&&واصلت الصحف المصرية الصادرة أمس الأحد 5 يونيو/حزيران الاحتفال بتسلم مصر حاملة الطائرات التي تحظى بترحيب بالغ، لأن اقتناء مصر لها يؤكد حرص الرئيس على بناء الجيش بالشكل الذي يضمن لمصر مزيدا من الحماية.

وعلى الرغم من هذا الهدف الطموح، لكن معارضي السيسي يسألونه عن الخطر الذي يهدد مصر بالعطش والمتمثل في سد النهضة، وهل بات من الممكن أن نحسم بالسلاح ما لم نستطع حسمه مع أديس أبابا بالمفاوضات..

بعض معارضي الرئيس يخطون في نقده خطوة أبعد للأمام، مؤكدين له أن الهيبة لا تستمد فقط من اقتناء السلاح، وبناء الجيوش، بل في الأساس تقتنص بإرساء معايير الديمقراطية والحرية، ومنح الجماهير الحق في أن تمارس النقد والكلام، من دون أن تبطش بها يد الأمن الغليظة. قبل يومين أطل الرئيس على الشعب بحوار تلفزيوني اعتبره أنصار معسكر 30 يونيو أبدع مما كان، ودشنت القصائد في حكمة الرئيس وثقافته وحسن ردوده، فيما نجح المعارضون أن يطلقوا منصات صواريخهم صوب مؤسسة الرئاسة، مؤكدين أن الرئيس لم يقترب من الملفات الشائكة فهو لم يتحدث عن أزمة الحريات، مثل محاكمة نقيب الصحافيين والرئيس السابق لأهم جهاز رقابي. كما أن السيسي لم يتحدث عن أزمة سد النهضة وماذا سيفعل تجاهها.. وكذلك لم يتحدث عن حال المعتقلين، ولم يقدم حلولاً ولا وعوداً بشأن أزمة اشتعال أسعار السلع كافة..

وتوالت المعارك الصحافية أمس حول أزمة نقابة الصحافيين التي لازالت مرشحة للاحتدام على إثر تحويل النقيب يحيى قلاش واثنين من قياديي النقابة للمحاكمة. كما نال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق الذي يحاكم أيضا بتهمة نشر أخبار كاذبة مزيدا من التعاطف، خاصة بين كتاب الصحف المستقلة وإلى التفاصيل:&

توالي الأزمات&

هيبة السلاح لا تلخص وحدها قوة الدول، لكنها ضرورية لردع أي استخفاف بالمصالح الإستراتيجية العليا.. إن حصول الجيش المصري على أول حاملة طائرات مروحية في الشرق الأوسط، نقلة نوعية في مستويات التسليح تستحق كل احتفاء، بقدر ما ترفع من مستويات هيبة الدولة/ ويرى الكاتب عبد الله السناوي في «الشروق»: «أن الدول التي تخسر هيبتها تضيع مصالحها.. أمام أوضاع في الإقليم تنذر بنيران قد تطالها، فإن مصر بحاجة لتأكيد قوتها بردع السلاح.. وأمام أخطار ماثلة قد تعرضها لمجاعة مائية تذكر بـ«الشدة المستنصرية» فإنها بحاجة أخرى لإثبات جاهزيتها لأي احتمال.. ردع السلاح لا يعني استخدامه ووجوده يرادف هيبته في حسابات السياسة.. كل ذلك صحيح والتقليل من أهميته خطأ فادح، غير أنه لا يصلح وحده لتأكيد قدرتها على مواجهة أي أزمات وجودية.. في أوضاع «شبه دولة»، بتعبير الرئيس، يصعب الحديث عن هيبة مكتملة الأركان دعائمها راسخة في مجتمعها، وحاضرة بنظر إقليمها وقارتها وعالمها.. بكلام آخر فإن توالي الأزمات بمعدلات شبه يومية تنزع عن المجتمع ثقته في مستقبله.

ويؤكد السناوي على أن بعض الأزمات تعبير عن خلل فادح في الأداء العام، من دون أن تكون هناك أي خطة لإصلاح جهاز الدولة المهدم تقريبا، وبعضها الآخر انعكاس لضيق معلن بأي نقد ورأي خارج السياق الرسمي وتغول الأجهزة الأمنية على الحياة العامة واستبعاد أي توجه لإصلاح جهازي العدالة والأمن، وفق القيم الدستورية، وبعضها الثالث من جراء السياسات الاقتصادية التي تجور على الطبقة الوسطى والفئات الأكثر فقرا وتنذر بانفجارات محتملة.

