علي سعد الموسى
أمام سمو الأمير محمد بن سلمان، وفي مجلسه، طرح الزميل العزيز، محمد الأحيدب، وجهة نظره الشخصية من أن إعلامنا المحلي يتعمد إقصاء ورفض دخول كارتيل الخطاب الديني من باب كتابة الرأي.
تحدث الأحيدب طويلاً عن استفزاز الإعلام وتحديداً كتاب الرأي بالصحافة السعودية للمشتغلين بقضايا الخطاب الديني، منوهاً أن هؤلاء لا يمتلكون حتى حق الرد على صفحات الصحف. أشار بالمثال، إلى ما صدر من كتابات بعيد قرار تنظيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معتبراً مثل هذا الطرح الكتابي نوعاً من التشفي والشماتة التي لا تصح. انتهى.
على المستوى الشخصي قد أتفق معه على أشياء وأختلف مع الأخ العزيز في جوانب أخرى من طرحه الجريء أمام صاحب القرار. أولاً، فسأقول له، وبالتجربة الطويلة، إن صحافتنا المحلية دائماً ما تبحث عن استقطاب نجوم الخطاب الديني وأحياناً، وهذا مطلب لا غبار عليه، من أجل أهداف تسويقية صرفة. أتذكر بالمثال أن هذه الصحيفة ومنذ قينان إلى عثمان دائماً ما حاولت طلبات استكتاب من سدنة هذا التيار العزيز، وليس سراً إن قلت بكل وضوح إن كثيراً منهم اعتذروا لا عزوفاً عن الكتابة بل خوفاً من ضغط الأشياع والأتباع الذين يرون الشبهة في الناقل الإعلامي. كثير منهم استسلم لهذا الضغط وغادر بعد بضعة مقالات محدودة.
ثانياً، ولنقلها بكل وضوح وصراحة: الخطاب الديني نفسه مؤدلج منقسم في داخله بالتحديد ويخضع لسطوة المدارس الدينية المختلفة. ليس من باب الرأي أبداً نشر مقالات تؤسس لانقسامات طائفية مذهبية خالصة مثلما هي بالضبط صبغة بعض منتسبي الخطاب السلفي، لأن مثل هذا الخطاب يزيد من هوة الانقسام الوطني في ظرف وجودي خالص. من المهم أيضاً الإشارة إلى البواعث السياسية لأن نسبة لا يستهان بها من نجوم هذا الخطاب لديهم أجندة سرورية أو إخوانية، وقد لا يفصلون الخيط واضحاً بين الانتماء المدرسي وبين الكتابة إلى جمهور عريض واسع الطيف.
ثالثا، وهو أمر تسويقي بالغ الأهمية: الصحافة تبحث عن كتابة الرأي التي تناقش قضايا القراء التلقائية المباشرة، وهنا لن أتردد أن أقول بالتجربة إنها قضايا دنيوية حياتية خالصة. ويؤسفني أن أقول إن الجمهور المتلقي لن يلتفت كثيراً إلى الكتابات الوعظية أو الدعوية لأن لها قنواتها الخاصة المختلفة التي اعتادها ذات الجمهور.
سأختم: نعم، أتفق مع الأحيدب في عموميات "الإقصاء" ولكن مفردة ما بين القوسين مطاطية هلامية. وبالمقابل: الخطاب الديني نفسه هو من ابتدأ الشك والريبة في هيكل الإعلام المحلي، وهذه حقيقة لا تحتاج مزيداً من البراهين.
التعليقات