فهد الأحمري&&&&&&&

أبدى الزعيم الأميركي انزعاجه من تصدير الإرهاب من قبل بعض الدول المصدرة للنفط، بينما تناسى دوره المتخاذل في مواجهة الإرهاب

يقول صاحب رواية "الخيميائي" باولو كويلو ‫"بعض الأشخاص عاجزون عن اتخاذ القرارات، ويسعون دائما إلى تحميل الآخرين مسؤولية مصائب العالم‫". مقولة قديمة للسيد كويلو الذي بالتأكيد لم يكن يقصد السيد أوباما تحديداً، لكن المقولة تلخّص مسيرة أوباما ذات الثمان سنوات بجملة مقاربة للثمان كلمات، خصوصاً أن هذه التصريحات صدرت قبيل وداعه للبيت الأبيض بثمانية أشهر.

ظهر الرئيس أوباما بمظهر القائد الفاشل الذي يوزع الأخطاء ذات اليمين وذات الشمال على قيادات العالم باستثناء إيران وروسيا اللتين لم يتعرض لهما سيادته، وهو يودّع المشهد الرئاسي. انتقد بريطانيا الحليف الإستراتيجي لأميركا بقوله عن ديفيد كاميرون إنه "شارد الذهن"، وفعل الأمر نفسه في انتقاد ساركوزي الزعيم الفرنسي السابق. تعرّض أيضاً لنتانياهو والرئيس التركي، ثم عرّج على دول الخليج والسعودية.

ظهر أوباما وكأنه يريد أن يقول إن كل قراراته في الفترة الرئاسية كانت سليمة، ولم يرتكب أخطاء كارثية أدت إلى تهديد العالم بأسره بما فيها الولايات المتحدة الأميركية نفسها. لم يرتكب خطأً حين ترك بشار الأسد يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه بلا هوادة. لم يرتكب خطأً حين أمر بسحب القوات الأميركية من العراق تاركاً المنطقة تعيش حالة الفراغ والفوضى والطائفية التي تولّدت على إثرها الجماعات الإرهابية. لم يرتكب خطأً حين ترك سورية للرئيس الروسي يرتع فيها كيفما يشاء. لم يرتكب خطأً حين حوّل البيت الأبيض إلى غرفة يتفرج من خلالها على أحداث العالم بعد أن كان البيت نفسه يمارس دور قيادة العالم.

لقد أبدى الزعيم الأميركي انزعاجه من تصدير الإرهاب من قبل بعض الدول المصدرة للنفط بينما تناسى سيادته دوره المتخاذل في مواجهة ذات الإرهاب كقائد لأقوى دولة عليها التبعات الأكبر لحفظ الأمن العالمي.

والمؤكد أن ترتيب الأولويات لدى الرئيس الأميركي جعله يقدم مواجهة مشروع تغيّر المناخ على مواجهة سفاحي النظام السوري، ومجرمي التنظيم الداعشي! وما يضير الدولة العظمى أن تعمل على المشروعين في وقت واحد، تواجه خطر الإرهاب وتواجه خطر التغير المناخي!

والمؤكد أيضاً أن أميركا لم تكن لتتبوأ موقع الدولة العظمى والأقوى لو كان من تعاقب على رئاستها على شاكلة أوباما! وها هو الآن يقود بلاده إلى التخلي عن قيادة العالم.

صحيح أن أوباما يسجل له أنه قضى على أسامة بن لادن و"قاعدته" غير أنه صرف النظر عن بشار وترك العراق في فوضى بعد الانسحاب في الوقت الخاطئ، الأمر الذي ترتّب عليه ظهور أبوبكر البغدادي و"داعشته" الأقوى تنظيماً والأشد فتكاً في تاريخ المنظمات الإرهابية، وذلك في تجلّ بديع للمثل القائل "شهاب الدين ألعن من أخيه".

ولكون اللقاء عن "عقيدة أوباما" فقد كان اللقاء "معقداً" لرجل عاقد العزم على الرحيل، بيد أن هناك تساؤلاً قد يكون الأبرز، وهو هل لتصريحات أوباما ضد السعودية بالذات علاقة تزامنية مع عصر الحزم في الجنوب، والرعد في الشمال، وما ترتب على ضوئهما من تحالفات دولية غصت وشرقت بها إيران حليفة أوباما الجديدة؟

كيف سيكون وقع الأمر على العالم بأجمعه لو أن أوباما، وهو يحزم حقائبه قافلاً إلى وجهته بعد البيت الأبيض، خرج إلى العالم ليتحدث عن نفسه وعن أخطائه إبان الفترة الرئاسية بدلاً من الحديث عن غيره.

سيادة الرئيس؛ الاعتراف بالخطأ فضيلة، وسجل رئاستك ليس فيه خطأ واحد، بل هي خطايا، ليتك فعلت ذلك، كان أجدى لك من المكابرة وتعليق فشلك على أكتاف الغير.

&

&