&ألبرت هانت

لم يتعافَ الأميركيون بعد من صدمة أورلاندو التي قُتل فيها 49 شخصاً في ناد ليلي للمثليين. ولأن القاتل المختل كان مسلماً، فقد أثار الهجوم تخوفات من أن تكون ثقافة الإرهاب قد أخذت تجتاح البلاد، ما جعل بعض الأصوات تتعالى مطالبةً بعمل شيء ما ضد الإسلام والمسلمين. والحال أنه قبل عام تقريباً، أقدم «دايلان روف»، وهو من النازيين الجدد، على قتل تسعة أشخاص، من بينهم قس وعضو في مجلس شيوخ الولاية، في إحدى كنائس تشارلستون، بكارولاينا الجنوبية. وقد وُصف «روف» بأنه عنصري وذئب منفرد.

الدعوات إلى حظر دخول المسلمين، ومراقبة أكبر للمساجد، بل وحتى إنشاء لجنة جديدة تابعة لمجلس النواب لـ «الأنشطة المنافية للقيم الأميركية» تركز على المتطرفين، كلها أمور تدفع إلى سؤالين ملحين: هل يمثل الأميركيون المسلمون تهديداً خطيراً؟ وهل يمكن القيام بأشياء أكثر من أجل منع حدوث مثل هذه الهجمات؟ الجواب عن السؤالين هو لا، كما أن معظم الأميركيين ما كانوا ليوافقوا على ذلك.

عمليتا إطلاق النار في سان برناردينو بكاليفورنيا العام الماضي، وفي أورلاندو في 12 يونيو، كانتا فظيعتين من دون شك، يقول ريتشارد كلارك، المكلف بمحاربة الإرهاب في إدارتي بيل كلينتون وجورج دبليو. بوش. غير أن مثل هذه الأحداث «نادرة»، يقول كلارك. «ففي كل فترة إدارة أوباما، كانت هناك ستة حوادث شارك فيها ثمانية أشخاص».

ثم إنه قبل أورلاندو، فإن عدد الأميركيين الذين قُتلوا منذ 11 سبتمبر من قبل إرهابيين قوميين بيض في الولايات المتحدة أكبر من عدد من قُتلوا من قبل مسلمين.

ومن جانبه، يقول روبرت ماكينزي، وهو خبير في العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي في مؤسسة بروكينجز، إن الولايات المتحدة أعادت توطين نحو 800 ألف لاجئ خلال الـ15 عاماً الماضية، خمسة منهم فقط تم توقيفهم بتهم تتعلق بالإرهاب.

إلى ذلك، يزعم المنتقدون أن المسلمين لا يندمجون في المجتمع. وهذا ليس صحيحاً في معظم المناطق في أميركا، حيث تشير دراسات قام بها «معهد السياسة والتفاهم الاجتماعيين» و«مركز بيو للأبحاث» إلى أن مواقف المسلمين الأميركيين بشأن البلاد والمجتمع مماثلة لمواقف أتباع ديانات أخرى. كما وجد استطلاع لـ«بيو» أجري قبل بضع سنوات أن المسلمين، أكثر من 3 إلى واحد، يفضلون تبني العادات الأميركية بدلاً من الحفاظ على هوياتهم المختلفة.

ويلفت ماكينزي إلى أن وسائل الإعلام قلما تنتبه إلى انخراط المسلمين في الأعمال التطوعية المدنية. وعلى سبيل المثال، فعندما تبين أن إمدادات الماء في فلينت، ميشيغان، كانت ملوثة، عمل مسلمو الولاية مع أتباع ديانات أخرى من أجل مساعدة المواطنين في وقت فشل فيه المسؤولون المحليون ومسؤولو الولاية.

صحيح أن ثمة بعض الأمور المثيرة للجدل، ومن ذلك مثلاً أن حفنة صغيرة من المناطق التي توجد فيها تركزات للسكان المسلمين سعت إلى تبني الشريعة، وهو أمر كان سيجده معظم الأميركيين مسيئاً، بمن فيهم كثير من المسلمين أنفسهم. كما أن ثمة عدداً صغيراً من الأئمة المتشددين والشباب الهش يسهل التأثير عليه من خلال بروباجندا «داعش»، خاصة أن التنظيم المتوحش أبان عن فهم متطور لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث ينشر أكثر من 90 ألف رسالة يومياً بلغات مختلفة، بما فيها العبرية (وإنْ كان الهدف من ذلك ليس هو جذب واستقطاب مجندين يهود وإنما إعطاء الانطباع بالقوة).