&شملان يوسف العيسى

يبدو أن العمليات الإرهابية في بلجيكا أثرت على السياسيين والسياسات في الولايات المتحدة وأوروبا حيال الجاليات العربية والمسلمة في الغرب، وحتماً ستؤثر على رجال الأعمال والسياح العرب الذين سيزورون الدول الغربية.

ظاهرة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين بدأت تنتشر بين السياسيين في الولايات المتحدة، فالمرشح الجمهوري «تيد كروز» اقترح تسيير دوريات في الأحياء المسلمة في الولايات المتحدة، بينما دعا منافسه الجمهوري أيضاً «دونالد ترامب» إلى إغلاق الحدود أمام المسلمين وإعادة استخدام التعذيب ضدهم.

وتكمن المشكلة هنا في أن المرشحين لمنصب الرئاسة الأميركية بدأوا يركزون على الجاليات العربية والمسلمة ككل وليس على المتطرفين منهم الذين يدعون للعنف والإرهاب.

نحن نعي تماماً بأن الخطب الحماسية التي يلقيها المرشحون للمناصب السياسية المختلفة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لا تعني في الغالب أي شيء بالنسبة للسياسة الأميركية الثابتة. فالخطب التي يلقيها هؤلاء المرشحون هي مجرد شعارات فارغة، الهدف منها الحصول على أصوات الناخبين ذوي الميول اليمينية المتطرفة.. فليس معقولاً أن يفوز مرشح بمنصب الرئاسة وهو يعلن بشكل واضح وصريح بأنه يسعى لمنع دخول المكسيكيين وكل الجنسيات في أميركا اللاتينية في الولايات المتحدة، بحجة أن أعدادهم تتكاثر في الولايات المتحدة، وهم يعملون في حقول الزراعة كعمالة بسيطة كما يعمل كثير منهم بشكل غير قانوني. لذلك فقد وعد ترامب ببناء سور كبير يفصل الولايات المتحدة عن جارتها المكسيك.

علينا كعرب أن لا نلتفت إلى كل هذه التهديدات ضد العرب والمسلمين، لأن كلام المرشحين موجه لجمهورهم في الداخل، ولاعتبارات انتخابية بحتة، لكن علينا أن نركز ونتعاطف ونتضامن مع الشعوب والناس الأبرياء المسالمين الذين قتلوا في بلجيكا وفرنسا وغيرها من دول العالم على أيدي إرهابيين من الشرق العربي.

التنديد بالعمل الإرهابي لتنظيم «داعش» واعتباره عملاً جنونياً إجرامياً لا يمس الإسلام والمسلمين بأي صلة، لا يكفي بحد ذاته، فالجيل الجديد من الإرهابيين في منطقتنا لا يهددون أمن واستقرار دول المنطقة فقط، بل ها هو خطرهم قد امتد إلى خارج الحدود العربية، إلى أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من بقاع العالم.

لقد شاركنا نحن عرب الخليج في أكثر من تجمع عربي ودولي لمحاربة الإرهاب، لكن الإرهابيين يتمددون في أكثر من بلد، وقد وصلوا إلى ليبيا وبعض الدول الأفريقية.

إن جرائم الإرهاب في بلجيكا أثبتت أن الجيل الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين تأثروا بمفاهيم التطرف والغلو في الدين، والتي خرجت أفكارها من منطقتنا العربية. لذلك نجد اليوم اتهامات غربية لبعض الدول العربية بأنها تمول التنظيمات والمدارس الدينية وأئمة المساجد المتطرفين في أوروبا.

مطلوب منا اليوم كعرب أن نراجع سياساتنا وبلورة سياسة جديدة لمحاربة الإرهاب بتبادل المعلومات حول المتطرفين وإطلاق مبادرات جديدة مضادة للتطرف الإسلامي، وهذا يتطلب إرادة قوية وخططاً مدروسة تركز على تحديث التعليم ومراقبة أئمة المساجد. ولا ينبغي التركيز فقط على الأداة الأمنية والعسكرية، فمحاربة الإرهاب قضية ثقافية تتطلب تغير البيئة الاجتماعية الحاضنة للتطرف.