبلغ وأمر السائق بأن يأخذ الحذاء القديم لأحد محلات الأحذية لإصلاحه مقابل مبلغ بسيط.. لم يتضايق الأمير سعود بل شكر البارودي الذي كان يعلم أنه ينفذ تعليمات والده الملك فيصل -رحمه الله- بكل إخلاص التي أساسها الجدية والعصامية وعدم التدليل.

من مدرسة الملك فيصل تخرج الفقيد وكانت بدايته في الحياة العامة وعاصر خلال تلك الفترة أحد أهم الأحداث في تاريخ صناعة النفط عندما أمر الملك فيصل بإيقاف تصديره..

بعد هذه الفترة اشتهر -رحمه الله- شهرة واسعة بعد توليه وزارة الخارجية حيث لا أبالغ لو وصفته أحد الذين أثروا في رسم الواقع السياسي العام.. لقد أدرك أهم الحقب سواء في فترة المواجهة في الحرب الباردة وبداية الحرب الأهلية في لبنان والتدخل الأميركي هناك والحرب الأهلية في أفغانستان والتدخل السوفيتي ثم الحرب الثانية وهي حرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفيتي وانطلاق الهيمنة الأميركية وأخيراً المرحلة الثالثة وهي أحداث الحادي عشر من سبتمر والحرب ضد الإرهاب..

عاش -رحمه الله- تلك الحقب بكل كفاءة وواجه جميع الألاعيب الدولية ضد المملكة وكان محل احترام المجتمع الدولي برغم إرهاقه ومرضه المتكرر الذي جعل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الوفاء يقبل إعفاءه الذي طلبه..

رحم الله أمير الدبلوماسية السعودي.. سعود الفيصل..
&