جزم تفجير استهدف مقراً لجهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية في شمال القاهرة، بأن جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش»، بات لها موطئ قدم في العاصمة، بعدما تبنت الهجوم «ثأراً» لستة أعدموا بعد إدانتهم بـ «الإرهاب» في قضية «خلية عرب شركس» التابعة للجماعة.

وجُرح 29 شخصاً في الانفجار الذي استخدمت فيه سيارة نقل صغيرة مُفخخة توقفت فجأة أمام المقر قبل أن يفر قائدها مستقلاً دراجة نارية كان يقودها رجل آخر وتسير خلف السيارة الملغومة. وانفجرت السيارة قبل أن تصلها قوة من المقر رصدت وقوفها في منطقة محظور فيها انتظار السيارات، مُحدثة دماراً كبيراً في محيط المقر المُحصن بسور خرساني، قلل من الخسائر البشرية داخل المبنى.

وبين الجرحى 6 من أفراد الشرطة مُكلفين بالحراسة على أبراج مراقبة منتشرة بطول السور الخلفي للمقر، فيما بقية الجرحى من المارة. وحسب معاينة النيابة العامة، فإن العبوة المتفجرة كانت مغطاة في الصندوق الخلفي للسيارة. وتضررت البناية في شكل كبير من الخارج، وتحول السور الخرساني إلى ركام. وهُدمت بعض شرفات المبنى، كما تضررت بنايات سكنية وحكومية وقصر أثري قريب من موقع الانفجار، ما أظهر أن كمية ضخمة من المتفجرات استخدمت في تفخيخ السيارة.

وبدا الهجوم محاكاة لتفجير مديرية أمن القاهرة في العام 2013، حين اقتربت سيارة من مقر المديرية، قبل أن تتوقف ويستقل قائدها سيارة أخرى كانت إلى جوارها، لتنفجر الأولى محدثة دماراً هائلاً في المبنى. وحينها تبنى تنظيم «أنصار بيت المقدس» الهجوم، قبل أن يبايع «داعش» ويطلق على نفسه اسم «ولاية سيناء».

وفاقم هذا التفجير المخاوف من تعاظم خطر «داعش»، بعدما تأكد وجود خلية تابعة للتنظيم تنشط في العاصمة، إذ إن الهجوم هو الثالث الذي تُستخدم فيه سيارة مُفخخة في أقل من شهرين. وقُتل النائب العام السابق هشام بركات في نهاية حزيران (يونيو) الماضي بانفجار سيارة مُفخخة استهدفت موكبه شرق القاهرة، لكن أي تنظيم لم يتبن المسؤولية عن عملية الاغتيال.

وتبنى «داعش» الشهر الماضي تفجير سيارة مُفخخة أمام مقر القنصلية الإيطالية في وسط القاهرة، كما تبنى خطف رهينة كرواتي على طريق متاخم للقاهرة قبل ذبحه. وأعلن أمس مسؤوليته عن تفجير مقر الأمن الوطني، ما رسخ الاعتقاد بوجود خلية نشطة تابعة للتنظيم في نطاق القاهرة الكبرى.

وكان خبراء ومسؤولون يجزمون بأن لا وجود لـ «داعش» في العاصمة، إذ غالباً ما ينشط فرع التنظيم في شبه جزيرة سيناء، فيما ينشط تنظيم «أجناد مصر» في القاهرة. لكن منذ مقتل قائد الأخير همام عطية في مواجهة مع الأمن في الجيزة، لم تصدر عنه بيانات بعمليات إرهابية.

ورجح الخبير في شؤون الحركات الإسلامية ناجح إبراهيم نشاط «خلية تابعة لداعش في منطقة الواحات خصوصاً، ففيها خطفوا المواطن الكرواتي ومنها نفذوا هجومين على مكمن الفرافرة العسكري، ومنها أيضاً تنطلق السيارات المُفخخة التي تستهدف مواقع في العاصمة».

وأضاف لـ «الحياة»: «أعتقد بأن التنظيم لا يلجأ إلى العمليات الانتحارية حتى لا يترك خيطاً يمكن من خلاله تتبع تلك الخلية وتوقيف أفرادها». ولم يستبعد حدوث اندماج بين فرع «داعش» ومجموعة من تنظيم «أجناد مصر». وقال: «الكشف عن سفر هشام عشماوي، وهو كان قيادياً في تنظيم أنصار بيت المقدس المؤيد للقاعدة، وعمر رفاعي سرور، وهو كان قيادياً في أجناد مصر الموالي للقاعدة أيضاً، إلى ليبيا، يُمكن من خلاله القول إن هناك من انشق من أجناد مصر، وانضم إلى فرع داعش في مصر».
&