محمد خروب
&
عبثاً يحاول وفد ائتلاف اسطنبول الذي أفرز هيئته العليا ووفده التفاوضي العتيد، تعديل الصيغة التي اعتمدها الطرفان الروسي والاميركي عبر بيان فيينا’ ولاحقاً تكريسه في قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومحاولة إحياء «جنيف1» الذي بات من الماضي, ليس فقط لأن الميادين العسكرية أسقطتها وانما أيضاً ودائماً لأن الذين التقوا في جنيف وقتذاك,في حزيران من العام 2012، من «اصدقاء» سوريا ورعاة الارهاب ومَنْ أخذوا على عاتقهم تدمير سوريا وتقسيمها وإعادة ترتيب المنطقة بما يخدم في الاساس المشروعين الاسرائيلي والعثماني الجديد، لم يعودوا على تلك الدرجة من التماسك او القوة او حتى الحماسة, بعد ان سقطت رهاناتهم وبعد ان اكتشفوا ان أدواتهم في المعارضات المزيفة التي فبركوها والمنظمات الارهابية التي اغدقوا عليها الاموال والسلاح والمعلومات الاستخبارية، لم يكونوا سوى هواة وسُراّق وآفاقين وتُجّار مخدرات وآثار.
&
وسواء انطلق ماراثون جنيف3 غداً الجمعة بـ»مَنْ حضر» أم اضطر المنظمون ومَنْ ارسل الدعوات (دي ميستورا) الى تأجيله لأيام معدودات او الى اجل غير مسمى, نتيجة «زعل» إحدى الدول المدعوة مثل تركيا التي لا تُبدي اي تساهل ازاء حضور صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكرية «قوات حماية الشعب» التي تُسيطر على مساحات وبلدات مهمة وتُواجه داعش في اكثر من جبهة، وإصرار الرئيس المُشارك لمجلس سوريا الديمقراطية هيثم مناع, على المقاطعة ما لم يحضر المُكوِّن الكردي (أي صالح مسلم)، فإن الثابت حتى الان أن ما بات يعرف بوفد الرياض اي الذي أفرزه اجتماع المعارضات في العاصمة السعودية الشهر الماضي، قد أظهر منذ البداية عدم وحدته وانقسامه وهيمنة روح المَحاوِر و «المعسكرات» عليه, تبعاً للمرجعيات والرُعاة والمُموِلين, بل ثمة من تحدث عن تَشدُّد الجناح التركي في هذه المعارضات ورغبته في مقاطعة جنيف3 مقابل من يريد الذهاب وان كان غَلّفها بمطالبة المبعوث الأُممي دي ميستورا بتوضيح بعض النقاط والعبارات التي وردت في نص الدعوة التي وجهها، كغطاء او تبرير للحماسة التي يُبديها للجلوس على طاولة المفاوضات سواء كانت مباشرة مع وفد الحكومة السورية ام في غرفة منفصلة يقوم المبعوث الدولي بالتنقل بين الغرفتين (وربما الغرف الثلاث اذا ما ذهب معارضو ما يوصفون بمعارضة القاهرة وموسكو والاستانة الى هناك, وتم التعامل معهم كوفد ثالث او صيغة اقرب الى ذلك)... بل ثمة تسريبات اوردتها صحف لبنانية قالت إن التصويت في اجتماع المعارضة بالرياض جاء 12-17 لصالح من يُريدون الذهاب الى المفاوضات, فيما الذين عارضوا هم من «العسكريين» الذين يُمثِلون جيش الاسلام واحرار الشام مضافا اليهم رئيس مجلس اسطنبول جورج صبرا، ما اضطرهم الى تأجيل ذلك الى الاربعاء (يوم امس) كي يتم حسم المسألة.
&
استذكاء المعارضة المجتمعة في الرياض ومحاولتها الظهور بمظهر المُحترف والمُدقق في التفاصيل واظهار بعض القدرات التفاوضية، كي تخفي مراهقتها السياسية وتراجع مكانتها وفقدانها الكثير من الاوراق التي كانت تُراهن عليها ولجوئها الى المطالبة بما تسميه اجراءات بناء الثقة وفقا للبندين 12 و13 من قرار مجلس الامن فضلا عن استفسارها من المبعوث الاممي حول العبارة التي جاءت في نص الدعوة وهي «اقامة حكم ذي مصداقية»..كذلك في معرفة صفة مَنْ تمت دعوتهم من تيارات المرة الاخرى وهل هم «محاورين ام مستشارين», لن تُسهم الا في دورانها حول نفسها وانعدام قدرتها على المضي قدما في ايجاد حل سياسي للازمة، في ظل يقينها بان هامش المناورة امامها قد تقلص كثيرا, وان ما تفرزه الميادين والحقائق الجغرافية الآخذة في التجسد على الارض، لن تمنحهم القدرة ولا الامكانية على اقناع احد، وخصوصا رُعاتهم في الاقليم، بانهم جديرون بالدعم او الرهان عليهم، ولهذا لن يكون مفاجئا ولا غريبا ان يقوموا باعلان انسحابهم من المفاوضات بعد الجلسة الاولى او افتعال اي مشكلة للاحتجاج واظهار «المظلومية» وتوجيه الاتهامات لموسكو وربما واشنطن سعيا لاستدرار دعم من باريس ولندن وخصوصا انقرة وبعض دول الاقليم العربية.
&
جنيف3 محكوم بالفشل، ليس فقط لان وفد المعارضة الذي يقوده الجنرال اسعد الزعبي، لا يتمتع بأي قدرات او رغبة باخراج سوريا وشعبها من مأساتهما الراهنة, وانما ايضا لانهم يفتقدون الى اي اوراق ذات وزن, يمكن ان تُسهم في تمرير منطقهم الارهابي, بعد ان انكشفوا وباتت مؤامرتهم – ومن دَعَمَهم ويدعمهم – مكتوبة على الجدار، بعُريِها المفضوح.