محمد الحيالي &&

فقد العالم العربي خلال العام الحالي عدداً من المشاهير الذين تركوا فيه بصمات مهمة، كلٌ في مجاله، وكان في مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعميد الديبلوماسية في العالم الأمير سعود الفيصل الذي قاد وزارة الخارجية السعودية نحو 40 سنة.

ورحل العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز في 23 كانون الثاني (يناير) بعد 10 سنوات من توليه الحكم، تاركاً إرثاً ستبقى لعقود تنهل منه المملكة. إذ تضاعف في عهده عدد الجامعات في المملكة وتوسعت برامج الابتعاث الخارجي، علاوة على دوره في التقارب بين الأديان والحضارات الذي تجسد في تأسيس «مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» ودوره في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء العرب، مثل مبادرته لرأب الصدع بين «حماس» و«فتح» عبر جمعهم في «اتفاق مكة» العام 2007.

ورحل الأمير سعود الفيصل في 9 تموز (يوليو)، تاركاً خلفه إرثاً ديبلوماسياً كبيراً، إذ تولى قيادة الخارجية السعودية بعد وفاة الملك فيصل عام 1975.

واستطاع الفيصل على مدار 40 عاماً قيادة الديبلوماسية السعودية وسط أحداث فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط والعالم، منها حرب الخليج الأولى (1980-1988) وأحداث الربيع العربي، مروراً بالغزو العراقي للكويت وحرب الخليج الثالثة العام 2003.

وتوفي أيضاً فنانون عدة أثروا في الحياة الفنية، ففي كانون الثاني (يناير) الماضي رحلت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة عن عمر يناهز 84 سنة، بعدما رسمت بأدوارها مرحلة مهمة في تاريخ السينما العربية، من خلال أدوارها في كلاسيكيات السينما المصرية والعربية، بدءاً من روائع الأدب العربي التي حولت إلى الشاشة الفضية مثل «الحرام» ليوسف إدريس و«دعاء الكروان» لطه حسين و«لا أنام» لإحسان عبد القدوس، وغيرها من الروائع الأدبية والأعمال التلفزيونية، مثل «ضمير أبلة حكمت».

وبعد إصابته بالألزهايمر وأمراض الشيخوخة، توفي الفنان عمر الشريف في تموز (يوليو) الماضي، بعد مشوار سينمائي طويل وصل خلاله إلى العالمية.

وانطلق مشوار الشريف الفني مع زميلي الدراسة المخرج يوسف شاهين والفنان أحمد رمزي في فيلم «صراع في الوادي»، توالت أدواره في «صراع في المينا» و«أيامنا الحلوة»، و«لا أنام»، و«سيدة القصر»، و«نهر الحب».

وشق الشريف طريقه من المحلية إلى هوليوود، حتى أصبح من أبرز النجوم العرب الذين حققوا شهرة عالمية بلغت ذروتها في فيلمي «دكتور جيفاغو» و«لورانس العرب»، وقدم على مدى نحو 60 عاماً مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية المهمة، حتى غاب عن عالمنا.

وكان لاسم الشريف نصيب آخر هذا العام، إذ توفي الفنان نور الشريف بعد عمر الشريف بـ31 يوماً.

محمد جابر الذي اشتهر باسم نور الشريف تيمناً باسم الفنان عمر الشريف، رحل بعد معاناة مع مرض عضال أبعده من الساحة الفنية شهور عدة، قبل أن يرحل عن عالمنا.

وأثرى نور الشريف السينما والتلفزيون بأعمال كثيرة طوال مسيرته، من أبرزها ثلاثية نجيب محفوظ «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية» حيث كانت بدايته في السينما، إضافة إلى أفلام أخرى شكلت نقطة تحول في السينما العربية، خصوصاً مع المخرج عاطف الطيب الذي جعل السينما مرآة لواقع المجتمع المصري، أهمها «سواق الأتوبيس» و«كتيبة الاعدام» وفيلم «ناجي العلي» الذي تناول سيرة الرسام الفلسطيني الذي جعل من رسوماته الساخرة سلاحاً ضد الاحتلال.

وكانت وفاة الفنانة الشابة ميرنا المهندس صدمة للجمهور والساحة الفنية، إذ توفيت عن عمر ناهز 36 سنة نتيجة النقص الحاد في صفائح الدم.

