& محمد شقير

يقول وزير بارز إن الحكومة اللبنانية في وضعها الراهن لم تعد قادرة على الاستمرار بعدما تحولت إلى أقل من حكومة «تصريف أعمال»، خصوصاً أن التسوية التي توصل إليها مجلس الوزراء في جلسته الاثنين الماضي، لمعالجة الأزمة الناشئة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، والتي أدت إلى قرار الرياض إيقاف مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني والقوى الأمنية، لم تدفع في اتجاه إعادة تصويب العلاقات اللبنانية - الخليجية بمقدار ما أنها زادت الطين بلة وتسببت بإحراج الحكومة، لأنها جاءت جامعة للتناقضات تحت سقف واحد.

ويؤكد الوزير البارز لـ «الحياة» بأن معالجة هذه الأزمة باتت تستدعي ابتداع صيغة سياسية معينة غير الصيغة التي أنتجها مجلس الوزراء مجتمعاً من شأنها أن تقنع الرياض في إعادة النظر في موقفها بوقف المساعدات العسكرية للقوى الأمنية، لا سيما أن التسوية المقترحة لم تكن واضحة وكانت بمثابة صيغة مركبة لا تزعج «حزب الله» وحلفاءه ولا ترضي الرياض.

ويرى الوزير نفسه أن على الحكومة أن تراجع حساباتها بدءاً بإعادة النظر في موقفها الذي أوردته في التسوية التي اعتقد رئيسها تمام سلام بأنها كافية لاستيعاب الأزمة والسيطرة على تداعياتها ومنعها من التفاعل السلبي في اتجاه تهديد علاقات لبنان بدول الخليج.

ويلفت إلى أن المشكلة هي في داخل مجلس الوزراء، ويقول إن رغبة الرئيس سلام في التوجه إلى السعودية ومنها إلى عدد من دول الخليج العربي، قد لا تسهم في حل الأزمة ما لم يعد النظر في التسوية التي صدرت عن مجلس الوزراء.

ويسأل الوزير عينه عن الجدوى من أن يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته من دون أن يبادر إلى وضع اليد على الجرح النازف الذي يهدد العلاقات اللبنانية بدول الخليج وهذا لن يتحقق إلا في اتخاذ موقف واضح من شأنه أن يؤدي إلى تصحيحها. خصوصاً أن بعض الأطراف المعنية بالتسوية سرعان ما بادرت إلى غسل يديها منها إضافة إلى موقف كتلة «المستقبل» منها في ضوء مغادرة وزير الداخلية نهاد المشنوق جلسة مجلس الوزراء قبل التوافق على هذه التسوية.

ويؤكد الوزير البارز أن لمغادرة المشنوق هذه الجلسة دلالة سياسية تكمن في أنه لم يؤيدها ولديه مجموعة من الملاحظات، حرص على أن يسلط الأضواء عليها في خلال المداولات بمضمونها. ويقول إن «المستقبل» كما بدا لاحقاً رفض أن يصادق عليها واعتبرها أنها لا تفي بالغرض المطلوب منها.

ويحذر وزير آخر من سياسة الابتزاز التي يتبعها «حزب الله» وبعض حلفائه بذريعة أن خصومه ليسوا في وارد الاستقالة من الحكومة، وأنه يتمسك بها لقطع الطريق على إقحام البلد في فراغ قاتل كالفراغ الذي يرزح تحت وطأته على خلفية تعذر انتخاب رئيس الجمهورية.

ويقول هذا الوزير إن استقواء «حزب الله» على خصومه ظناً منه بأنهم يتمسكون ببقاء الحكومة لن يصرف في مكان وسيكتشف لاحقاً أن هذا الاستقواء ليس في محله إذا ما أراد الحزب أن يجعل منا شهود زور في داخل الحكومة.

ويعتقد بأن الشرط الوحيد لإعادة تفعيل الحكومة يكمن في إعادة طرح الأزمة بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها السعودية في مجلس الوزراء، في محاولة لتظهير موقف أكثر تقدماً من اللاموقف الذي ورد في تسوية مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، لا سيما أن هذا الموقف قوبل ببرودة في الداخل ومن قبل دول الخليج مع أنها تجنبت التعليق عليه.

