محمد بن سليمان الأحيدب


في سابق الزمان كانت الأمور تتم كما يجب بكل مباشرة ووضوح ومعرفة للمصدر ومن ذلك أن الفتوى في أمر العلم الشرعي (وهو تخصص دقيق وواسع وعميق يفوق في تفرعه ومتشابهاته ومزالقه وخطورته كل تخصص آخر) كانت الفتوى تصدر من المفتي العام، أو من يوازيه علما، مباشرة، وفي الغالب مواجهة، ثم أسهمت برامج الإذاعة وخاصة إذاعة القرآن الكريم في تثقيف الناس في الداخل والخارج بأمر دينهم عن طريق استضافة علماء محددين من المؤهلين في مجال العلم الشرعي هم كبار العلماء المعتبرين.
اليوم، ومع تسارع وتطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح أمر التوجيه الشرعي والفقهي خطيرا جدا، فبرنامج (الواتس اب) يعج بالرسائل التي تتعلق بأمور الدين مثلما يعج بمثلها مما يتعلق بأمور الدنيا!، وبالمناسبة جميعها خطيرة فالفتوى في أمور الشأن الاجتماعي والنفسي والسلوكي والصحي لا تقل خطورة عن الشأن الفقهي أو الشرعي، لكن الفارق يكمن في أن المتلقي لا يتقبل مشورة أو توجيها مجهول المصدر في شأن صحي أو اجتماعي أو نفسي أو سلوكي، ويتساءل من أنت لتوجهني؟!، أما في الشأن الديني تحديدا فإن المتلقي يقبل ما يرسل مفترضا صحته خاصة حينما يستدل الراوي بآية (وإن كانت في غير محلها وتفسيرها) أو حديث (ولو لم يكن يعرف صحته أو سنده) وهنا مكمن الخطورة!.
وعلى وجه العموم فإن العلم الشرعي رغم دقته وعمقه واتساعه وتفرعه ومتشابهاته وأهمية التخصص فيه، إلا أنه وكما ذكرت كثيرا، وفي أكثر من وسيلة إعلامية، أكثر العلوم عرضة للجرأة عليه وانتهاكه! ودائما أقولها: إنك لو كنت في مجلس أو وسيلة إعلامية وأراد أحدهم إيراد معلومة طبية أو صيدلانية أو هندسية لبدأ بالاعتذار لأهل التخصص وطلب التثبت منهم عن صحتها!، أما العلم الشرعي فإن كل من هب ودب من كاتب ومذيع وممثل بل ومغن لا يتردد في التفلسف فيه.
أنصح بالحذر مما يرد في وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر) و(الفيسبوك) و(الواتس اب) في كل ما يتعلق بالعلم الشرعي تماما كما يجب الحذر من المعلومات التي ترد في مجالات أخرى كالأدوية والأمراض وعلوم الفلك والطب البديل، والعودة لأخذ العلوم من مصادرها الموثقة المصححة المحكمة والمجازة علميا وتلك في المكتبات.

&