ويصل الكاتب لنتيجة مفادها أنه عندما يضيق الحوار عن تحمل التنوع الطبيعي في المجتمع والحق في الاختلاف المكفول دستوريا، فإنه لا يستقيم ولا يستقر ولا يوفر هيبة لدولة تعترضها أزمات وجودية تكاد تدخل مرحلة الخطر الداهم ــ «سد النهضة» مثالا حيث يوشك أن يمتلئ خزانه بما يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بقسوة».&

السلطة تتحرش بالصحافة&

يخسر النظام قبل أي طرف آخر من المحاكمة التي بدأت لنقيب الصحافيين يحيى قلاش ومعه خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، بتهم الإيواء والتستر على زميلين قاما باللجوء لمقر النقابة. ومن المؤكد بحسب خالد داوود في «التحرير»: «أن الاتهامات ليس لها علاقة بالقانون، بل برغبة واضحة من النظام والأجهزة الأمنية في إسكات وترهيب كل الأصوات المعارضة والمستقلة، التي ظنت أن زمن التعامل مع المصريين على أنهم رعايا يجب عليهم قبول ما يأمر به السلطان قد ولى وانتهى، في أعقاب ثورتين شعبيتين أطاحتا برئيسين خلال ثلاثة أعوام فقط. كما أنها بحسب الكاتب رسالة واضحة للقائمين على النقابة، أن دورها كمنبر للدفاع عن حريات كل المصريين منذ زمن الرئيس المخلوع مبارك قد آن له أن ينتهي. فسلالم النقابة لم تكن فقط مساحة ضيقة مفتوحة، لمن يدافعون عن قضايا الحريات والديمقراطية، التي يحلو للرئيس السيسي أن يصفها بالمثالية والنظرية في ظل ظروف الحرب ضد الإرهاب، التي نخوضها منذ سنوات، ويرى أننا كمصريين ما زال أمامنا 25 أو 30 عامًا، لكي نتمتع بها كما هو الحال في الدول المتقدمة. ولكن هذه السلالم التي يبدو أنها باتت تسبب أرقًا بالغًا للنظام، كانت أيضا المكان الذي عبر من خلاله الآلاف من الموظفين عن رفضهم قانون الخدمة المدنية والعمال المعترضين على غلق مصانعهم وتشريدهم، أو للمطالبة بفرص عمل، أو للاعتراض على اتفاقية التنازل عن أراض مصرية بشكل مخالف للدستور. ويرى الكاتب أن النية مبيتة منذ اللحظة الأولى لإدانة النقيب وزميليه، قبل حتى أن يتم التحقيق معهم من قبل النائب العام، الذي لم يعبأ حتى بالاستماع إلى النقيب أو محامي النقابة».&

الشرفاء في السجون واللصوص في (…)&

«خمسة صحافيين بينهم النقيب واثنين من أركان مجلس النقابة وقاض كبير سابق تقلد رئاسة أهم جهاز رقابي على المال العام في مصر، وجدوا أنفسهم كما يشير طه خليفة في «المصريون» فجأة مطلوبين للتحقيق ليس في قضايا جنائية، فليس فيهم سارق ولا فاسد ولا تاجر مخدرات أو سلاح، ولا قاتل ولا داعية عنف أو متورط فيه، إنما بلاغات ذات طبيعة وخلفية سياسية، حتى لو كانت مواد الاتهام تستند إلى قانون العقوبات، وهم ليسوا في حالة عداء مع الدولة أو سلطة الحكم، فالمستشار جنينة كان أحد أركان هذه الدولة، وقادة الصحافيين الثلاثة ليسوا في خصومة مع مؤسسات الدولة، وحتى بدر والسقا كانا من ناشطي 30 يونيو/حزيران، التي صنعت السلطة الحالية، وعندما تقرأ الاتهامات الموجهة إليهم وعقوباتها تقلق جدا، لأن التطبيق الحرفي لتلك الاتهامات يقود إلى السجن، لكن لو وُضعت تلك الاتهامات في السياق العام الذي وُلدت من رحمه، وأُضيفت إليها خلفيات الأحداث التي قادت إلى بناء هذا السياق، ثم رؤية ذلك في إطار الحالة العامة في البلاد وتفاعلاتها، فإن التطبيق الأعمق للقانون أو روح النص القانوني لن يراها جرائم خطيرة تهدد الدولة والمجتمع، أو تنتهك القانون، بل أن الممارسات نفسها، كما يشير الكاتب في بيئات ومناخات سياسية أخرى قد لا يُلتفت إليها، والبلاغات نفسها ضد هؤلاء قد يتم حفظها، ليس الأمر في تلك البلاغات والقضايا تجاه هؤلاء الأشخاص فقط، هم مجرد عينة حديثة لحالات أخرى مشابهة انتهت إلى أن يبقى صاحبها في حبس احتياطي يتم تمديده حتى يتم التصرف بشأنه».&