وحول ما يتردد من أن الرئيس سلام بدأ يعيش في أجواء قد تدفعه إلى الاستقالة، يؤكد الوزير البارز، أنه سبق له أن حذر من عدم تفعيل الحكومة، ملوحاً في أكثر من مناسبة بوجود رغبة لديه في الاستقالة لكن لا يستطيع أن ينوب عنه هذا الوزير أو ذاك في الموقف الذي يضطر إلى اتخاذه في حال بقيت أزمة النفايات من دون حل.

ويــــؤكد أن تفــاقم أزمة النفايات قد يدفع بسلام إلى الاستقالة في حال أخفقت اللجنة الوزارية في البحث عن بدائل لطمر النفايات بعد أن صرف النظر عن ترحيلها. ويتوقع أن يحمل هذا الأسبوع الخبر اليقين فإما أن يصار إلى الاتفاق على أماكن محددة يصار إلى تحويلها إلى مطامر لمعالجة النفايات، أو أن يضطر إلى الاستقالة.

ويكشف الوزير نفسه أنه جرى التوافق من حيث المبدأ على استحداث ثلاثة مطامر في برج حمود وسبلين والكوستا برافا على أن يعاد فتح مطمر الناعمة لفترة قصيرة ريثما يتم تأهيل هذه المطامر، لكن لا شيء نهائياً حتى الساعة لأن الاتصالات ما زالت قائمة لتأمين الغطاء السياسي لاستحداثها.

ويعيب الوزير هذا على مجلس الوزراء تغييب الشأن السياسي عن جلساته وكأنه مع إحالته الأمور ذات الطابع السياسي على الحوار الوطني الموسع وأحياناً على الحوار الثنائي بين «المستقبل» و»حزب الله» برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كان تدخل لانقاذ جلسته الأخيرة واستعيض عنها بلقاء ثنائي اقتصر على نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين خليل انتهى الى اصدار بيان مقتضب من بضع كلمات تختصر المأزق الذي وصل اليه الحوار من دون نتائج.

وفي هذا السياق يسأل عن الأسباب التي تمنع التداول بالأمور ذات الصلة المباشرة بالشؤون الخارجية أو الاطلاع على فحوى الزيارات التي يقوم بها وزير الخارجية جبران باسيل الذي يتصرف من حين لآخر وكأنه طليق اليد واللسان في إلزام الحكومة بمواقف لا تخدم علاقاته بعدد من الدول العربية. فهل يعقل أن لا يأخذ مجلس الوزراء علماً بها ولو من باب رفع العتب، خصوصاً أن السياسة الخارجية لا يضعها الوزير إنما تتولاها الحكومة مجتمعة؟

&

جلسة انتخاب الرئيس

على صعيد الدعوة السادسة والثلاثين لانتخاب رئيس جمهورية جديد، يبدو أن الجلسة النيابية المقررة بعد غد الأربعاء لن تغادر مربع التعطيل وسيكون مصيرها كسابقاتها مع فارق بسيط يعود إلى الحضور الكثيف للنواب على أن يبقى تحت سقف عدم تأمين الأكثرية المطلوبة لانعقادها.

وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية أن «قوى 14 آذار» ومعها «اللقاء النيابي الديموقراطي» بدأت تعد العدة بغية تسجيل حضور نيابي مميز في مقابل إصرار «حزب الله» وحليفه «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة العماد ميشال عون على مقاطعة الجلسة.

ولفتت المصادر إلى أن الدعوة لهذه الجلسة كادت تحمل مفاجأة تتعلق باحتمال حضور زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية إلى ساحة النجمة، لكن تصاعد حدة الخلافات بين «حزب الله» و «14 آذار» بسبب الأزمة الناشئة بين لبنان من ناحية وبين السعودية ودول الخليج قد تضطره إلى صرف النظر عن الحضور.

واعتبرت أن غياب فرنجية عن البرلمان لن يشكل إحراجاً له خصوصاً لدى «المستقبل» الذي كان تبنى بلسان زعيمه الرئيس سعد الحريري دعم ترشحه لرئاسة الجمهورية.

وعزت السبب إلى أن الأكثرية المؤيدة لفرنجية تقدر دقة الموقف الذي هو فيه الآن، بالتالي لن تبدل من دعمها له، لأن مجرد حضوره إلى ساحة النجمة سيتسبب له بمشكلة مع حليفه «حزب الله»، مع أن هناك من سيأخذ عليه مقاطعته لدعوة الانتخاب بذريعة أن المرشح لا يحضر بينما من رشحه سيشارك بكثافة في النزول إلى البرلمان.