&عطيه عيسوى

&العالم العربى كله، وليست مصر فقط، يواجه أزمة مياه عذبة متصاعدة حيث أوضحت تقارير الأمم المتحدة أن المنطقة العربية من بين المناطق الأكثر فقراً فى المياه العذبة فى العالم وحذرت من إمكانية جفاف نهرى دجلة والفرات بحلول عام 2040، وبالتالى اتساع الفجوة الغذائية بين ما يُنتج وما يتم استيراده.أما على المستوى العالمى فإن سد الفجوة بين المتاح من المياه العذبة واحتياجات سكان العالم سيحتاج ما يتراوح بين 50 ملياراً و 60 مليار دولار سنوياً لمدة 20 عاماً لإقامة مشروعات توفر المياه وتعالجها.

دراسات الأمم المتحدة أوضحت أن خمس دول عربية هى البحرين والكويت وقطر والإمارات وفلسطين تتصدر قائمة الدول الأكثر عُرضة للفقر المائى والجفاف خلال ربع القرن المقبل تليها السعودية فى المركز التاسع وسلطنة عُمان فى المرتبة العاشرة.وأكدت تناقص موارد المياه فى دول عربية عديدة منها مصر التى تواجه سد النهضة الإثيوبى وسدوداً أخرى محتملة على النيل الذى تعتمد عليه بشكل شبه كُلى وكذلك العراق وسوريا اللذان يعتمدان على نهرى الفرات ودجله بصورة مماثلة.&

وأضافت أن دجلة والفرات يتعرضان لمعدلات جفاف عالية فى الوقت الذى يتعرض فيه نهر الأردن وأنهار لبنان وموارد المياه الفلسطينية لسرقات متواصلة من إسرائيل التى تعتمد بنسبة 40% على المياه التى تسرقها من هضبة الجولان السورية.وأشارت توقعات البنك الدولى إلى أن الموارد المائية الطبيعية فى المنطقة العربية ستواصل الانخفاض بحلول عام 2050 حتى تصبح أقل من المتوسط العالمى بكثير.&

الاحصائيات ذكرت أيضاً أن 30% من الأراضى القابلة للزراعة فى العالم العربى تعانى من الجفاف والتصحر وتقل حصة الفرد فى 12 دولة عربية بالفعل عن حد الفقر المائى الذى حددته منظمة الصحة العالمية (500 م3 للفرد سنوياً) وأن الصومال وجيبوتى من بين الدول العربية التى تعانى موجة جفاف صعبة امتدت تسع سنوات على غير المعتاد فى الدورة المناخية (سبع سنوات عجاف تتبعها سبع سمان) نتيجة تراجع معدل سقوط الأمطار على الهضبة الإثيوبية بنسبة 70% وفقاً للمنظمة الدولية لتغيرات المناخ.&

وأعلن البنك الدولى فى مارس الماضى أن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هى أكثر مناطق العالم معاناةً من شح المياه.أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائى فذكر أن حوض النيل هو أكثر المناطق تعرضاً لحدوث مواجهات ساخنة بعد تصاعد أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا وإذا أضرَّ السد بمصر ستتضاعف أزمتها المائية ويتأثر سلباً أمنها الغذائى. ولن يكون الصراع على مياه نهرى دجلة والفرات أقل حدةً حيث أوضحت الإحصائيات أن إيراد الفرات مثلاً لا يتجاوز 27 مليار متر3 سنوياً بينما وصلت احتياجات العراق وسوريا وتركيا من مياهه إلى 39 ملياراً قبل 16 عاماً بمعدل 13 ملياراً لبغداد و11 ملياراً لدمشق و15.7 لأنقره،فما بالك بالحال الآن.&

ورغم أن العالم العربى يمتلك أكبر نسبة موارد مياه جوفية فى العالم فإن معظمها مازال خارج نطاق الإحتياطات المتاحة للاستخدام وأكثرها غير متجدد.وذكرت دراسات دولية أن منطقة الخليج البالغ مساحتها 2.6 مليون كيلومتر2 لا يتوافر لها سوى 40 مليار متر3 فقط من المياه العذبة. لهذه الأسباب وغيرها تصدرت المنطقة العربية مناطق العالم فى تحلية مياه البحر واستخدامها للشرب ومن المتوقع أن ترتفع نسبة استخدامها من 1.8 % حالياً إلى 8.5% بحلول عام 2025 رغم تكلفة إنتاجها العالية. أما عن تأثير شح المياه على انتاج الغذاء فتوقع تقرير لمنظمة تغيرات المناخ الدولية تراجع إنتاجية الحبوب والخضراوات بوجه عام فى العالم العربى بنسبة 20% ترتفع إلى 47% فى انتاج الذرة و30% فى الأرز بحلول عام 2030.&

وفى مصر بصفة خاصة من المتوقع تزايد الفجوة الغذائية بين ما يتم إنتاجه وما يحتاجه الاستهلاك من 55% حالياً إلى 75% خلال المدة نفسها ليرتفع ثمن ما يتم استيراده من غذاء إلى 15 مليار دولار سنوياً مقابل 10 مليارات حالياً إذا سارت الأمور بوتيرتها الحالية. أيضاً ليس العالم العربى وحده الذى يعانى من شح المياه وما يترتب عليه من نقص فى الغذاء،فقد أعلنت الأمم المتحدة أن نسبة نقص الغذاء على المستوى الدولى سترتفع إلى 70% بحلول عام 2050 مع تزايد عدد السكان المتوقع إلى 9,3 مليار نسمة بما يؤثر بشدة على نصيب الفرد من المياه العذبة التى تتناقص بنسبة 1% سنوياً وعلى جهود التنمية ومكافحة الفقر.وذكرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمياه فى مارس الماضى أن 40% من سكان العالم يعانون نقص المياه،وقالت منظمة الصحة العالمية إن 663 مليوناً منهم يعانون نقص المياه الصالحة للشرب ويموت 38 عاملاً كل ساعة للسبب نفسه.وتقول المنظمة الدولية للمياه إن 665 ألف شخص ماتوا فى الفترة بين 1990 و2000 وكذلك 290 ألفاً بين عامى 2000 و2006 وتضرَّر 1500 مليون من 2557 كارثة طبيعية سببها الجفاف والفيضانات والسيول والأعاصير بلغت خسائرها 422 مليار دولار حول العالم.