ملحة عبدالله
حدود مشتركة، ودماء تتدفق في العروق، وعادات وتقاليد، ولغة، ودين متحدة، فإلى متى تظل دول التعاون الخليجي في تمدد نحو الخارج باقتصادها وأموالها وحتى تنزهاتها؟!
نسمع كثيرا وننتظر طويلا لمشروع وحدة دول الخليج وتناسقها وتناسخ أموالها ووحدة عملتها وتدفق أموالها بحسب خاصية الأواني المستطرقة، لكننا نرتقب كل يوم خبرا ونسمع وتمسح ساحات الأوراق نواظرنا ونتهلف لمزيد من القرارات السريعة الدافقة التي تمحو زحف الزمن الثقيل على أكتافنا. نتعجب حين يقول أحد الخبراء الاقتصاديين: "العمق الاقتصادي له عوامل كثيرة وهذه العوامل موجودة لدينا، مثل خطوط الأنابيب، والطرق التجارية، ومفهوم العرف، والعادات والتقاليد، وغير ذلك" فماذا ننتظر إذاً؟!
إننا نرى في وضح النهار ذلك التكتل العالمي تكتلا اقتصاديا وسياسيا وحتى عقائديا، فهل نعمل على ما يحيلنا إلى مصاف الدول الكبرى إذا ما أحسنا إدارته ولا سيما أننا نحن أبناء الوطن الواحد والعرق الواحد بل ونفس المصادر من مدخلات ومخرجات.
الأموال الخليجية هي ما يقوم عليها اقتصاد الغرب (هذا ما يعرفه رجل الشارع البسيط).. عفوا سادتي ليس هذا كلامي بل هو قول أسمعه في الطرقات وفي المركبات وفي كل مكان وأنتم تسمعونه أيضاً كما أسمعه! وفي رأيي المتواضع البسيط أن الحل ليس بتلك الصعوبة ولا يستحق انتظار السنوات، فقط يفعل مشروع الوحدة الاقتصادية بين دول التعاون وخاصة أن هناك مجلسا مرموقا يعمل منذ سنوات، وتفعل السوق المشتركة وتوحد العملة ويسيل الاقتصاد الذاهب إلى خارج أوطاننا، وعلى الشركات الكبرى والقطاع الخاص ورجال الأعمال يقع العبء الأكبر إذا ما أرادوا أن ينهض اقتصاد بلادهم!
يقول أحد الخبراء الاقتصاديين: "الأمر يحتاج إلى تكتل كبير لحماية الشركات الكبرى" وأعتقد أن في هذا القول ما ينبئ عن ضرورة وجود قوانين مشتركة لحمايها، ثم يقول خبر آخر في أحد لقاءاته التلفزيونية بهذا الصدد: نحن نحتاج إلى هبَّة كبرى، ثم يقول: هناك فرصة كبيرة فإلى متى ننتظر الفرص؟!" وهبَّة هنا هي سرعة القرار وقوته وتنفيذه في وقت لا يحتمل التأخير. وبالرغم من تفاؤلنا بغد مشرق مما يحمله لنا مشروع 2030 إلا أن الوحدة الاقتصادية الخليجية لها بريق يلوح لنا في كل حين ننتظره، ولنا في الاتحاد الأوروبي خير دليل على تجربة ناجحة تستحق التأمل بل والتطبيق.
وفي مناقشة ثرية على القناة الإخبارية حول هذا الموضوع - جمعت أطرافا متعددة من الباحثين والإداريين الاقتصاديين من عدة دول خليجية ومنهم د. عبدالله الفوزان ومحمد العنقري وغيرهم بمناسبة الاجتماع الأول للهيئة الاقتصادية – نجد الكثير من العمق الفكري والاقتصادي إلا أن الحلقة قد ضجت بضيق صدورهم من كل التباطؤ الذي كان واضحا طيلة الحلقة بل وأحالنا نحن إلى ضجرين ولا نقل متشائمين، مما أبدوه من مؤهلات رائعة لكل دول التعاون، ولكن تباطؤ التفعيل يحيل كل المشروعات إلى مجرد توصيات! فالفوزان يرى أنه لا بد من اتحاد دولتين أو ثلاث وهذا رأي جيد لأن الدول الأخرى ستأتي تباعا إذا ما خطت الدول خطوة نحو الوحدة فهو يقول: "الحدود بين دول التعاون الخليجي حدود مصطنعة ولدينا مجلس تعاون مشترك يفرش الأرض بالزهور لهذه الوحدة فمن هو المستفيد من هذا التباطؤ" فأين الهيئة المشرفة على مشروع الاتحاد وأوراقها قيد الأدراج هكذا يتساءل وهكذا تنطق الحلقة حول هذا المشروع وقد بدت لنا العديد من العوامل المعرقلة كما ذكرها أحد المحاضرين في نقاط: "عدم وجود شبكة طرق، ضعف إسهام القطاع الخاص، موازين مقلوبة، لا نملك شبكة بين الدول على غرار دواخلها، قدرة الهيئة على التسريع هي الأمل، البيروقراطية لا بد التخلي عنها، الرتابة الموجودة في اتخاذ القرارات، كما جاء على لسان أحد المحاضرين بأن مهمة الوزير هي العمل على التكامل والاتحاد لكن لا بد من وجود هيئة رقابة لأنها تُترك للاجتماعات الربع والنصف والربع سنوية كما يجب أن ينظر للربط البري والربط البحري وهو ما يوفر نقل البضائع فالبضائع تأخذ أياما تنتظر ولكن إذا قام الاتحاد لا بد أن تتحول الشركات إلى كتلة نابضة ومفعلة كل الشركات المتنافسة لا بد أن تدرج في البورصة الخليجية فالتكامل بين البورصات في أوروبا وأميركا متكاملة وهي ما تعمل على هذا التطوير في التكامل "فهل وصلنا إلى الدرجة المرجوة من النضوج الفكري الاقتصادي؟ وهل تتحد رؤوس الأموال لتنسكب في جيب الوطن بدلا من التمدد الخارجي؟ وهل وعى رجال الأعمال الكبار أهمية التوجه للوطن ولهذا التكامل؟! فليس فقط إدراج رؤوس الأموال بقدر أهمية اتحاد السياسات الاقتصادية في تناغم وتكامل.
وطننا يا سادة في أشد الحاجة لهذه الهبَّة، والتباطؤ يزحف ودول العالم تتكتل، والمواطن البسيط هو من يدفع الثمن!
التعليقات