الأمن يتربع كأولوية قصوى&

في منتصف شهر مايو/أيار افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي 30 مشروعا في مجالات الإسكان والتنمية العمرانية والطرق. ونشرت الصحف المصرية في المناسبة أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تنفذ في المرحلة الحالية 1500 مشروع، تم إنجاز 50٪ منها، بالإضافة إلى نحو 200 مشروع قومي في مجالات تنموية مختلفة. و«في أوائل مايو وفق ما يكشف فهمي هويدي في «الشروق» عرضت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تقريرها عن المسار الديمقراطي خلال شهر أبريل/نيسان الذي تضمن المعلومات التالية: على مدى الشهر تمت 187 فاعلية للقوى السياسية، تعرضت 116 فاعلية منها للاعتداء من جانب الأجهزة الأمنية ـ وقع 58 اعتداء متنوعا ضد حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية ـ عن شهر مايو ذكر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف في تقريره «أرشيف القهر» أنه وقعت 212 حالة قتل 11 وفاة في أماكن الاحتجاز ــ 103 حالات تعذيب وسوء معاملة ــ 93 حالة اختفاء قسري ــ 81 حالة ظهور بعد اختفاء. أما موقع «البداية» ــ فقد سجل خلال مايو 1258 حكما بالإعدام والحبس أصدرتها المحاكم العسكرية بحق المدنيين الذين كان أغلبهم من محافظات الصعيد. ويؤكد هويدي على أن المقارنة بين المشروعات والحريات تظل لصالح الأولى وخصما من الثانية، الأمر الذي يضعنا في خانة «التشاؤل» الذي أشرت إليه. الأهم من ذلك أن هذا التباين ليس مصادفة، ولكنه يعكس خللا في الرؤية الاستراتيجية يعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية ويرحل أولوية الحرية والديمقراطية. وقبل الاثنين يتربع الأمن كأولوية قصوى. إذا وسعنا الدائرة وتلفتنا حولنا فسنجد أن الحاصل مدرسة شعارها «كل وتدلل ولا تتكلم». وهي حالة عبر عنها الشاعر مريد البرغوثي في قصيدة قال فيها: في زماننا سمحوا بالركض للكل ــ ونادانا المنادي: أركضوا بالسرعة القصوى كما شئتم.. ولكن في القفص».&

تجاوزات الداخلية&

بعد أن مر على وجود السيسي في الرئاسة عامين يرى حسام مؤنس في «التحرير» أن السلطة تسوق لمعادلة من طرفين لإقناع المواطنين، وترهيب المعارضين، بأن الحريات والحقوق السياسية والمدنية مؤجلة، لأن الديمقراطية عملية طويلة تحتاج لزمن ووقت، في مقابل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. ومن ناحية أخرى، فإن الجانب الثاني لهذه المعادلة هي أن الاصطفاف والدعم والمساندة والتأييد في مواجهة المخاطر ضرورة وواجب وطني، ومن يخرج عنه إما يصبح خائنا أو ممولا أو حليفا للإخوان. ظلت هذه المعادلة مسيطرة لفترة طويلة، رغم كل ما جرى ويجري، لكنها لم تستطع الصمود لأكثر من ذلك، ليس فقط بسبب القمع والانتهاكات التي وصلت إلى من كانوا حلفاء أو مقربين حتى شهور قليلة ماضية، وإنما لأن حتى ما وعد به الشعب والمجتمع من مقابل لهذا المنهج القمعي لم تتبد له ملامح ولم تظهر له آثار، حتى إن لم ننكر أن مجهودا كبيرا يحدث بالفعل. كان واضحا على مدار الشهور الماضية، أن هناك ملامح لحراك ديمقراطي سياسي واجتماعي يتشكل، فقطاعات شبابية عديدة تتململ وتعرب عن غضبها من التضييق الواسع على الحريات، وقطاعات صحافية وإعلامية بدأت تخرج عن النسق المرسوم منذ ما بعد 30 يونيو/حزيران، وقطاعات نقابية بدأت تشكو وترفع صوتها في مواجهة تجاوزات الداخلية، وقطاعات حقوقية بدأت ترفض ما يجري معها ومع غيرها من تلفيق واتهامات، ومن شيوع المظالم، ثم قطاعات مجتمعية واسعة بدأت تئن من الغلاء، ولم تدرك السلطة أن الحل قد يكون في أن تستمع لغيرها، وبدلا من الحوار معها فضلت أن توغل أكثر فأكثر في فرض قبضتها الحديدية على الكل».&

