& عمرو عبد السميع&

منذ ستة عشر عاما لقيت مساعد وزير الخارجية الأمريكى البارز دنيس روس فى واشنطن قبيل عقد قمة (كلينتون ـ عرفات ـ باراك) لمحاولة إصدار ما سُمى وقتها (كامبت دافيد ـ 2) وهى المفاوضات التى انهارت بسبب العنت الإسرائيلى الشديد، وأدهشنى روس حين عرج فى حديث ـ فجأة ـ إلى لبنان مشيرا إلى أنها وتونس البلدان العربيان الوحيدان العصريان العلمانيان، والواقع أن الأيام أثبتت عدم صلاحية كلام روس على المطلق، فها هى تونس تواجه هجمات إرهابية دينية على المستوى العملياتي، وهجمات إرهابية سياسية من حزب النهضة وأنصار الشريعة والإخوان المسلمين على المستوى المؤسساتي.&

أما لبنان فقد سقط اتفاق الطائف فيه على عدة مراحل وتهندست فيه آلية لإنتاج الأزمات بشكل دوري، وأصبحنا فى انتظار المحاولة السابعة والثلاثين لعقد البرلمان اللبنانى وانتخاب رئيس للدولة يوم 18 أبريل المقبل، وبعد مرور سنتين من الفراغ الرئاسى الذى يعيش ذلك البلد فيه وبما أدى إلى (غياب التشريع) لاحتجاب آلية تمكنه من مواجهة (غياب الاجتماع)، يعنى لبنان تغيب فيه عملية تفعيل السلطة التشريعية، وبالتبعية إعمال نصوص الدستور لانتخابات رئيس الجمهورية، فضلا عن أن أعضاء مجلس الوزراء لا يتوافقوا على أى قرار.

&وأطل علينا السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله بتجديد دعوة عقد مؤتمر تأسيسى يريد إعادة توزيع الحصص، يعنى بدلا من دولة (مدنية علمانية) هو يريد تعزيز الطائفية والمذهبية، وبدلا من مبادئ (المواطنة والعدل الاجتماعي) هو يريد تكريس الانقسام.&

إذن لم يعد لبنان هو الذى كلمنى عنه دنيس روس، وعجزت طبقته السياسية عن اختراع آلية تتجنب المحاصصات وتبتعد عن الوضع الذى يعرض البلد إلى حرب أهلية موقوتة أو مستدامة حتى لو اجتمع لمساندة المحاصصة خليط من حزب الله والكتائب والقوات اللبنانية.&