سمير عطا الله

في لبنان قانون قديم سمي «قانون الملوك والرؤساء» صدر أيام الرئيس إلياس سركيس، وكان الهدف منه، حماية لبنان من الضرر الذي يتعرض له بسبب الحملات الصحافية ضد الدول التي للصحف خلافات معها. وكانت الصحف قد لعبت دوراً، عن قناعة أو «إقناع»، في إشعال الحرب الأهلية، ثم تسخينها، ثم نشر حرائقها.


اعترض كثيرون على القانون بداعي أنه تقييد للحريات. ورأيت فيه ضبطاً لسوء السلوك، وحرصاً على آداب المهنة. لكن بعض الصحافيين، الذين خافوا التعرض للرؤساء العرب لأسباب شتّى؛ بينها الاغتيالات، التي تخاف الدولة التحقيق فيها، أخذوا حريتهم في مهاجمة الرؤساء الأجانب باعتبارهم لا يقاضون ولا يقرأون ولا يواجهون الحبر باختراع ألفريد نوبل.
وكان ذلك يؤلمني، ليس بسبب الرؤساء الذين يشتَمون، فلا نعرف أحداً منهم، ولا يهمنا أحد منهم، أمس واليوم وغداً، وإنما لأن مثل هذا السلوك خالٍ من الأخلاقية المهنية تماماً. وعندما نجح جورج دبليو بوش بالرئاسة، شعرت أن أوصافاً كثيرة تنطبق عليه وتفرج عن كربتي، لكنني بحثت في قاموس المترادفات عن أقرب النعوت المقبولة ما بين الموضوعية والأخلاقية.
هناك أيضاً رونالد ريغان، المعروف ببساطته وضعف ذاكرته. وقد أنتج هو فيلماً عن هفواته لإضحاك العالم. لكن الصحافيين العرب فضلوا أن يشيروا إليه دوماً بـ«الأحمق». رجل يفوز مرتين برئاسة أميركا بأكثرية ساحقة، ويربح الحرب الباردة على الروس، ويفوز مرتين بأكثرية كبرى في حاكمية كاليفورنيا، حيث عدد موظفي الموانئ وحدهم نصف مليون بشري، ويكون رغم كل ذلك، أحمق، بشطحة قلم؟
أليس هناك من وصف، أو صفة أخرى؟ بلى. عثرت عليها في مذكرات وزير خارجية مارغريت ثاتشر، الذي يقول إنها أُعجبت كثيراً بذكاء الزعيم الروسي غورباتشوف، وأبدت إعجابا كبيراً بالملك حسين ورونالد ريغان، «والأول لأنه كان ملكياً وودياً. لكنها لم تعتقد أن ريغان كان على ذكاء شديد».
كان هناك شبه إجماع على أن ريغان قليل الذكاء، حتى من أقرب الحلفاء إليه؛ مارغريت ثاتشر. لكن أحداً لم يقل إنه أحمق. فقط الذين لا يملكون الوقت للبحث عن مفردة لائقة.