حوار كالطعام المسلوق&

ونتحول نحو حوار الرئيس الذي أجراه معه الإعلامي أسامة كمال، حيث يرى محمد علي إبراهيم في «المصري اليوم»: «أن الحوار بدا بلا أي مفاجآت يشبه الطعام المسلوق: لم يكن معقولا أن يكون المحاور بحجم أسامة كمال، والضيف هو رئيس الجمهورية، ولا يسأله عن سد النهضة وتصريح د. محمد عبدالعاطي، وزير الري الحالي، بأنه يتوقع جفافا في نهاية 2017، بالإضافة لخروج السد العالي من الخدمة، بعد أربعة أعوام، وهو ما أجمع عليه وزيرا الري والكهرباء.. أغفل أسامة كمال أيضا أزمة الصحافيين مع وزير الداخلية التي كانت محط أنظار المصريين، سواء الذين أيدوا الصحافيين أو ناصبوهم العداء.. وتجاهل الإعلامي البارز أيضا قضية جوليو ريجيني وسحب السفير الإيطالي من مصر، التي مازالت التحقيقات مستمرة فيها.. الخروج من الرئيس بإجابات عن تلك الأسئلة كانت لتتصدر عناوين الصحف المصرية لأيام. كذلك لم يتطرق الرئيس إلى موضوع جزيرتي تيران وصنافير، التي تسببت في قبوع العشرات خلف القضبان لرفضهم الاتفاقية.. واكتفى بقوله إنها أمام البرلمان.. ولماذا لم تنجح الحكومة حتى الآن في إقناع عدد كبير من المواطنين بمصريتها، يتابع إبراهيم: أجاب الرئيس عن سؤال ارتفاع الأسعار بقوله إن المطلوب هو الوعي.. عفوا وعي من؟ هل الأسعار لا ترتفع؟ كيف سيفهم الفقير المعدم والجاهل تطورات البورصات العالمية وسلة العملات.. ببساطة ما هو الوعي المطلوب لإقناعي بأن ارتفاع أسعار الغذاء بأكثر من 40٪ طبيعي، بينما الطعام تنخفض أسعاره في معظم الدول باستثناء مصر، إذ تستنفد الأسرة المصرية دخلها بعد 5 أيام من بداية الشهر».&

كان متألقاً&

لكن كيف يرى أنصار الرئيس الحوار الذي بث قبل يومين، محمد أمين في «المصري اليوم» خير مثال: «هناك شبه إجماع على أن الرئيس كان في أفضل حالاته فقد كان واضحاً واثقاً مستوعباً لكل شيء.. هناك فرق كبير جداً بين حوار الأمس والحوارات السابقة للرئيس.. الرئيس نفسه مختلف هذه المرة.. دخل في «الفورمة».. ودخل في «المود».. وأصبح ملماً بكل الأشياء تقريباً.. هو نفسه قال إنه يدخل في التفاصيل.. ومن هنا ظهرت عليه أمارات الثقة والاطمئنان.. الإجابات حاضرة لأنه فاعل في كل الأشياء.. ليس متفرجاً ولا متلقياً للتقارير.. يشعرك بالمسؤولية، فلم تعد الرئاسة نوعاً من الوجاهة. هذه شهادة مهنية بالطبع، قبل الدخول في لب الموضوع.. وقد توقف الكاتب عند بعض المعاني التي تشكل وعي الرئيس، وعلاقته بمؤسسات الدولة.. منها مثلاً أن الدستور حاضر في الوعي الرئاسي، وحاضر في العقل الباطن للرجل الأول في مصر.. ولو شاء لكان له رأي في منظومة الإعلام، ولو شاء لكان قد تدخل في مناقشات مجلس النواب بشأن قانون الخدمة المدنية مثلاً، ولكنه لم يفعل فلا الرئيس يتدخل، ولا يغضب. يتابع أمين يعرف الرئيس أن المواطن يكتوي بنار الأسعار، ويعرف الرئيس أن الشباب لهم طلبات.. لكنه لا يبرر ذلك.. وإنما يقول شكاوى الناس «على دماغي».. لا يعني هذا أنه كلام دغدغة المشاعر في عامين فقط هزمنا المستحيل.. أعدنا بناء الدولة مرة أخرى.. نعم كانت «شبه دولة»، كما قال الرئيس شخصياً، لكن مصر نجحت في عامين في إضافة مشروعات اقتصادية كبرى، وأقامت المساكن ورصفت الطرق، وقامت بتسليح جيشها، بحيث تستعصي على السقوط والانهيار».&

