عبدالله جمعة الحاج
شهد العالم خلال الشهرين الماضيين ثلاث مناظرات انتخابية بين المرشحة «الديمقراطية» هيلاري كلينتون والمرشح «الجمهوري» دونالد ترامب، ومثل هذه المناظرات تعكس جزءاً من الموقف الانتخابي للمرشحين، لكنها لا تعكس حقيقة الأوضاع المتعلقة بالنتيجة النهائية، أو من الذي سيصل إلى البيت الأبيض في نهاية المطاف.

لكن النظر إلى المناظرات الثلاث الأخيرة يظهر أن ترامب لا بد وأن يكون ممتناً كثيراً لما يحدث له في مسيرته الانتخابية لأنه حصل على فرصة الوقوف أمام سيدة البيت الأبيض الأولى لفترتين متتاليتين ووزيرة خارجية الولايات المتحدة لأربع سنوات خلال الفترة الرئاسية الأولى لباراك أوباما، في سباق شرس ستكون نهايته حصول أحد المرشحين على المائتين وسبعين صوتاً في المجمع الانتخابي اللازمة للوصول إلى كرسي الرئاسة.

وهذا في تقديري شرف لم يكن لشخص يمتهن كرامة المرأة، ويعادي مواطنيه من الأقليات، وينظر إلى أمم وشعوب العالم الأخرى بدونية، ليحصل عليه ويظهر من خلاله وهو يقف في ميدان تنافسي تنقله كافة وسائل الإعلام الوطنية الأميركية ووسائل الإعلام العالمية كافة.

ورغم أن استطلاعات الرأي التي أجريت حتى الآن تمنح السيدة كلينتون تفوقاً ملحوظاً على منافسها، فإن السباق الجاري حالياً شرس جداً، وقد تحدث في نهايته مفاجآت قد تقلب الطاولة في وجه المرشحة «الديمقراطية»، لكن ما هو حاصل الآن هو أن عامة الأميركيين توجد أمامهم فرصة سانحة للنظر إلى كلا المرشحين بوضوح، وهو يتطرق لقضايا صعبة جداً بعيداً عن موجات التجريح الشخصي التي يمارسها ترامب ضد منافسته.

إن النتيجة المستشفة هي أن السباق متقارب على الصعيدين القومي الأوسع وعلى صعيد كل ولاية على حدة، حيث يبدو أنه لا توجد استطلاعات رأي محايدة بالكامل تظهر أي من المرشحين على أنه لديه مواقف مؤكدة على مستوى كل ولاية، بحيث يستطيع جمع الأصوات المطلوبة بسهولة ووضوح. إن من الممكن أن تحدث تطورات تجعل هيلاري كلينتون تكسب الأصوات العامة، وتخسر أصوات ما يعرف «بالكلية الانتخابية». ويمكن أن يحدث الموقف نفسه بالنسبة لدونالد ترامب. أو أن أي منهما يمكن له أن يفوز بارتياح ضمن تحول إجمالي في وجهات النظر الخاصة بالناخبين غير الملتزمين بأي من الحزبين، أو أي من المرشحين، ويمكن لأي طرف منهما إقناع الناخبين هؤلاء في أي لحظة بالتصويت النهائي له.

لكن ما هو الأمر المؤكد الذي سيقرر نتيجة السباق الجاري حالياً؟ إن الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة بالتأكيد، فبالإضافة إلى فكرة حدوث أمور جليلة ودراماتيكية محلياً أو عالمياً، توجد المسألة المهمة جداً وهي ذهاب الناخبين إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، فهذه المسألة وحدها، هي التي ستقرر في الأحوال العادية من هو المرشح الذي سيفوز.

إن العالم أجمع في انتظار يوم الثامن من نوفمبر 2016، حين سيدلي الناخبون بأصواتهم في نظام انتخابي ديمقراطي أثبتت التجارب التاريخية أنه من أفضل النظم الديمقراطية في العالم، لكن أي نظام ديمقراطي من المرجح له أن ينتج نفس المستوى من المتنافسين.

وبهذا الصدد، فإن العملية السياسية الانتخابية لا تحدد المخرجات، فأي تغير فيها ربما يكون له بعض التأثير في تحديد أي من المنافسين هو الذي سيفوز في العملية الانتخابية المعنية أو المحددة، وبعض المجريات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة تم اختبارها جيداً من قبل النظم الموجودة والراسخة والعملية التي تجري. إن ما نقصده بذلك بالتحديد هو أن الشكوك المبدئية أو المسبقة التي أخذ ترامب في إطلاقها بشكل متكرر ليس لها محل من الإعراب، ومن الصعب أن تتحقق، لكنها تعكس موقفه السياسي الضعيف. ومن الأمور التي يشعر المرء تجاهها بمرارة في العملية الانتخابية الجارية حالياً هو قول البعض إن الانتخابات القادمة قد يجري فيها تلاعب، وهذا أمر مستبعد. الساعة تدور، والعالم يترقب والنتيجة سيتم إعلانها، وسيفوز فيها من يفوز ويخسر من يخسر، فهذا هو جوهر اللعبة السياسية الديمقراطية.