شملان يوسف العيسى

طالب المبعوث الأممي مارتن كوبلر جميع الفرقاء في ليبيا بالالتزام بقرار مجلس الأمن 2259، كإطار وحيد لتسوية الأزمة الحالية في ليبيا، وأكد المبعوث الدولي على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وتسوية الوضع الحالي، كما أعرب عن التزامه القوي بدور المساعي الحميدة الذي يقوم به، والعمل مع جميع الأطراف بغية تحقيق الغاية المنشودة، ألا وهي: ليبيا موحدة تنعم بالسلام والازدهار من خلال الحوار.

السؤال: لماذا لا يزال الشعب الليبي منشًقا على نفسه، ويقاتلون بعضهم بعًضا على الرغم من مرور خمس سنوات على سقوط نظام العقيد القذافي عام 2011؟ لماذا الخلاف بين المشير خليفة حفتر، الذي يقود الجيش الوطني الليبي الذي يتخذ من المنطقة الشرقية مقرا له، وحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فايز السراج المدعوم من الأمم المتحدة والدول الغربية؟ لقد حاول المبعوث الدولي التوفيق بين الطرفين في الأسبوع الماضي، في القاهرة، لكن محاولاته باءت بالفشل.

لماذا فشلت كل المحاولات لتحقيق المصالحة الوطنية بين الإخوة المتخاصمين في ليبيا؟. المصالحة الوطنية حتى تحقق الهدف الرئيسي منها تتطلب نيات حسنة، واستعداد الأطراف المتنازعة للدخول فيها، وتقديم التنازلات والتضحيات من أجل إنجاحها، بعمل وطني شامل يتجاوز سلبيات الحروب وتصفية الحسابات السابقة.. نجاح المصالحة يتطلب الخروج بصيغة لا غالب ولا مغلوب، فلا يمكن تحقيق المصالحة من خلال فرض الأمر الواقع بقوة السلاح.

على الإخوة المتخاصمين في ليبيا الابتعاد عن التأثيرات الخارجية الغربية، لأن هذه الدول لعبت دوًرا كبيًرا في شق الصفوف بين أبناء البلد الواحد، فالدول العظمى ما يهمها هو تحقيق مصالحها بالهيمنة على النفط، وهم لا يكترثون بمصلحة الشعب الليبي، لذلك على النخبة السياسية في ليبيا مراعاة وحدتهم ومصالح بلدهم.

وتفشي ثقافة الاستبداد والإقصاء في عهد القذافي لا يزال موجودا، رغم سقوط الطاغية. فسقوط النظام السابق فتح المجال لبروز طموحات فردية مغامرة، وقوى سياسية وميليشيات دينية مأدلجة، كلها تسعى للوصول إلى السلطة، وإقصاء الآخر، ولم يستفيدوا من تجربة الطاغية الفاشلة.

تفتقر ليبيا بعد سقوط النظام السابق إلى مؤسسات مجتمع مدني حديثة، يمكن أن تقود البلد في هذه المرحلة. فغياب دولة المؤسسات الراسخة نرى آثارها بعد سقوط النظام التعسفي، إذ انقسم المجتمع الليبي على نفسه، وأصبحت كل جماعة تبحث عن مصالحها الضيقة، من خلال الانتماء القبلي أو الديني، بعيًدا عن مصلحة الوطن.. هل يمكن تحقيق المصالحة والوفاق في ظل هذه الأجواء السياسية المتخلفة؟!