هل يصدقه أحد؟&

لابد أن نسمع وجهة نظر مختلفة في الخطاب الرئاسي يجسدها محمود سلطان في «المصريون»: «لا أعرف ـ حتى الآن ـ معنى لإدلاء الرئيس بحوار لفضائية خاصة، أصولها المالية «ملطوطة»، ما اعتبر اختيارًا يتضارب وكلام السيسي عن مكافحة الفساد.. ولا ندري أيضًا، ما إذا كان هذا الاختيار، يعكس انحيازًا للفضائيات الخاصة أو «شهادة» بموت تلفزيون الدولة الرسمي.. لأنه من المستغرب، أن يدير الرئيس ظهره لماسبيرو، وييمم وجهه شطر فضائيات رجال الأعمال الطفيليين، ويعطيها بحواره معها صك أمان من المساءلة حال فتح ملف فساد البعض منهم. ومن الواضح أن خطابات الرئيس، لم تعد تغري أحدًا على أن يجلس أمام الشاشات ليسمعها.. إلا من يشاء التصيد، بعد أن تبين بالتواتر، أنه لا يمر خطاب رئاسي، إلا وتضمن ما يشجع على قضاء ساعات من «التسلية» على مواقع التواصل الاجتماعي. وبمضي الوقت، بات السؤال الأشهر يتعلق بشأن ما إذا كان الناس يحتاجون فعلاً إلى سماع الرئيس؟ أم باتوا يكتفون بقراءة الواقع، الذي ينقل الصورة على حقيقتها بلا حذف أو مونتاج؟ هل نحتاج إلى أن نسمع الرئيس بشأن ولعه بالشباب ـ مثلا ـ فيما يقبع في السجون 600 شاب بتهمة التظاهر؟ هل نحتاج إلى أن نسمع الرئيس، بشأن إنجازاته في ملف مكافحة الفساد.. فيما يحاكم هشام جنينة رئيس أرفع جهاز رقابي في مصر، لأنه كشف بالأرقام الفساد في مؤسسات الدولة؟».&

ليس شعبولا&

يستغل محمود الكردوسي في «الوطن» ما حدث عند إذاعة خطاب الرئيس ليهاجم قيادات ماسبيرو، بسبب الأخطاء التي ترتكبها للمرة الثانية.. «يخطئ تلفزيون مصر في حق رئيس مصر في خطاب على الهواء، وفي حوار مسجل، وفي المرتين فتش عن صفاء حجازى، رئيسة قطاع أخبار في الأولى ورئيسة اتحاد في الثانية. الحاجة صفصف تحتفظ في درج مكتبها بإجابة مهينة لذكائنا: «عطل فني.. وسنحاسب المخطئ».. كأن الذي أخطأت في حقه شعبان عبدالرحيم وليس رئيس مصر!. الحاجة صفصافة «إدارية فاشلة».. آخرها «قارئة نشرة»، لكن شراهتها للمناصب جعلتها تعوض فشلها بـ«جوقة خدم»، والإيحاء بأنها «مسنودة» من نافذين في الحكومة و«الأجهزة»، ولم يمنعها ذلك من «النفسنة» و«تسليم أذنها» لمغرضين. وفى غضون حروبها الصغيرة.. تركت قطاع الأخبار «خرابة»، ولم تقل حتى الآن: هتعمل إيه في الإخوان والثورجية اللي سمموا ماسبيرو».&

