&فاتح عبد السلام

السياسيون‭ ‬في‭ ‬السلطات‭ ‬والحكومات‭ ‬والجمهوريات‭ ‬والملكيات‭ ‬والمشيخات‭ ‬يتنفسون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإعلام‭ ‬،‭ ‬ومَن‭ ‬تغب‭ ‬صوره‭ ‬أو‭ ‬أخباره‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬المرئية‭ ‬المقروءة‭ ‬أو‭ ‬المسموعة‭ ‬،‭ ‬يبدأ‭ ‬جمهوره‭ ‬بالانحسار‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬سياسياً‭ ‬يعمل‭ ‬غير‭ ‬عابيء‭ ‬بالاعلام‭ ‬منكباً‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬لذات‭ ‬العمل‭ ‬وليس‭ ‬لتصديره‭ ‬للإعلام‭ . ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬خفة‭ ‬وزن‭ ‬آلاف‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬وهروعهم‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬الى‭ ‬الإعلام‭ ‬لتأثيث‭ ‬منازل‮ ‬‭ ‬منجزاتهم‭ ‬الخاوية‭. ‬قليل‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬يفكرون‭ ‬كيف‭ ‬يعيش‭ ‬هذا‭ ‬الصحافي‭ ‬الذي‭ ‬ينقل‭ ‬أخبار‭ ‬نجوم‭ ‬السياة‭ ‬ويعتني‭ ‬بها‭ ‬ويجلب‭ ‬بها‭ ‬لهم‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭ ‬أو‭ ‬تصفيق‭ ‬المتحمسين‭ ‬أو‭ ‬ركض‭ ‬التعساء‭ ‬المتعبين‭ ‬المخدوعين‭ ‬وراء‭ ‬مواكبهم‭ ‬حين‭ ‬تمر‭ ‬،لعل‭ ‬عظمة‭ ‬فتات‭ ‬تسقط‭ ‬منها‭ ‬سهواً‭ ‬أو‭ ‬عمداً‭. ‬والسياسي‭ ‬الذي‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬باله‭ ‬ظرف‭ ‬الصحافي‭ ‬يفكر‭ ‬بشرائه‭ ‬لأغراض‭ ‬التلميع‭ ‬وفي‭ ‬أسوأ‭ ‬الحال‭ ‬تحييده‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحقيقة‭. ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬ينم‭ ‬إعلام‭ ‬صحيح‭ ‬إلا‭ ‬نادراً‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬وتحت‭ ‬ظروف‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستمرة‭.‬

ماذا‭ ‬يحتاج‭ ‬الصحافي‭ ‬العربي‭ ‬ليعيش‭ ‬ويؤدي‭ ‬دوره‭ ‬؟‭ ‬

إنها‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬أساسية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتفرع‭ ‬عنها‭ ‬تفاصيل‭ ‬كثيرة‮ ‬:

أولاها،‭ ‬أن‭ ‬تكفل‭ ‬حقوقه‭ ‬القوانين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬المشرف‭ ‬للدخل‭ ‬والتقاعد‭ ‬والتأمينات‭ ‬المختلفة‭ ‬الصحية‭ ‬والمدرسية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬الدولة‭ ‬الشرعية‭ ‬وليس‭ ‬الحكومات‭ ‬المزاجية‭ ‬المنحازة‭.‬‮ ‬

وثانياً،أن‭ ‬تحرم‭ ‬ملاحقته‭ ‬بجريرة‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬ينقلها‭ ‬كونها‭ ‬لا‭ ‬تعجب‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬المعارضة،‭ ‬ولا‭ ‬يعامل‭ ‬بسببها‭ ‬كمتهم‭ ‬وأحياناً‭ ‬كمجرم‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬العراق‭ ‬يصفى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬قتله‭ ‬أصلاً‭.‬

فالصحفي‭ ‬أجدر‭ ‬من‭ ‬البرلماني‭ ‬أو‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بالحصانة‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬بلده‭ . ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نخشى‭ ‬من‭ ‬طفيليات‭ ‬المهنة‭ ‬فهي‭ ‬لن‭ ‬تصمد‭ ‬ولن‭ ‬يلتفت‭ ‬اليها‭ ‬أحد‭ ‬وتتلاشى‭ ‬مع‭ ‬رسوخ‭ ‬الطبقة‭ ‬الاعلامية‭ ‬المهنية‭ ‬المحترفة‭ ‬والمسؤولة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لأهواء‭ ‬الأحزاب‭ ‬والشخصيات‭. ‬

ثالثاً،‭ ‬أن‭ ‬يكفل‭ ‬القانون‭ ‬حرية‭ ‬وصول‭ ‬الصحفي‭ ‬على‭ ‬وفق‭ ‬ضوابط‭ ‬واضحة‭ ‬وشفافة‭ ‬الى‭ ‬مصادر‭ ‬المعلومات‭ ‬من‮ ‬‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬يترك‭ ‬تقدير‭ ‬نشر‭ ‬المعلومات‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬مفيدةً‭ ‬أو‭ ‬مضرةً‭ ‬لوعي‭ ‬الصحفي‭ ‬ومسؤولية‭ ‬الجهاز‭ ‬الاعلامي‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭ ‬وعلاقة‭ ‬الجميع‭ ‬مع‭ ‬القوانين‭ ‬السائدة‭ ‬وحقوق‭ ‬الناس‭ ‬التي‭ ‬يكفلها‭ ‬القضاء‭.‬