لبنان: فرملة إيرانية وراء تجميد ترشيح فرنجية أم إلتزام أخلاقي من حزب الله بعون؟

سعد الياس

أقفل الاسبوع الأخير من سنة 2015 على إقفال حزب الله طريق بعبدا في وجه حليفه رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، حيث أكد رئيس المجلس السياسي للحزب ابراهيم أمين السيّد من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن الحزب «لا يتخلى عن النائب ميشال عون عند أي مفترق سياسي» مؤكداً تعليقاً على مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح فرنجية أنه «لن يقنع العماد عون بالتخلي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية لان الالتزام به أخلاقي». وقال «السياسة بالنسبة لنا هي أخلاق لا كذب ومناورات» موضحاً أنه «حين التزم حزب الله مع الجنرال عون في ترشيحه للرئاسة لا يستطيع ان يتحلَّل أمام أي معطيات جديدة ومفترق سياسي جديد ونتخلى عن التزامنا بهذا الأمر». وأكد أن «هذا الالتزام أخلاقي وشرطه اختياري لان أحدا لم يلزمنا بعون بل نحن اخترنا». وأضاف «متفقون على ضرورة انتخاب رئيس لكن هذه المبادرة التي تسمى مبادرة هي ليست مسألة مبدئية انما تحمل قضايا وبنوداً تفصيلية».

وذهب كثيرون في تحليل موقف حزب الله، فرأى بعضهم ان الحزب لا يعنيه شخص الرئيس ما دام من معجن الثامن من آذار، وما يعنيه هو السلّة الكاملة التي تمنحه التحكم والسيطرة على الدولة ولا رئيس ما لم يتأمن له ذلك، معتبرين أن كلام ابراهيم أمين السيد صادق يصنف في خانة الوجدانيات ولا ترجمة له في السياسة.

أما البعض الآخر فرأى أن ما صدر عن حزب الله من بكركي هو كلام غير رئاسي على باب بكركي وجاء وقعُه ثقيلاً حتى على عين التينة حيث تحاشى الرئيس نبيه بري التعقيب على كلام الحزب وجاء موقفه عمومياً في لقاء الاربعاء. فيما البطريرك الماروني الذي إستمع الى وفد حزب الله كرّر أمامه موقفه المعهود لجهة ضرورة انتخاب رئيس جمهورية ووضع حد لحال الفراغ سريعاً وتأييده أي مبادرة تخدم الهدف في غض النظر عن الاسم، فأعاد السيّد بدوره التذكير بموقف الحزب الملتزم أخلاقياً بترشح العماد عون، مع الإشادة بفرنجية الأخ والصديق الوفي. فبادره البطريرك بحسب المعلومات بالقول ان الالتزام الأخلاقي يبدأ بالوطن أولاً لا بالشخص وإذا تقدم الشخص على الوطن تذوب الدولة وتتحلل مؤسساتها. وأفيد ان الراعي أكد ان لا مشكلة لديه في أي أسم للرئاسة لكن بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على الفراغ في سدة الرئاسة بما تسبب به من تداعيات على مختلف المستويات لم يعد جائزاً التمترس خلف اشخاص لم تتوافر حظوظهم الرئاسية، متمنياً على الحزب بذل كل ممكن لحل هذه الاشكالية من موقع الصداقة والتحالف، فإما تأمين فرص الانتخاب من خلال اقناع بعض القوى السياسية بتأييد هذا المرشح أو ذاك وتوفير النصاب للجلسة الرئاسية والا فالانتقال إلى مربع آخر لاختيار شخصية من خارج نادي المرشحين المعروفين، ممن تتوافر فيهم الصفات الرئاسية ولا يشكلون استفزازاً لأي طرف سياسي. وكرّر الراعي موقفه الرافض لربط الرئاسة بسلة الحل الشاملة لاسيما قانون الانتخاب لان من شأن ذلك تأخير الاستحقاق. في المقابل، كان تيار المستقبل يتمسك بترشيح فرنجية، ولفت أن الرئيس فؤاد السنيورة نفسه أعلن «أن ترشيح فرنجيه لم ينته ولم يتوقف، بل انه مستمر رغم الفرملة التي تعرّض لها» مكرراً «ان الرئيس الحريري جدي وصادق» وكاشفاً ان «الطرح يقتصر على بند وحيد هو الرئاسة حصراً، وكل ما عداها يأتي لاحقاً» قاطعاً الطريق على أي كلام على تسوية أو مقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء. ورأى «ان المبادرة تعرضت أخيراً لفرملة إيرانية عبَر عنها «حزب الله» من خلال تمسكه بالعماد ميشال عون».

في غضون ذلك، أفيد عن جفاء بين البطريرك الراعي والجنرال ميشال عون تُرجم بمقاطعة لقداس الميلاد وللمعايدة وبإنتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي من أنصار عون للالتباسات في مواقف سيّد بكركي، فيما قناة OTV الناطقة بلسان التيار الوطني الحر إختصرت أحداث العام 2015 كما قالت «بمعادلة واحدة: إنها سنة الفرز بين مدرستين. بين من يقول إن السياسة أخلاق… ومن يقول إن السياسة نفاق… ولسوء الحظ كان أبطال المدرسة الثانية هم الطاغون على وقائع السنة، تماماً كما كانوا هم الضاغطون على صدر الوطن والناس، وكانوا الطغاة على حساب المواثيق والدستور والقوانين …». وأضافت «من أمثلة سياسة النفاق، أن تمدّد سلطة غير شرعية لنفسها وكراسيها وأن تغتصب إرادة الناس … ولا من يسأل… ومن أمثلة سياسة النفاق، أن تمتنع هذه السلطة عن إجراء انتخابات فرعية في دائرة واحدة، ثم تبشر هي نفسها بإجراء انتخابات بلدية في نحو 800 دائرة… وكان لا ينقص أمثلة سياسة النفاق، إلا محاولة أحدهم (والمقصود الرئيس السنيورة) دسّ السم بين ميشال عون وسليمان فرنجيه … سم لا ينفع معه نبش الأرشيف. ولا توصيفات الفجور. ولا حتى مقولة الفاجر والتاجر في الوقت نفسه … إنها وقاحة لا ينفع معها ربما، إلا الهروب إلى سهرة رأس السنة، مع كم من الكؤوس، علنا ننسى هذا الهم من الرؤوس».

&