الإنجازات لا ننكرها&

ونبقى مع الحوار ذاته، حيث يرى جمال عيد في «التحرير»: «أنه من حق الرئيس أن يتحدث عن الإنجازات وهذا شيء جيد، بعد مرور عامين على توليه السلطة في مصر، وقد كان شخصًا فاعلاً في العام الأول قبل العامين، فقد كان مساعدًا لرئيس الوزراء ولكن من المفروض أن هذا حوار وليس بيان إنجازات، وأعتقد أن أسامة كمال ارتكب خطأً مهنيا، ربما ذكرني هذا بما فعله عماد أديب مع الرئيس مبارك، عندما سجل معه ثلاث حلقات، وتم الترويج لها بشكل كبير، ولكي يجذب نسبة مشاهدة كبيرة تم الإعلان عن مفاجأة سيفجرها الرئيس، واستمع المصريون بشوق على مدار ثلاث حلقات، وفي النهاية كانت خدعة، وهو كان طبعا حوارا دعائيا، ولكني أعتقد أن عماد أديب كان أكثر ذكاءً، في صناعة الدعاية للرئيس السابق، وكان الإخراج مختلفًا بالطبع، يمكنكم العودة إلى حوار أديب مع مبارك، وكان على أسامة المذيع اللامع، أن يستغل الفرصة، ويطرح أسئلة مهمة، يحتاج الشعب المصري إلى إجابات عنها، حتى لو كانت إجابات دبلوماسية، ولكن كان من الضروري أن تسأل بشكل مباشر، سؤالا عن جنينة، سؤالا عن نقابة الصحافيين ونقيبها، سؤالا عن الجزر، كما كانت الإجابة دبلوماسية عن الشباب المحبوس وإجابة الرئيس بأن 90٪ جنائيا، وأنه راجع الأسماء ثلاث مرات والرابعة في الطريق. ويرى الكاتب أنه من المؤكد أن آخرين جلسوا مع أسامة لمراجعة الأسئلة، وأكدوا حذف أسئلة معينة، لأنه من المستحيل أن يكون أسامة قد خانه ذكاؤه، وحذف بكامل إرادته أسئلة مهمة، كانت ستعطي لحلقته أهمية قصوى».&

حرب لا هوادة فيها&

خلال أقل من شهر سقط أكثر من خمسة عشر مسؤولا كبيرا في مواقع ومناصب مختلفة، ربما كان أبرزهم مستشار وزير الصحة، الذي سقط بـ4.5 مليون في عملية واحدة، في مستشفى واحد قدرت قيمتها بـ28 مليون جنيه، ولو تخيلنا مع أكرم القصاص في «اليوم السابع»: «أن هذا المسؤول استمر لعام واحد، وفى يده مفاتيح الصفقات، ربما كان قد وصل إلى المئة مليون وزيادة، ومن بين الحالات التي سقطت بالرشوة ما يقرب من عشرة رؤساء أحياء، تتنوع بين الشعبية والمتوسطة والراقية، من روض الفرج للتجمع الخامس. ومن اللافت للنظر أنه رغم سقوط مرتشين ومعروف أغلبهم أنهم تحت أعين الرقابة، فإنهم يجدون الجرأة لتلقي الرشوة وطلبها والتفاوض بشأنها، أي أنهم لا يتعلمون أو أنهم لا يضعون القانون في اعتبارهم، بل إنهم يتكاثرون. نحن هنا أمام مناصب تتيح لأصحابها فرص رشوة بالملايين، وربما لهذا نرى مخالفات البناء مستمرة، وفي كل حي يمكن التعرف على حركة الرشوة والفساد من حجم المخالفات والأبراج المخالفة التي تتحدى الجميع، ولا تزال المحليات هي المصدر الرئيسي للفساد والرشوة وكل الموبقات، وهو أمر تعرفه الأجهزة الرقابية. ويشير القصاص إلى أننا نتحدث عن فاسدين كبار من فئة مئات الآلاف والملايين، وهناك فئة أخرى بالآلاف وربما بالمئات، ولكل نوع من الفساد ثمن وشكل. بالطبع فإن تساقط المرتشين على أيدى أجهزة الرقابة أمر إيجابي، لكن من الصعب في ظل هذه المنظومة المعقدة أن تتساقط كل حالات الفساد والرشوة، و ما يتم ضبطه عادة يتراوح بين 10٪ إلى 20٪، فقط».&

