عمرو عبد السميع

على أبواب مؤتمر حركة فتح الذى يعقد فى نوفمبر الحالى نشبت موقعة شديدة الوطيس بين محمد دحلان القيادى المفصول من منظمة فتح ومحمود عباس أبومازن على رئاسة المنظمة، والحقيقة أن المتأمل فى تصريحات كل من محمد دحلان ومحمود عباس يدرك فارقا خطيرا جدا هو (العصرية) بكل معانيها، فمحمود عباس مازال يلجأ فى حلول يقدمها عن الأزمة الفلسطينية إلى نموذج (انتحاري) عبر زياراته إلى تركيا وقطر فيما يعرف على سبيل اليقين أنهما المؤيد الرئيسى لحركة حماس فى غزة، بينما دحلان يبدو داعما لوحدة القرار الفلسطينى ويدعم جهود اللجنة الرباعية المكونة من مصر والأردن والإمارات والسعودية، يعنى واحد التجأ للحلول القديمة القائمة على اللعب على الإضداد مهما تكن للبقاء فى كرسيه، والآخر احتضن القضية فى بعدها العربى والمدنى بعيدا عن كراكيب الإمارة الدينية فى غزة وما تفرضه من تداعيات خطيرة على القضية الفلسطينية. 

كان أولى بمحمود عباس أبومازن معرفة أن أنقرة والدوحة هما طريق انغلق على ذاته نتيجة ما يعتنقه أصحابه من أفكار وتوجهات، وأن مصيره إلى تلاشى وزوال النموذج الذى يسعى إلى تشكيله، ولقد سقط مشروع الخلافة الإسلاموية وإحياء العثمانية والشرق الأوسط الكبير منذ ثورة 30يونيو العظمي، وهو يتآكل الآن محاولا التشبث ببقايا دور فى شمال سوريا أو فى معركة الموصل أو غرب ليبيا أو فى إطار من يحفظ لحماس بعض حقوقها فى الوجود الذى تأسس على انقلاب عسكري، وهو أبومازن لامراء الذى بدا مستعدا فى تلك السن الطاعنة أسير رغبة مستعرة فى التمسك بالسلطة على حساب التوجه الطبيعى ضد حماس وأعداء المشروع العربى إجمالا فى تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وهما ـ بكل وضوح ـ قطر وتركيا.