وفي كانون الثاني (يناير)، رحل الفنان يسري مصطفى الذي بدأ مشواره الفني خلال السبعينات، عبر عدد من السهرات التلفزيونية، ثم شارك في عدد من الأعمال الدرامية الناجحة، وعلى رأسها مسلسل «عيلة الدوغري» و«ضمير أبلة حكمت» و«زيزينيا» و«ليالي الحلمية».

وتوفي أيضاً الفنان الفلسطيني غسان مطر عن عمر يناهز 77 عاماً، بعد مشاركة حافلة في جزء كبير من أفلام الشباب في السنوات الأخيرة. وبدأ مطر حياته ضمن المقاومة الفلسطينية، ثم انقل إلى العمل الإعلامي في لبنان حتى دخل السينما عبر أفلام المقاومة كاتباً، والفنان محمد وفيق (67 عاماً) الذي اشتهر عبر الأفلام التاريخية تحديداً «الرسالة» ودوره المهم في مسلسل «رأفت الهجان»، وكذلك إبراهيم يسري (65 عاماً) الذي برز في الدراما التلفزيونية خلال الثمانينات والتسعينات، مثل «أهلا بالسكان»، «المحروسة»، و«الشهد والدموع».

ورحل في العام 2005 أيضاً ناظر «مدرسة المشاغبين» حسن مصطفى بعد مسيرة فنية طويلة في المسرح والسينما والتلفزيون، من أبرزها دوره في مسرحيتي «العيال كبرت» و«مدرسة المشاغبين»، وفي السينما «مطاردة غرامية» و«مولد يا دنيا» و«نص ساعة جواز» و«عفريت مراتي».

وتوفي في تموز (يوليو) الماضي الفنان المصري سامي العدل الذي بدأ التمثيل عبر أدوار بسيطة في بداية السبعينات، ثم دخل أشقاؤه السيناريست مدحت وجمال وشقيقهم الرابع محمد العمل الدرامي، من خلال تأسيس شركة «العدل غروب» للانتاج الفني. ومن أبرز أعمال سامي العدل في الدراما التلفزيونية «حديث الصباح والمساء»، «بالشمع الأحمر»، «قضية رأي عام»، «ملك روحي»، و«ريا وسكينة».

ومن أبرز صدمات 2015، رحيل الإعلامي السعودي سعود الدوسري الذي توفي عن 47 سنة، وكان اشتهر بدماثة خلقه وابتعاده من الصخب الإعلامي على رغم مسيرته الطويلة.

وأبى التنوع في الرحيل إلا أن يقطف معه الفنان هاني المصري في آب (أغسطس) الماضي الذي يعد المصري الأول الذي عمل في استديوهات «والت ديزنى إيماجينيرنغ» في هوليوود. واشرف المصري على ديكور مسرحيات مصرية عدة، مثل «العيال كبرت»، و«شاهد ما شافش حاجة»، وابتكر شخصية «كيمو» الشهيرة.

وفي شباط (فبراير) الماضي، رحلت الأديبة الجزائرية آسيا جبار عن عمر يناهز 79 عاماً، بعد صراع مع المرض، وهي الجزائرية الأولى التي تلتحق بالمدرسة العليا للأساتذة في سيفر بفرنسا العام 1955، وكتبت الرواية الأولى لها بعنوان «الظمأ»، ونُشر لها عدد من الروايات والمدونات الشعرية والمقالات، ترجمت إلى 23 لغة مختلفة، حتى أصبحت واحدة من أشهر الكتاب في بلاد المغرب العربي.

ورحل الكاتب المصري علي سالم مبتكر «مدرسة المشاغبين» والذي آثر أن يبقى مشاغباً ومغرداً خارج السرب بتأيده التطبيع مع اسرائيل. سالم من أبرز الكتاب الساخرين في مصر والعالم العربي، بدأ ممثلاً في عروض ارتجالية في مسقط رأسه دمياط، وتدرج في المسرح حتى أصبح كاتباً، وعلى رغم تقديمه 15 كتاباً و27 مسرحية، بقت «مدرسة المشاغبين» أشهر أعماله على الإطلاق.

وفي الأدب أيضاً، رحل الكاتب جمال الغيطاني عن عمر يناهز الـ70 عاماً، ومن أبرز رواياته «رسالة في الصبابة والوجد» و«شطح المدينة» و«هاتف المغيب» و«حكايات المؤسسة» و«الرفاعي».

وأنتجت السينما المصرية من أعماله فيلمي «أيام الرعب» في العام 1988 من إخراج سعيد مرزوق، وبطولة محمود ياسين وميرفت أمين، و«كلام الليل» الذي أخرجته إيناس الدغيدي.