عندما يحسدنا الآخرون&

لنا وطن يحتوينا ولا يحس بقيمة ذلك إلا الذين ضاعت أوطانهم..هكذا يلفت كرم جبر الأنظار في «اليوم السابع»: «لما حبا الله به المصريين من نعم نتشاجر حول مساحات الحرية والديمقراطية، وغيرنا تبتلعه الأمواج في الليل الرهيب.. نختلف أو نتفق بشأن إنجازات الرئيس، ومن حولنا شعوب تحصد المتفجرات أرواحهم وممتلكاتهم.. الشوارع مضيئة والمساجد عامرة، وأجراس الكنائس تعانق صوت الأذان.. وفي المساء والسهرة تنطلق مدفعية التوك شو، ورغم انفلاتها وقسوتها، إلا أنها شاهد إثبات على أنه لنا وطن، يحسدنا عليه الذين ضاعت أوطانهم. عادت الدولة التي تآمروا لتفكيكها في 30 يونيو/حزيران، يحميها جيش وطني عاهد الله أن يكون دائما في صف الشعب.. جيش من أبناء العمال والفلاحين والموظفين وكل فئات المجتمع، ليس فيه فرق ولا شيع ولا أحزاب، ولا يقسم بالولاء إلا لمصر، ولا يرفع راية إلا علمها، فكان صمام الأمن والأمان».&

مطلوب مرشح&

أكد الدكتور محمد نور فرحات – أستاذ تاريخ وفلسفة القانون أن القوى المدنية المصرية خذلت الشعب عدة مرات في عدة مواضع، مطالبا إياها بتصحيح هذا الخذلان والتوافق على مرشح رئاسي للمشاركة في الانتخابات المقبلة. ووفقا لـ«المصريون»، قال فرحات: «القوى المدنية خذلت مواطنيها عدة مرات عندما تحالفت مع مرسي في لقاء فيرمونت (وعصرت الليمون)، وعندما قاطعت الاستفتاء على دستور الإخوان وكان يمكنها بقليل من الجهد والتنسيق أن تسقطه، وعندما أبى مرشحوها التنسيق في ما بينهم في الانتخابات الرئاسية الأولى، ولو كان قد تحالف المرشحون المدنيون لحسمت المعركة، وعندما طالبت بتعديل خريطة الطريق بأن تكون الانتخابات الرئاسية أولا، وعندما تخلى ممثلوها في الجمعية التأسيسية الثانية عن حسم النظام الانتخابي في الدستور وتركوا الأمر لتشريع رئاسي في سابقة تاريخية، أن تحدد السلطة التنفيذية شكل السلطة التشريعية التي تراقبها وكانت هذه هي النتيجة، بحسب رأيه. وأضاف: «الآن هناك واجب تاريخي على القوى المدنية نرجو ألا تخذل المصريين فيه هذه المرة، أن تبدأ في الاستعداد بمرشح واحد توافقي للانتخابات الرئاسية التي قاربت.. ولا أظن أنها فاعلة، بحسب قوله».&

جائزة لإسقاط مصر&

إلى الثناء على الرئيس الذي ينتشر في معظم الصحف القومية والمصرية، ومن بينها «الأهرام»، حيث تبث سكينة فؤاد مشاعر الحب والفرح: «شعب وقائد ملحمة عظيمة عاشتها مصر في عامين، يراها ويدركها ويحسها كل صاحب ضمير ومصداقية.. ملحمة عظيمة من أهم الشهادات عليها الحروب الضروس والسعار المجنون للكارهين والحاقدين.. والمليارات التي تدفع لتحقيق الجائزة الكبرى لإسقاط مصر وعقاب شعب وجيش وقائد أفشلوا في 30/6 و 3/7 في استكمال المخطط الاستعماري الأمريكي الصهيوني، الذي كان ينفذ بالوكالة بأيدى جماعة الاخوان التي كان إنهاء حكمها لمصر معجزة من الله، وانتصارا لإرادة شعب ودعم جيش عظيم واستجابة قائد.. وليتم تحرير مصر وتمضي المسيرة محققة إنجازات بعضها أقرب للمعجزات. لا يعني هذا التمام والكمال فكيف بعد جراحة كبرى لاستئصال ورم من أخطر الأورام في تاريخ مصر يكون الشفاء عاجلا، ولا تعقبه سلسلة طويلة من الآلام وصراع مع قوى ماض تريد أن تعود إلى الحياة وتعيد استنساخ آثامها وجرائمها، التي ارتكبتها بحق كرامة وحقوق هذا الشعب، وقوى مالية توحشت بعد طول ما أخذت خارج أطر الحق والقانون وتستكثر رد بعض ما سلبت ونهبت وملفات كثيرة تنتظر مراجعات عاجلة وعادلة مثل ملف الشباب، وألا تكون الحرب علي الإرهاب مدفوعة من الحريات وحقوق الإنسان تطبيقا لدستور 2014 والمحاولات المستميتة للجماعة ومراوحات الاتجار بالدم والتحايل والمخادعة والاستعانة بالخارج وبالمليارات، لتعود إلي المشهد السياسي، وأوهام التفرقة بين الدعوي والسياسي! وكأن المصريين لم يعطوا الجماعة شرف حكم مصر ويدركوا خلال أقل من عام واحد أنهم ووطنهم وهويتهم وتاريخهم علي وشك الضياع».&

