&محمد المسعودي&

وعندما لم تكن نشأتها برجوازية، بل هوية مختلفة منذ نعومة أطرافها، وبمبدأ مبكر، قررت في ليلة بيضاء لاهجة بدعاء والدتها، أن تشد رحالها إلى حلم بدا لامعاً ومغرياً، فانطلقت في رحلة من صياغة الذات وصناعة الوعي الخاص اللتين بدأتهما "أمل عبدالرحيم نمنقاني" متحفزةً وبجدارة نحو امتلاك المعرفة وصناعة السعادة معاً!.&

بدأت خريجة ماجستير نظم المعلومات الطبية والادارية من جامعة بيتسبرغ بأميركا رحلتها باكتشاف قدرات خفية تتمتع بها، فكان فضول سبر المجتمعات والثقافات عن قرب هو بداياتها ومحركها الرئيس لفهمٍ أكبر، ورسالة تمنح مساحات أفضل لتقدم فيها الإسلام والوطن بشكل قيّم وواعٍ لافت.. ما أكسب انطلاقة عملها المباشرة في الأنشطة الطلابية متعة مختلفة مع كل نشاط مختلف تتجلى فيه نحو الأوطان والإنسانية والسعادة معاً!.

&ولأن "أمل" تؤمن بأن المرأة حقاً "أمة بأكملها"، جعلها تخوض بها مسيرة زاهية تستحقها؛ فكانت أول طالبة تطالب بضم الطالبات لرئاسة الأندية السعودية، ألحقته بمقترحٍ لإنشاء لجنة استشارية للأندية الطلابية في أميركا للملحقية الثقافية، فأقرت أفكارها وأصبحت عضوة فيها ومتابعة لها، حتى أهّلها طموحها وخبرتها في تأسيس ناديي جامعة روبرت موريس، وجامعة بوينت بارك، ومع تماهٍ في الهدف انطلقت بعدة محاضرات قدمتها ضمن برنامج قرى العالم عن "دور المرأة السعودية في عجلة التطور" في جامعة جرينزبج، وأخرى في الملتقى السعودي في مدينة فورت كولينز، وثالثة عن "تكريم المرأة في الإسلام" في المركز الإسلامي في بتسبرغ، وأخريات في تعاون مستمر ومثمر مع منظمي حقوق المرأة في جامعة بتسبرغ.&

ولفخر "أمل" بوطنيتها جاهدت لتكون عنواناً حيّاً له وواقعاً لإسلامها في كل مناحي حياتها، فكانت متحدثة رئيسة في اليوم المفتوح في المركز الإسلامي في بيتسبرغ لتعريف المجتمع الاميركي بالإسلام، مع حضور لم ينقطع سبع سنين عن "الأيام السعودية" في بتسبرغ كمنظمة ومتحدثة بالأمثل عن وطنها ودينها في نوادي جامعات بتسبرغ، وبورتلاند، وجورج ميسون، ودوكين، ومتحدثة رئيسة في عدة مؤتمرات في جامعات بتسبرغ، وشاتهام، وكنساس منهاتن، وتعاون مشرّف مع مجلس الشؤون العالمية في بتسبرغ في برنامج المدارس للتعرف على العالم، مع مشاركات لافتة وقيمة في حوار الأديان في كنيسة بيسكابيلون "شادي سايد"، وكنيسة الحي الشمالي، فكان المنعطف من التقدير، والنتاج ترجمةً لتجاربها المضيئة؛ ثقةَ جامعة "بتسبرغ" بتتويجها سفيراً دوليّاً للجامعة.

&وفي ثقافة تتسم بالجانب الإنساني مع رصيد لا ينفد من القيم والمبادئ في مسيرتها الحالمة بالسعادة ركزت "تطوعاً" على مشاركات دورية مع المركز الإسلامي في يوم إطعام من لا منزل لهم "Homeless day"، ولم تفوّت الحضور المعطاء والمشاركات النبيلة في الأيام العالمية المرتبطة بتكاملية الإنسانية كأيام التوعية بأخطار الإيدز، والأطفال العالمي، والتضامن مع ضحايا جامعة فيرجينا تك، وخبز الفطيرة للإنسانية، والاحتفالات الخيرية لمرضى السرطان، ومشروعات تطوعية متنوعة بأملها وشغفها، لتتوجها بتأسيس مجموعة "يد الأمل" لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الطلبة في أميركا، حظيت منه مؤخراً على شكر من السفير الأميركي في الرياض لما قدمته من خدمات إنسانية للطلبة ذوي الاعاقة بين السعودية وأميركا.

&وعلى نحو علاقة إنسانية باذخة، شكّلت فيها "أمل" ملحمةً أنيقةً وثمرةً يانعة لبرنامج الابتعاث من خلال حملة "وطننا واحد" تأكيداً على تلاحم الطلبة السعوديين، مرتبطاً به هدفاً ورسالة مع استشارات تطوعية لموقع "سعوديين في اميركا" المعروف، أما عودتها الأنيقة لوطنها فقد شحنت نفسها بطاقة هائلة مع مجموعة من المبتعثين المتميزين بخدمة المبتعثين الجدد لرسم خارطة طريق متكاملة لهم من خلال برنامج "أجيال من أجل أجيال"، أما دعمها لأبناء وطنها فمستمر مع حلمها والذي لم يزل من خلال مساعدتهم ودعمهم أكاديمياً وثقافياً واجتماعياً عندما تتلقى العديد من الايميلات منهم لطلب المشورة والعون المحمود حتى اليوم.. أما ختام رحلتها الزاهية ومحطاتها المتنوعة، كالأبطال وأصحاب القمم.. وبجدارة مستحقة بامتياز منحها "جائزة القيادات الطلابية" بأميركا تقديراً واحتفاءً من الملحقية الثقافية السعودية بأميركا.

&تختم مستشار القطاع الصحي بجنرال اليكتريك السعودية عن حلمها: "تعلمت العطاء من والدي –يرحمه الله- المعروف لدى الجميع وخصوصاً الأطفال بلقب "سيدي حلاوة"، حيث شمل عطاؤه الكثير بما فيها الحلوى ولكل الأعمار.. فبت "أحلم" دائماً أن أخطو خطاه فانثر الفرح أينما كنت وبأي طريقة استطيع بها لأخفف من كرب أو معاناة شخص.. قد تكون المهمة ليست سهلة؛ فمن دون أن يكون حلمنا جميعا التساوي في فرص السعادة؛ فلن يتحقق الحلم إلا بتحقيق قوله صلى الله عليه وسلم "المسلم& للمسلم كالجسد الواحد"، قد نتباين في قدراتنا وأشكالنا وأجناسنا ولكن يبقى بحثنا عن السعادة هدفا لنا..

&أما حلمي الأبدي في حلي وترحالي فهو أن اكون سفيرة وطنيّة للسعادة".