أمندا برادعي 

احتفل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون وعائلته والمقرّبين منه بإعادة العلم اللبناني الموقع من مناصريه قبل 27 سنة إلى القصر الجمهوري. وعودة العلم أرادها عون جامعة ووطنية فحمله كشافون وجمعيات كشفية تمثل مختلف الطوائف بدعوة من اتحاد كشاف لبنان: التقدمي، المبرات، الماروني، الاستقلال، الإغاثة وغيرها. وهم عبروا عن فرحتهم بالمشاركة في «هذا اليوم الوطني»، معتبرينه «رمزاً للوحدة».ولم يكن الاحتفال مناسبة سياسية، لكن الصحافيين سألوا وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل عن موعد تشكيل الحكومة فاكتفى بالقول: «نعمل للإسراع بتأليفها».

ورفع «علم الشعب» مرة جديدة أمس، بالطريقة نفسها التي قدّم فيها الى الرئيس عون آنذاك، وبدأ الاحتفال بوصول أكثر من 150 عضواً من فرق الكشاف، إلى الباحة الخارجية للقصر، حاملين العلم الضخم الذي يبلغ طوله 21 متراً وعرضه 10 أمتار، تتقدمهم موسيقى الجيش فعبروا الباحة الخارجية للقصر وصولاً الى مدخل البهو الكبير في وقت كانت فيه «جوقة الفيحاء» تنشد أغاني وطنية. بعد ذلك، وضع الكشافة العلم على قاعدة نصبت وسط البهو الداخلي.

ودخل الرئيس عون ترافقه زوجته ناديا، وسط التصفيق. وأنشدت الجوقة النشيد اللبناني، وألقى بعدها عون كلمة اعتبر فيها أن «احتفال اليوم عزيز على قلوبنا كما على قلوبكم، فهذا العلم سُجن معنا طوال 15 عاماً، وأنقذ بفضل السيدة الهبر التي حفظته طوال تلك الفترة، وها نحن اليوم نحتفل بعودته الى بيته الحقيقي، بيت الشعب».

ولفت إلى أن «فكرة التظاهرة التي حصلت في حينه والتوقيع على العلم لم يكن الهدف منها التظاهر بحد ذاته. ففي تلك المرحلة كما تعرفون- تنذكر وما تنعاد- كان لبنان مقسماً إلى أجزاء، وكل ميليشيا كانت تسيطر على جزء من الوطن، وكان لها علمها الخاص». وقال: «لم يبقَ سوى بيت الشعب هنا يرفع الأعلام اللبنانية، والوفود التي كانت تؤمه كانت ترفع العلم اللبناني وحده. كانت كل الأطراف المتقاتلة تتهم بعضها بعضاً بأنها تريد تقسيم لبنان، ومن هنا جاءت فكرة هذا العلم، فمن يريد للبنان أن يتوحد فليحمل علم بلاده، وليأتِ ويوقع على هذا العلم». وأشار إلى أن «المنظمين وضعوه لبعض الوقت على معبر المتحف ليتمكن المواطنون في بيروت الغربية آنذاك من تخطي المعبر والتوقيع عليه».

وأوضح أن «هذا هو المغزى الذي جعلنا نقرر هذا التحرك ليتمكن اللبنانيون من التعبير عن وحدتهم ولينضووا تحت علم بلادهم رمز لوحدة لبنان وأرضه ولشعبه».

وكان عون يشغل منصب رئيس الحكومة العسكرية عندما أُجبر عام 1990 على مغادرة قصر بعبدا، وعملت المهندسة في التصميم الداخلي ليلى الهبر صقر، وكانت آنذاك مسؤولة التوثيق وتعمل متطوعة داخل القصر، على تأمين خروج الوثائق الخاصة بعون معه، كما أكدت لـ «الحياة»، واحتفظت لنفسها بعلم له قصّة تحت الأدراج الداخلية في منزلها.

وتقول قصّة «علم الشعب» الذي وقع عليه 126549 لبنانياً عام 1989 حين اقترحت مجموعة من الشبان المؤيدين للجنرال في أحد الاعتصامات الشعبية في باحات القصر فكرة توقيع اللبنانيين عليه في المناطق التالية: بعبدا، المتحف، انطـــلياس، جونيه وجبيل إنه كان موجوداً في أحد صالونات القصر مغبراً و «مجعلكاً»، وقبل 5 أيام من 13 تشرين الأول (ذكرى إطاحة القوات السورية الحكومة العسكرية برئاسة عون)، تقول الهبر التي ما زالت بالنسبة الى عون «ناطورة المفاتيح»: «سألت الجنرال عن إمكان تنظيفه وكويه، فلفيته بنايلون واحتفظت به منذ 13 تشرين وأخبرت كلودين ابنة الجنرال بذلك لأنني شعرت بخوف أن يحصل لي مكروه، حتى عام 2005 حيث تم إخراجه مع عودة الجنرال إلى لبنان».

وسيبقى العلم في قصر بعبدا خلال الاستقبال الرسمي الذي سيقام غداً لمناسبة عيد الاستقلال، على أن يحفظ بعد ذلك في مكان خاص يجري إعداده في القصر.