متعة ناقصة&

صار أسلوب غزوة الإعلانات للبرامج أو الدراما في القنوات الفضائية المصرية شيئا لا يقبله منطق ولا عقل، وينم عن عدم احترام للمشاهد، كما تشير إيناس نور في «الأهرام»: «إذ تطارده بضراوة فواصل الإعلانات التي تتحكم في رسم خريطة المعروض من فقرات، وأصبح الوضع كأن القنوات قد افتتحت للإعلانات لتتخللها أحيانا فقرات من برامج أو دراما وغيره. لابد من وقفة حاسمة وإعادة النظر في ما يسمح به القائمون على تلك القنوات من انتهاك لعقولنا ونفوسنا بالإعلانات، فهى تخرج المرء عن شعوره، ليقسم أنه سيقاطع ذلك المنتج الذي يطارده ويسرق وقته من دون مبرر. توحش المساحة الإعلانية يصيبنا بالغضب من تلك المنتجات، فما نشاهده الآن سيتكرر ويلاحقنا بعد خمس دقائق مجددا، ويكون أمامنا إما: أن ننتقل لقناة أخرى، أو نقوم لأداء بعض الأشياء ونعود مجددا بعد انقضاء الهجوم الإعلاني الغاشم، أو نقرر مقاطعة المشاهدة تماما، ويكون في ذلك خلاص المشاهد التعبان من الضغط العصبي الذي تسببه غزوة الإعلانات. وتؤكد الكاتبة أن التلفزيونات ذات المكانة الرفيعة لا تقتحم إعلاناتها عيون المشاهدين ولا تهدر وقتهم في متابعة برنامج أو دراما مدتها نصف ساعة لتتمدد إلى ساعتين بسبب الإعلانات».&

دراما تكشف ضعفنا&

ونبقى مع «الأهرام» وعلى القرب من الموضوع نفسه، إذ يرى وحيد عبد المجيد، أنه لا شيء يتغير في عالم الدراما الرمضانية إلا المستوى الذي ينخفض من عام إلى آخر في الفترة الماضية، ولا يحتاج إدراك ذلك إلى تخصص في النقد الفني. فهو واضح بما يكفى حتى في اللغة الدرامية التي بدت في بعض مسلسلات العام الماضي عاجزة عن نقل المعنى والتعبير عنه. وليس هذا غريباً بعد أن تراجعت قوتنا الناعمة ضمن حالة التجريف التي تتعرض لها منذ عقود. ورغم أن افتقاد هذه القوة ظاهر في مختلف مجالات الثقافة والفنون والآداب إلا القليل منها، يظل شهر رمضان كاشفاً لمدى الضعف الذي وصلنا إليه بسبب كثافة الأعمال الدرامية التي تُعرض فيه. ومع ذلك، فما أن ينتهى عرض عشرات المسلسلات خلاله، حتى يبدأ الإعداد لغيرها لكي تُعرض في العام التالي، ورغم كل الصعوبات الاقتصادية التي تواجه صناعة الدراما وتسهم في تراجعها تواصل معظم الشركات المنتجة استسلامها لجشع من يُعدون نجوماً جاذبين للأرباح، وإصرارهم على أجور خيالية في مسلسلات لا تقدم قيمة مضافة تساوي قدراً يسيراً من المبالغ التي يتقاضونها».

&